اجتماع البعثتين الأمريكية والرّوسية في جنيف، ٢١ كانون الثّاني ٢٠٢٢.

يأتي هذا المقال في سياق:
 ١ تريد روسيا أن تجبر الولايات المُتّحدة الأمريكية على احترام ميثاق الأُمم المُتّحدة، ٤ كانون الثّاني ٢٠٢٢.
https://www.voltairenet.org/article215200.html
 ٢ تواصل واشنطن مشروع مؤسّسة راند في كازاخستان، ثمّ ترانسنيستريا، ١١ كانون الثّاني ٢٠٢٢.
https://www.voltairenet.org/article215272.html
 ٣ واشنطن ترفض الإستماع إلى روسيا والصّين، ١٨ كانون الثّاني ٢٠٢٢.
https://www.voltairenet.org/article215365.html

أجاب كلٌّ من النّاتو والولايات المُتّحدة على اقتراح روسيا المُتعلّق بِمعاهدة تضمن الأَمن (وهو اقتراحٌ كان الكرملين قد أعلن عنه في ١٧ كانون الأول ٢٠٢١) في ٢٦ كانون الثّاني ٢٠٢٢، أي بعد شهرٍ ونصف.

إقترحت روسيا أن يحترم البلدَين ميثاق الأمم المُتّحدة، وأن تحترم واشنطن الوعود الشّفهيّة الّتي كانت قد أعطتها فيما يتعلّق بعدم توسّع النّاتو إلى ما وراء خطّ أودر-نايسه الّذي يفصل بين ألمانيا وبولندا.

تُحافظ الولايات المُتّحدة على سِرّيّة جوابها. أكّد وزير الخارجية أنطوني بلينكن أنّ بلاده ترفض فكرة تقييد توسّع النّاتو بأيّ شكل. ذهب وزير الخارجية البريطاني بين والاس أبعد، مؤكّداً أمام مجلس العموم أنّ: "العديد من البلدان قد انضمّت إلى حلف النّاتو بناءً على الإرادة الحُرّة الّتي عبّرت عنها حكوماتها وشعوبها، وليس لأنّ النّاتو أجبرها على ذلك".

ذكّر وزير الخارجية الرّوسي سيرجي لافروف أنّ الولايات المُتّحدة، المملكة المُتّحدة، وجميع الدّول العُضوة في منظّمة الأمن والتّعاون كانوا قد وقّعوا على إعلانَي إسطنبول (١٩٩٩) والأستانة (٢٠١٠). وقّع ٥٧ رئيس دولة أو حكومة على هذين المُستَنَدين الّلذين ينصّان على ما يلي:
 أوّلا، أنّ كلّ دولة حرّة في الإنضمام إلى الحِلف العسكري الّذي تختاره؛
 ثانياً، أنّ كلّ دولة مُلزمة بألّا تُعزّز أمنها على حساب أمن الدّول الأخرى.

ليس من المشكوك بأمره أنّ انضمام الأعضاء السّابقين في حلف وارسو إلى النّاتو، ممّا يعني نشر الأسلحة الأمريكية على أراضيهم، يهدّد أمن روسيا.

أمّا مُلاحظة بين والاس المُتعلّقة بإرادة الشّعوب أن تنضمّ إلى النّاتو، فهي خاطئة بالنّظر إلى الوقائع. في الإستفتاء الشّعبي المُتعلّق بِانضمام مقدونيا الشّمالية إلى النّاتو (٣٠ أيلول ٢٠٢١)، أجاب ٩١.٤٦٪ من المُقترِعين "نعم"، ولكنّهم لم يُمثّلوا إلّا ٣٣.٧٥٪ من النّاخبين. بالإضافة إلى ذلك، طالما لم تقبل جميع الدّول العضوة في النّاتو بانضمام إحدى الدّول إلى الحِلف، يبقى هذا الإنضمام غير شرعي.

شرح الأمين العام للّناتو يِنز ستولتنبرغ جواب الحِلف (الّذي بقي سرّياً) على اقتراح روسيا [1]. تضمّن الجواب ثلاث اقتراحات واشتراطاً واحداً:
 إعادة فتح البعثات الدّبلوماسية بين النّاتو وروسيا؛
 الشّروع في نقاشاتٍ جديدةٍ فيما يخصّ ضبط التّسلُّح والقواعد المتعلّقة بالصّواريخ القصيرة والمتوسّطة المدى؛
 إقتراح قواعد جديدة فيما يتعلّق بشفافيّة التّدريبات العسكريّة والمنهجيّة النوويّة.
 إخلاء ترانسنيستريا، القرم، أبخازيا، وأوسيتيا الجنوبية الّلواتي يحتلُّهُنَّ الجيش الرّوسي في مولدافيا، أوكرانيا، وجورجيا.

