يقف كتابنا “التقدميون” من المسائل الثقافية السياسية المعاصرة في منطقة رمادية باهتة يمكن تلوينها بسرعة فائقة حسب هبوب النسيم حتى “العليل” منه ، في موقف فردي يبغي تجاوز الاسئلة الواقعية او الدنيوية ، مستندين الى شعارات او رواسب تهويمية تقارب العامي من القول وربما تتجاوزه في عاميته وعصابه في مسائل لا يمكن العبور عنها او فيها بالاتكاص الى خلف بغض النظر اذا كان هذا الخلف تراثيا او نهضويا كلاسيكيا ، والمهم هنا انه وعلى الرغم من تقدميتهم الصارخة يتوسلون ويبتغون ، ادوات وغايات تقود الى التراثية التي ما زالو ا يقارعونها ، تحت شعار التقدمية اياه .

والقول هنا حول تناول كتابنا “التقدميون” للعولمة ، ومع ان العولمة ليست معركة الا مع الذات ، الا انهم يعودون بنا الى ذكريات الماضي التليد لأثبات عدم صلاحيتها حيث يلتقون مع الماضويين في كل شيىء ، لدرجة انهم يحضرون الارضية النظرية والعملية للالتقاء مع التيارات السلفية التي تختلف فقط بصياغة اللغة ، فالعولمة عدو اصالتنا وهويتنا واخلاقنا وذاكرتنا وأدياننا وحتى متاحفنا ، ويكفي ان يصوت الاوربيون ضد الدستور “هو دستور” الاوربي حتى يعتبرونها صحوة ضد العولمة حفاظا على اصالتهم ، وهو ما اعتبروه دليل ليس على فساد العولمة بل على اساءة استعمالها في خلط عجيب بين ما يمكن تسميته التقدمية والرجعية ، لم يذكر احد من جهابذتنا ان العولمة ضد صناعتنا واختراعاتنا وابداعاتنا لم يذكر احد ان العولمة هي تحد لذاتنا الاصلية “وليست الاصيلة” مع ذاتنا في مقدرتنا على مواكبة العصر ، فكل عصور النهضة العالمية من الثورة الصناعية حتى الآن لم تمس شعرة في تفكيرنا الاصيل والحماسي واستطعنا مقاومتها بالذاكرة والتراث والاخلاق الحميدة ، ولكننا وفي المقابل خسرنا كل … كل معاركتنا التنموية والثقافية والعسكرية ولن نحاقظ على تراثنا ، لاننا سوف نركب سيارة او طائرة عولمية وهذه لها اخلاقها ، ونتفرج على فضائيات عولمية وهذه ايضا لها اخلاقها ومرتكزاتها ، وسوف نضطر ان نأخذ ادوية عولمية ونجري عمليات جراحية