قبل أربعة اشهر من الانتخابات الرئاسية الإيرانية، ما زال مجهولا من سيكون المرشح الذي سيخلف الكاريزماتيكي محمد احمدي نجاد للسنوات الأربعة المقبلة. وحسب الدستور فان الرئيس قد أتم ولايتين رئاسيتين متتاليتين لذلك فإنه لن يترشح لكنه يستطيع عدم الابتعاد عن السلطة والعودة في الانتخابات التالية على طريقة فلاديمير بوتين.

ففي عام ٢٠٠٩ هزت المظاهرات العاصمة طهران وأصفهان : فمناصروا المرشح الليبرالي اتهموا السلطة بتزوير نتائج الانتخابات، صحيح ان هذه الحركة قد تم إخمادها لكنها تركت جرحا عميقا عند الشباب. واقفلت بمظاهرة ضخمة لدعم مؤسسات الثورة الإسلامية . والايرانيون ، حتى المقتنعين بحجج الخاسر آنذاك أخذوا عليه دعوته للانتفاضة.

الشباب لم يقرأ برنامج السيد موسوي ويجهلون تمجيده للرأسمالية الشاملة. ويتصورونه خطأ ، ليبرالي في موضوع التقاليد. ومهما يكن من امر فهم مقتنعون ان عليهم الاختيار بين حريتهم و "النظام" وهم بذلك هجروا الاحتفالات الوطنية.

مستشارة عنف الضربة أجلت السلطة الاستعراض التقليدي بعد ان عمدت إلى الدفاع إعلاميا. ففي تحليل للفيديو الشهير الشابة ندى التي ادعت المعارضة أن قوات الأمن قتلتها إبان إحدى التظاهرات، اثبت الخبراء ان المسألة لم تكن سوى تلفيق. كما نظمت السلطات مجموعات للنقاش بإدارة الشباب ولوحظ اتساع المشاركات لمن هم دون الثلاثين من العمر وظهر ذلك جليا في الاحتفالات الوطنية الأخيرة.

من جهتها لم تدخر الولايات المتحدة جهدا لزعزعة المجتمع الإيراني واللعب على صراع الأجيال. فقد أنشأت أكثر من مئة محطة تلفزيونية بالغة الفارسية لاغراق البلاد ب"الحلم الأميركي" واستطاعوا جذب المشاهدين الإيرانيين إلى أبنيتهم بديلا عن التلفاز الوطني لكن ليس مؤكدا أنهم اقنعوهم في العمق.

وبينما كان العالم يتحضر لثورة ملونة جديدة جاءت المفاجأة من التحالف الحاكم في طهران. فقد استعر الخلاف التقليدي بين القوميين والإسلاميين وانتهى بتفجيره علنا أمام الرأي العام. فقد تبادل الرئيس محمد احمدي نجاد ورئيس البرلمان علي لاريجاني الاتهامات بحماية معاونيها الفاسدين. وانتشرت الصور بشكل هائل على أقنية التلفزة العالمية باللغة الفارسية، رغم ذلك فإن المرشد الأعلى اية الله علي خامنئي لم يتدخل للتهدئة بين المتنازعين.

وحافظ الرئيس نجاد على الدعم الشعبي الكثيف الذي كان له. لحملة التحول الصناعي الكثيف وتوزيع أرباح النفط على شكل مساعدات شهرية لكل راشد وبناء المساكن وتوزيعها بأسعار مدعومة من الدولة كلها أمور جعلت الفلاحين والعمال مقربين منه.

واحملي نجاد الواثق من فوز مرشحه للانتخابات الرئاسية، جعله يواجه الاتجاه الإسلامي مؤكدا انه مستمر بدعم مطالب الشباب حتى انه ذهب للسماح باحتفالية جمالية الحجاب لينتقد قانون إلزامية الحجاب.

علي لاريجاني يعرف جيدا ان خصمه يح يتخطى الخطوط ليفرض ترشيح مدير مكتبه اسفنديار رحيم مشاعي، هذا الأخير مهتم بمراجعة الخطب الرئاسية الرسمية لتعديل المرجعيات الدينية باتجاه شموليتها وعالميتها وخروجها من إطارها الشيعي البحت. فيما رد الإسلاميون بنشر ضجة تؤكد ان عائلة احمدي نجاد فقد عقلها وأنها تعتقد أنها على اتصال مباشر ب "المهدي" وتنتظر عودته بحجز مقعد له في مجلس الوزراء.
..

والإعلام الغربي أصيب بازدواج الشخصية. ففي الوقت الذي تناقش قنواتهم التلفزيونية هذه الحالة، تستمر قنواتهم باللغات الأوروبية لا تنطق بكلمة وتستمر بالقول لمشاهديها ان ايران محكومة بدكتاتورية دينية يتحكم بها الملالي. لكن في حزيران المقبل فإن الشباب الذين نزلوا إلى الشارع ضد "النظام" سيكونوا أكثر مناصري مرشح احمدي نجاد حماسة.

مصادر
سوريا