تهدف الإقتراحات الثّلاث إلى الحدّ من احتمال وقوع حربٍ نوويّة، وتبتعد عمّا نعلمه من الجواب الأمريكي، بحيث أنّها تنمّ عن مناقشاتٍ حقيقية. تُظهِر هذه الإقتراحات أنّ أعضاء النّاتو يعلمون جيّداً مخاطر الحرب النّووية.

يُظهِر اشتراط إخلاء ترانسنيستريا، القرم، أبخازيا، وأوسيتيا الجنوبية، مرّةً أُخرى، أنّ الكتلة الغربية ترفض حقّ الشّعوب في اختيار مصيرها، الّذي يضمنه ميثاق الأمم المُتّحدة. يُظهر تاريخ هذه المناطق الأربع أنّ الشّعوب الّتي تقطنها مُختلفةٌ عن المولدافيّين، الأوكرانيين، والجورجيّين. لم يكن هنالك أيّ تطهيرٍ عرقيّ، واختار كلّ شعبٍ استقلاله عن طريق الإستفتاء الشّعبي. بالإضافة إلى ذلك، طلبت شبه جزيرة القرم المُستقلّة أن تنضمّ إلى دولة روسيا الفدرالية، الّتي قَبِلَت ذلك.

تجري الأمور كما لو كان كلٌّ من الولايات المُتّحدة والنّاتو مصابين بالطّرش في وجه روسيا.

بالنّسبة للرّئيس فولوديمير زيلينسكي، لا تهدّد روسيا بِاجتياح اوكرانيا.

خلال الأسابيع الماضية، قامت إسبانيا، إستونيا، إيطاليا، بلغاريا، بولندا، الدّانمارك، رومانيا، ليتوانيا، لاتفيا، والمملكة المُتّحدة بإرسال عتادٍ أو نشر جنودٍ في اوكرانيا بهدف الدّفاع عنها [2]. لم تكن الصّحافتين الأمريكية والبريطانية وحيدتين في نشر الإشاعات، بل انضمّت إليهما صحافة اوروبا الوسطى، الشّرقية، ودول البلطيق. هذا بالرّغم من أنّ الرّئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ووزير الدّفاع الأوكراني ألكسي ريزنيكوف لم يتوقّفا عن تكرار أنّ هذا الخطر غير موجود، وأنّ بلادهم غير مُهدّدة على المدى القريب [3].

هذا الإختلاف الهائل ضمن الكتلة الغربية صادِم، ويؤكّد أنّ الولايات المُتّحدة تفكّر في إطارٍ منفصلٍ عن الواقع. بالطّبع، كانت روسيا تتوقّع أن ترفض الولايات المُتّحدة المُعاهدة المُقتَرَحة، ولكنّها لم تتوقّع سيل الهراء الخارج من فم واشنطن، الخالي من أيّ حجّة والرّافض لجميع حجج روسيا. يبدو أنّ الرّئيس بايدن قد تبنّى استراتيجيّة الرّئيس السّابق ريتشارد نيكسون في وجه الإتّحاد السّوفياتي: نظريّة "الرّجل المجنون". تقضي هذه النّظريّة بتبنّي مواقف متناقضة بنبرةٍ عدوانيّةٍ، بهدف تخويف الخصم وحمله على التّراجع. أو، بعبارة البروفسّور توماس شيلِّلنغ، التّحدّث عن "خطرٍ يترك السّاحة للعشوائيّة". كانت هذه الإستراتيجيّة قد فشلت في حرب الفييتنام، وليس من المتوقّع أن تنجح في محاولتها الثّانية، خصوصاً أنّ فريق عمل الرّئيس فلاديمير بوتين أكثر حنكةً من فريق عمل السّكرتير الأول ليونيد بريجنيف. خدعة لاعب البوكر تواجه هنا حسابات لاعب الشّطرنج.

