صرحت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس بانه اذا كانت الاشتباكات الاخيرة بين القوات السورية وعناصر مسلحة في دمشق وعلى الحدود اللبنانية -السورية، تهدف الى وقف نشاطات المتمردين في العراق، فان ذلك يعتبر “أمراً جيداً”، لكنها كررت اتهام دمشق بانها لم تقم في السابق بما فيه الكفاية لاحتواء هذه العناصر ووقف نشاطاتها.

وهو التعليق الاميركي الاول على الاشتباكات، وقد صدر خلال لقاء والصحافيين شارك فيه وزير الخارجية الفرنسي فيليب دوست بلازي عقب اجتماعه مع رايس.

وأوضحت الوزيرة الاميركية انها ناقشت مع دوست بلازي قضايا عدة في الشرق الاوسط، و«تحدثنا بالطبع عن لبنان وضرورة مواصلة التقدم في اتجاه التطبيق الشامل للقرار 1559"، الى عملية السلام وغيرها من القضايا.

وأشاد الوزير الفرنسي بالتعاون الفرنسي - الاميركي في قضايا عديدة، قائلاً: "لقد اثبتنا ان الولايات المتحدة وفرنسا يمكن ان تتعاونا في قضايا ملموسة جدا: لبنان وسوريا واسرائيل وفلسطين، الى قضايا منع انتشار اسلحة الدمار الشامل، وايران بالطبع».

وسئلت رايس عن الاشتباكات الاخيرة في سوريا، وما يقوله المسؤولون السوريون من انها تدحض الانتقادات الاميركية لدمشق بانها لا تقوم بما فيه الكفاية لوقف الارهاب عبر حدودها، وما اذا كانت سوريا تستحق الثناء على ما تفعله، فأجابت: «أواصل أملي في ان يلتزم السوريون واجباتهم الدولية المتعلقة بالعراق، أي ان يفعلوا كل ما في وسعهم للسيطرة على حدودهم. أنا أيضا قرأت التقارير عن الاشتباكات بين القوات السورية والمتمردين العراقيين، أو مع حراس صدام حسين. واذا كان هذا هو الحال، عندها اعتقد انه أمر جيد... لكن الوضع في السابق هو ان سوريا قامت بالحد الادنى. آمل في ان تفعل سوريا هذه المرة كل ما في وسعها للسيطرة على حدودها».

وكانت العلاقات الاميركية – السورية تعرضت قبل أيام لضربة قوية عقب اعلان وزارة الخزانة الاميركية تجميد أي ودائع في المؤسسات المالية الاميركية لوزير الداخلية السوري اللواء غازي كنعان، ورئيس جهاز الامن والاستطلاع للقوات السورية السابق في لبنان العميد رستم غزالة بسبب ما وصفته الوزارة بتورطهما في اعمال فاسدة في لبنان وتسهيلهما للارهاب خلال خدمتهما فيه كمسؤولين عن المخابرات السورية.

وكان مساعد الوزيرة رايس لشؤون الشرق الاوسط السفير ديفيد ولش قد استدعى السفير السوري لدى واشنطن عماد مصطفى بعد ظهر الخميس الماضي لاعلامه رسميا بالقرار الاميركي في شأن كنعان وغزالة. وقالت مصادر مطلعة ان هذا الاجتماع، وهو الثاني بين ولش ومصطفى في غضون اسابيع، كان فظا ومباشرا مثل الاجتماع التعارفي الاول بينهما. وبينما احتج السفير مصطفى على القرار الاميركي قائلا، وفقا للمصادر، ان واشنطن لم تقدم أدلة مقنعة ضد المسؤولين السوريين وكرر رغبة حكومته في اجراء حوار مع واشنطن لحل الخلافات بين البلدين، رد ولش مكررا المطالب الاميركية المعروفة من سوريا، سواء بالنسبة الى لبنان، أم التنظيمات الفلسطينية، أم العراق، وأوضح ان وقت الحوار قد فات وان المطلوب من سوريا هو ببساطة تغيير سياساتها، اذا أرادت فعلا تحسين علاقاتها مع واشنطن.

وعن الاشتباكات الاخيرة في سوريا، قالت مصادر اميركية تراقب الوضع عن كثب، انه لم تتوافر لديها حتى الآن صورة واضحة عن طبيعة تلك الاشتباكات، وان لم تستبعد ان تكون فعلاً ضد عناصر “جهادية” او من انصار النظام العراقي السابق، ربما كانت تعمل على تنظيم صفوفها او جمع الاموال من مصادر في سوريا او في لبنان (في اشارة الى الاشتباكات قرب الحدود مع لبنان)، او ان تكون اشتباكات مع عناصر اجرامية. واضافت انه اذا كانت الاشتباكات مع الجهاديين الناشطين في العراق، او مع مقربين من الرئيس العراقي السابق، فإن اعلان الحكومة السورية لها مجرج من جهة، لان اي اشتباكات في العاصمة السورية تثير تساؤلات عن مدى سيطرة السلطات الامنية على الاوضاع في البلاد، لكنه في المقابل يبين ان الحكومة السورية جادة في سعيها الى التصدي لنشاطات الجهاديين كما تطالب واشنطن، وانها هي ايضاً مستهدفة من الارهابيين، الذين يضربون الاميركيين والعراقيين.

وكانت السلطات السورية كثفت اخيراً دورياتها على الحدود مع العراق، ونظمت جولات ميدانية لديبلوماسيين معتمدين في دمشق وللمراسلين الاجانب على الحدود السورية – العراقية لشرح الاجراءات التي اتخذتها لضبط الحدود ومنع التسلل. ومع ان المسؤولين الاميركيين يعترفون بأن سوريا قد اتخذت بعض الاجراءات الامنية على حدودها مع العراق، الا انهم يكررون دوماً ان هذه الاجراءات اما ضئيلة واما غير كافية او متأخرة، ويطالبون بالمزيد، الامرالذي يدفع المسؤولين السوريين الى القول انهم باتوا مقتنعين تقريباً بأن واشنطن لن تغير موقفها المتصلب من دمشق، بغض النظر عما يمكن ان يفعلوه في هذا المجال.

مصادر
النهار (لبنان)