الأيام الفظيعة خطيرة هذه السنة بشكل خاص. الوضع أشبه ببرميل ضخم مليء بالوقود، البارود والمواد المتفجرة، تحوم حوله صواعق تفجيرية محاولة الوصول إليه، إشعاله وتفجير كل شيء.

الجندي الذي ارتكب مذبحة أمس بحق ركاب الحافلة كان من المزمع أن يكون واحداً من تلك الصواعق التفجيرية. يتعيّن التحلّي بالأمل والدعاء في أن يكون فشل في مهمته إشعال الأرض. فهذا الجندي كتب في رسالة تركها "أنا لا أستطيع أن أكون جزءا من الجيش الذي يطرد يهوداً"، ثم ذهب لقتل العرب. علينا التحلّى بالأمل في أن يرى آلاف الذين يؤيدونه سراً أو علانية، أنه فشل، أنه لم ينجح في وقف فك الارتباط، لم يجد نفعاً، لم يسرع "تدخل المسيح المنتظر"، وأنه ضحى بنفسه عبثاً.

إنه ليس وحده، فثمة مئات مثله، وربما الاف. فقد أظهرت استطلاعات سرية قامت بها في الآونة الأخيرة هيئات رسمية، وجود ارتفاع دراماتيكي في عدد الإسرائيليين المستعدين لأن ينفذوا بأنفسهم أعمال عنف لوقف فك الارتباط. ويدور الحديث عن أعداد مرعبة لا سيما في أوساط الجمهور الديني ـ القومي (والذي ينشد في معظمه السلام والقانون). فما هو العمل العنفي؟ إنه يبدأ بفتح النيران داخل حافلة في مدينة عربية، مروراً بشن هجوم همجي على بلدة عربية ومحاولة الاعتداء على الحرم القدسي، انتهاء بمحاولة اغتيال رئيس الحكومة. يتعيّن الصلاة والدعاء من الآن حتى السابع عشر من آب، 12 يوماً طويلاً ومشحوناً.

في حال تحققت نبوءات الغضب يمكن أن تكون مذبحة شفاعمرو مقدمة واضحة لما ينتظرنا. الذروة ستحين في الرابع عشر من هذا الشهر، التاسع من آب (وفق التقويم العبري)، مع قيام عشرات آلاف المصلين اليهود بالصراخ عند حائط المبكى (البراق)، مع آلاف المسلمين "المحامين عن الأقصى" في الحرم القدسي. فمجانين كل المنطقة يحتشدون الآن، يخططون لتفجير كل شيء علينا. لا ينقص سوى شرارة صغيرة، صاعق مخفي ومتطوّر يتم تهريبه وتجاوز صفوف الحراسة، حتى يُحدث سلسلة ردود كوارثية. هذا وقت بذل كل جهد ممكن بما في ذلك الاعتقالات الإدارية بغية وقفهم.

في الأسبوع الماضي جرى نقاش لدى وزير الأمن الداخلي، جدعون عزرا، حول موضوع الحرم القدسي. يشار الى أن عزرا ونائبه يعقوب عدري، قاما خلال الأشهر الأخيرة بتعزيز الحراسة حول الحرم قدر استطاعتهم، لكن نقطة الضعف الرئيسية بقيت تتعلق باحتمال الهجوم من الجو. وإذا ما حصل حدث ما، فالله هو الرحيم. ويكفي تصاعد "دخان أسود من الحرم القدسي"، من دون أهمية للحجم والسبب، حتى تهتز الأرض. هذا ما يعرفه رفاق "الجندي" الذي ثار جموحه في الحافلة أمس. ويتضح أن له عدد كبير جداً من الرفاق، من أولئك الذين يؤمنون أنهم "انتُخبوا" لتسريع تدخّل المسيح المنتظر، التدخّل الإلهي، الذي سيجلب النجاة، والذي سنقيم هنا في أعقابه، بإذن الله دولة يهوده.

إن العمل البشع الذي حصل أمس في شفاعمرو يعرّض للخطر نسيج الحياة الدقيق في أماكننا. ومن شأن المتعصبين من نوعية المجرم الذي ارتكب جريمة شفاعمرو، التخطيط للمس بجنود دروز أو بدو، وبعناصر من حرس الحدود من غير اليهود، وبكل من لا ينتمي الى الشعب المختار. كل شيء مسموح، كل شيء مباح، وكل شيء ممكن في الطريق لوقف فك الارتباط. هذا الوضع يطلقون عليه اسم الحرب. وبغية الفوز في الحرب يتعيّن إزالة القفازات واقتلاع الوباء.

مصادر
هآرتس (الدولة العبرية)