من السّهل إيجاد حلٍّ دبلوماسيٍّ للتّوتّر المحيط بأوكرانيا. أولا لأنّه، بالرّغم من عدم توقّف واشنطن وبروكسل (مركز النّاتو) عن التّذكير بِحقّ أوكرانيا في الإنضمام إلى الحِلف، فإنّ ذلك غير واردٍ على الإطلاق، لا اليوم ولا على المدى المتوسّط. ثانياً لأنّه يكفي أن يستعيد الحِلف إعلانه عام ١٩٩٦، بأنّه "لا ينوي، لا يخطّط، ولا سبب لديه لِنشر أسلحة نووية على أراضي أعضائه الجدد" – إعلان "لا" الثّلاث -، حتّى تعود الماء إلى مجراها على المدى القريب، على الصّعيد العسكري [4]. يبقى أنّ السّؤال الّذي تطرحه روسيا أوسع بكثيرٍ من تواجد القوّات العسكرية في اوكرانيا، ويتعلّق بِاحترام المُعاهدات.

بينما تتواجه الدّولتان الكُبريان في هذه اللّعبة الغريبة، يحاول كلٌّ من حلفاء واشنطن أن يلعب لعبةً خاصّةً به.

أوّلا، المملكة المُتّحدة، الّتي أعادت تفعيل شبكات ستاي بيهايند السّرّيّة الّتي تعود إلى الحرب الباردة. كثيرٌ ما ننسى آنّ الحلف الأطلسي قد كوّنتاه تاريخياً الولايات المُتّحدة والمملكة المُتّحدة بعملٍ مشترك. بالطّبع، بعبارة الرّئيس شارل ديغول، ليس النّاتو إلّا واجهة للهيمنة الأمريكية على اوروبا، لأنّ القائد الأعلى للحلف هو دائماً ضابطٌ أمريكي، ولكنّ القرارات السّياسية تُتَّخذ بشكلٍ مُشتركٍ بين واشنطن ولندن، وليس الحلفاء الباقون سوى أتباع. بالطّبع، هذا ليس ما تنصّ عليه معاهدة شمال الأطلسي، ولكن هذا ما تيقّنّا منه مرّةً أخرى خلال الحرب على ليبيا. لم ينعقد المجلس الأطلسي لِاتّخاذ القرار بمهاجمة طرابلس، بسبب اعتراض بعض الأعضاء. إتُّخِذ القرار خلال اجتماعٍ سرّيٍّ في نابولي بين الولايات المُتّحدة والمملكة المُتّحدة فقط، بحضور بعض الحلفاء اللّذين تمّ اختيارهم.

بهدف تخويف حلفائها وتبرير تعزيز شبكات ستاي بيهايند، اتّهمت المملكة المُتّحدة سياسيّين اوكرانيّين بالعمل على تحضير حكومة انتقالية بعد اجتياحٍ روسي. أجاب يفغيني موراييف بسخرية، مُعتبراً أن البريطانيّين وحدهم قادرين على تخيّل شخصيّاتٍ مثل جايمس بوند. دعا موراييف المواطنين الأَوكرانيين إلى عدم الإنقسام بين مناصرين للولايات المُتّحدة ومناصرين لروسيا، بل إلى حماية وطنهم سويّاً.

كان دور الوصيّ هذا قد دفع واشنطن ولندن طوال الحرب الباردة إلى تكوين شبكات ستاي بيهايند للتّدخّل في سياسات الدّول العضوة الدّاخليّة، مع موافقتها المبدئية، ولكن دون علمها [5]. تضمّنت هذه التّدخّلات اغتيال رئيس المجلس الإيطالي آلدو مورو، والإنقلاب على النّظام الجمهوري اليوناني ووضع نظام العُقداء العسكري في مكانه. في فرنسا، دعم النّاتو منظّمة الجيش السّرّي، مُحاولاً أن يغتال الرّئيس ديغول أربعين مرّة. كشف البنتاغون علنيّاً أنّ هذه الشّبكات -الّتي لم يتمّ حلّها يوماً، رغم العديد من الإعلانات- قد تمّ توسيعها لتضمّ اوكرانيا. إستنتجت روسيا أنّ اوكرانيا اصبحت واقعياً عضوةً في الحِلف دون أن تستفيد من المادّة ٥ من معاهدة شمال الأطلسي، الّتي من المُفترض أن تضمن أمنها.

أعلنت لندن أيضاً أنّها ستعزّز تضامنها العسكري مع بولندا ضمن إطار حلفٍ ثلاثيٍّ بينهما وبين اوكرانيا [6]. في بضعة أسابيع، أصبحت وارسو عقدة المواصلات الّتي تمرّ عبرها جميع المساعدات المتوجّهة إلى كييف. إلّا أنّ البولّنديون لا يرغبون أن يظهر تورّطهم بشكلٍ صارخٍ. لهذا السّبب اقترحوا على روسيا أن تفحص القواعد الأمريكية على أرضهم، مقابل أن يُمكَّنوا من فحص القواعد الرّوسيّة في إقليم كالينينغراد [7].

