اعتبر حزب سوري معارض أن ما يجري من اختناق على الحدود اللبنانية ـ السورية هو إجراءات ثأرية سورية بسبب نتائج الانتخابات اللبنانية الأخيرة، فيما حذر مسؤولون سوريون من تحويل مشكلة الشاحنات اللبنانية «التقنية الإجرائية» إلى قضية سياسية، بدأت تتدخل فيها الأطراف الدولية، مؤكدين أن ذلك من شأنه أن يفاقم الأمور بين سوريا ولبنان لا أن يساهم في حلها.

واعتبر حزب الشعب الديمقراطي المعارض (جناح رياض الترك) في نشرة «الرأي» الناطقة باسمه أن مزارعي البقاع لم يتوقعوا «أن تصل أعمال الثأر إلى رؤوس الثوم والبصل انتقاماً للرؤوس النيابية المتساقطة في الانتخابات الأخيرة من أمثال: عاصم قانصوه وإيلي الفرزلي».

وأضاف الحزب المعارض: «طوال ثلاثين عاماً، بقيت الحدود مفتوحة ومنتهكة براً وبحراً وجواً، واستمرت الطرق المدنية والعسكرية تنقل البضائع المشروعة وغير المشروعة، نظامياً وبإطار القوانين أو بالقفز عليها . ولم يجد أصحاب الحل والربط في البلدين أي حاجة لـ «تنظيم الجمارك»، كما يحصل الآن على يد الإخوة في الشقيقة الكبرى، فأي حكمة في ذلك ولماذا الآن بالذات ؟!».

وقال: «ليس للشعب السوري إرادة ولا مصلحة في إساءة معاملة الإخوة اللبنانيين، وليس للاقتصاد السوري فائدة في ضرب الاقتصاد اللبناني، والتعرض لفلاحي لبنان وفقرائه». في غضون ذلك، قال سائقون ومواطنون لبنانيون وسوريون كانوا يعبرون أول من أمس عبر منفذ الدبوسية الحدودي مع لبنان بالاتجاهين إن السلطات السورية تقدم لهم كل التسهيلات الممكنة وتتعامل بمرونة مع القادمين والمغادرين.

وقال عبد الهادي درويش أمين جمارك الدبوسية في تصريحات للمراسلين الصحافيين الذين نظمت وزارة الإعلام جولة لهم إلى المعبر:

«إن السبب الرئيسي للازدحام الذي يشهده المعبر إنما يعود إلى ضيق الجسر الذي يربط بين سوريا ولبنان في المنطقة والذي يعود إلى حقبة الانتداب الفرنسي على سوريا ولبنان»، لافتاً الى «أن هناك أعمالاً قيد الإنشاء من الجانب السوري لتوسيعه وتدعيمه».

ويحمّل المسؤولون السوريون الجانب اللبناني المسؤولية عن تفاقم الازدحام على معبر الدبوسية. وقال درويش: «لقد تقدم بعض السائقين وأسماؤهم موجودة لدى الأمانة بشكاوى رسمية حول رشاوى تدفع في الجانب الآخر من الحدود وتتراوح بين 50 و 100 دولار للسيارة الواحدة حتى يسمح لها بتجاوز الدور والعبور بسرعة إلى الحدود السورية الأمر الذي أدى إلى نشوب خلافات بين بعض السائقين فضلاً عن إغلاق الطريق بالاتجاه الآخر».

وتابع درويش أن بعض مقدمي الشكاوى أفادوا بأنهم تعرضوا للضرب المبرح لدى اعتراضهم على الرشاوى واختراق الدور بغير استحقاق في منطقة العبودية وهي آخر نقطة من الحدود اللبنانية قبل الوصول الى معبر الدبوسية.

وشرح أمين جمارك الدبوسية بأن كثيراً من الشاحنات في الجانب اللبناني من الحدود هي شاحنات سورية ومتوجهة إلى سوريا وبالتالي فمن غير المعقول أن تعمل سوريا ضد مصالحها علماً أنها لم تتعامل مع السائقين اللبنانيين ولن تتعامل إلا على قدم المساواة مع السوريين.

مؤكداً «أن الشاحنات المبردة التي تحمل بضائع تفسد بسرعة تعامل بالأولوية في العبور وهذا ما لمسناه من خلال تأكيد سائقي الشاحنات المبردة الذين قالوا انهم عبروا الحدود بعد ساعات من شحن بضائعهم من لبنان».

ويرى المسؤولون السوريون الذين تحدثت «البيان» معهم أن محاولات بعض الأوساط اللبنانية استغلال هذه الإشكالية سياسياً للضغط على سوريا وإظهارها وكأنها تحاصر لبنان اقتصادياً من شأنه أن يعمق من شقة الخلاف بين دمشق وبيروت ويترك آثاراً سلبية على العلاقة بين الشعبين خصوصاً أن ذلك يترافق مع حالات اعتداء متكررة على العمال السوريين والحافلات السورية.

وفي تفسيره لما جرى، قال مصدر سوري إن العلاقات بين سوريا ولبنان كانت أكثر من طبيعية إذ كان السائقون والشاحنات اللبنانية يحظون بمعاملة تفضيلية أكثر من عادية، أما الآن فقد عادت الأمور إلى طبيعتها وأصبحت الإجراءات عادية وغير تفضيلية، وهذا مافهم على أنه عرقلات ولكنه في حقيقة الأمر عودة الأشياء إلى نصابها.

مصادر
البيان (الإمارات العربية المتحدة)