تشير المؤشرات الى أن «الحد من التطرف الإسلامي» بات أولوية لدى السلطات السورية عبر الشغل على محاور سياسية وأمنية وتثقيفية وتنموية كان آخرها تنظيم وزارة الأوقاف ورشة عمل لخطاب مساجد من كل المحافظات السورية بهدف «تجديد شؤون الخطاب الديني» حضرها 150 خطيباً وعدد من العلماء «المنفتحين»، بينهم وزير الأوقاف زياد الدين الأيوبي ومفتي سورية أحمد الحسون.

وتكتسب الندوة أهميتها لدى تلمس الارقام السورية عن مدى انتشار الإسلام في سورية العلمانية. فعندما «يتواضع» القيمون على وزارة الأوقاف السورية، يقولون إن 30 في المئة من الشعب السوري يؤدون صلاة الجمعة. وعندما يجرون عملية حسابية تراكمية ترتفع تقديراتهم، ويقولون إن 12 مليون سوري «يتلقون» خطبة الجمعة من اصل نحو 18 مليون سوري.

وفيما قال معاون وزير الأوقاف عبدالرزاق مؤنس لـ «الحياة» إن عدد المساجد في سورية يتراوح بين 7 و8 آلاف مسجد، مع تأكيد وجود خمسة آلاف منبر بخمسة آلاف خطيب، ما يعني توجه 30 في المئة من السوريين الى الجامع أسبوعياً، قدر الشيخ الحسون عدد المساجد بنحو عشرة آلاف، مشيراً الى أن أربعة ملايين شخص يؤدون فيها صلاة الجمعة. وأوضح: «تدل الاحصاءات أن وراء كل واحد هناك زوجة وأولاد، ما يعني اننا نخاطب يوم الجمعة 12 مليوناً، يعجز أي حزب أو منظمة في جمع كل هؤلاء لتوجيه خطاب».

في المقابل، هناك نحو مليوني شخص ينتمون الى حزب «البعث» الحاكم و79 مركزاً ثقافياً تابعاً للحكومة وأربعة مسارح رسمية تقدم سنوياً نحو 27 مسرحية. كما أن الصحف الرسمية الثلاث تبيع يومياً نحو 60 ألف نسخة.

واستند وزير الأوقاف الى هذه المعطيات ليشدد على دور خطباء المساجد، اذ قال ان «الخطورة على سورية ليس من غزو يقدم عليه الاميركيون، بل من غزو قيمنا وفكرنا»، قبل أن يشدد على ضرورة «ربط الخطاب الديني بالاقتصاد والتنمية ومحاربة الفقر»، علماً ان في سورية نحو 5.3 مليون فقير بينهم مليونا شخص «لا يحصلون على الحاجات الأساسية».

وكانت سورية وقعت مع «البرنامج الانمائي للأمم المتحدة» اتفاقاً لتقديم الدعم لتطوير دور علماء الدين. وجاء في نص المشروع تأكيد على «تعزيز دور علماء الدين في المشاركة في عملية التنمية الاجتماعية الاقتصادية»، وانه سيقدم الى «علماء الدين والمؤسسات الدينية برنامجاً للتأهيل ولتطوير وتعزيز قدرات المؤسسة الدينية، ومهارات العاملين فيها، وادخال بعض الأفكار والأساليب التنموية في أولويات برامج هذه المؤسسة ما يهدف في النهاية الى تطوير دور المؤسسة الدينية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبشرية في المجتمع وتخفيف وطأة الفقر، اضافة الى مهماتها الأساسية».

لكن المتحدثين في افتتاح الندوة حرصوا على التأكيد على ان انعقاد الندوة لم يأت بضغط خارجي، اذ قال الايوبي: «لا نلتقي هنا استجابة لضغوط خارجية أو املاءات أجنبية، بل استجابة لواجب شرعي كي نعلم ما نقول ونعرف الزمن والواقع ونخاطب الناس خطاباً صحيحاً»، الأمر الذي أضاف اليه الشيخ الحسون تشديداً على أن «تجديد الخطاب لا يمس الثوابت». بعدها دخل المشاركون في نقاشات لتحديد «الصفات الواجب وجودها في الخطيب» بينها «الشجاعة من دون التهور والجرأة مع الحكمة» لأن «كلمة ممكن ان تعمل فتنة في البلاد لا نعرف كيف نحلها».

وكان الرئيس بشار الاسد أكد خلال استقباله الشيخ الحسون لدى تعيينه مفتياً عاماً قبل أيام، أهمية وجود «خطاب ديني منفتح في التوعية وتصويب الأمور وتحقيق العدل والمساواة والتسامح في المجتمع».

وشهدت سورية في الاسابيع الأخيرة بعض الحالات المعبرة عن «التطرف الاسلامي» في عدد من المدن السورية. شملت اعتقال اسلاميين. كما اعلنت السلطات والتحقيق مع نحو أربعة آلاف سوري قاتلوا في العراق.

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)