الولايات المُتّحدة والمملكة المُتّحدة قلقتان من قلّة انصياع الحكومة الألمانية الجديدة بقيادة المُستشار أولاف شولتس.
 منعت برلين تحليق الطّائرات البريطانية المُحمّلة بالأسلحة الموجّهة إلى اوكرانيا فوق أراضيها. بحسب المعاهدات، لم يكن الألمان ليتمكّنوا من الإعتراض في حال أتى الطّلب من البنتاغون.
 تطالب برلين بأن تُفصَل المسألة الاوكرانية عن مسألة وضع أنبوب نورد ستريم ٢ الأساسي لِاقتصادها في الخدمة
 خيراً، لا تحترم برلين تعهّدها بتخصيص ٢٪ من إجمالي النّاتج المحلّي للدّفاع، بل تكتفي بأقلّ، ١.٥٪.

جاء وزير الخارجية أنطوني بلينكن شخصياً لِيَعِظَ حكومة شولتس، ولكن، بدلاً من النّقاش مع روسيا، تبقى المانيا عالقة في شباك النّقاشات الدّاخليّة ضمن حكومتها الإئتلافية.

تبقى فرنسا. أعاد الرّئيس إيمانويل ماكرون فتح المفاوضات ضمن صيغة نورماندي، بهدف تطبيق اتّفاقات مينسك وتهدئة الوضع في اوكرانيا. تحاور ماكرون مطوّلاً مع نظيره الرّوسي، الرّئيس فلاديمير بوتين. ولكن، في هذا الملفّ، المشكلة في مكان آخر: الأوكرانيون هم من يرفضون تطبيق الإتّفاق الّذي وقّعوا عليه، وَهُم من يؤجّجون نيران الحرب في الدّونباس.

نعود إلى واشنطن. الطّبقة السّياسيّة تتوافق الرّأي فيما يتعلّق بروسيا، ولكنّها تختلف على طريقة ثَنيِها. خلال ثلاثة أسابيع، فكّرت هذه الطّبقة بأسوء العقوبات. ولكن، إذا تبنّتها الآن، ستجد موسكو نفسها مُعاقبةً قبل أن تجتاح اوكرانيا، وسيكون بإمكانها أن تقوم بذلك دون عواقب لتخشاها. بشكلٍ جدّيٍّ أكثر، يدعم الجمهوريون أطروحات مؤسّسات هيريتاج [8]، بينما يتعلّق الدّيموقراطيون بأطروحات مركز التّقدّم الأمريكي [9]. جميعهم يعلمون كلّيّاً أنّ تطبيق الإلتزامات الّتي تعهّدوا بها ضمن إطار منظّمة الأمن والتّعاون عبر التّوقيع على إعلانَي اسطنبول (١٩٩٩) والأستانة (٢٠١٠) يعني بداية النّهاية. "الإمبراطورية الأمريكية" مُهدَّدة، ليس من روسيا، بل القانون الدّولي الّذي يبقى دون تطبيق حتّى الآن.

السّؤال الّذي يطرح نفسه هو إذاً الآتي: أيّ وسائل ستكون روسيا جاهزة لِاستخدامها في سبيل إجبار واشنطن على احترام القانون الدّولي (بمفهوم منظّمة الأُمم المُتّحدة وليس بمفهوم الولايات المُتّحدة)؟ كان نائب وزير الخارجية الرّوسي سيرجي ريابكوف قد ترك الباب مفتوحاً على امكانيّة نقل صواريخٍ إلى كوبا أو فنزويلا. ولكنّ نائب رئيس مجلس الدّفاع الرّوسي دميتري ميدفديف أعلن أنّ هذا الأمر "غير وارد"، لأنّه يتعارض مع مصالح هذين البلدين [10]؛ وهي طريقة أخرى لِقول أنّ تواجد الأسلحة الأمريكية في أوروبا الوُسطى والشّرقيّة يتعارض مع مصالح الدّول الّتي تأويها.

تشانغ جون، ممثّل الصّين الدّائم أمام مجلس الأمن التّابع للأمم المتّحدة (يبدو في هذه الصّورة وهو في خضم حديثٍ مع نظيره الرّوسي)، طعن للتّوّ بالإحتلال الإسرائيلي للجولان و تواجد الجيشين الأمريكي والتّركي في سوريا.

يجب البحث إذاً عن آفاقٍ أخرى. مثل آفاق سوريا. بذلك، بدأ سلاحا الجوّ السّوري والرّوسي مناوراتٍ مُشتركةٍ فوق الجولان، الّذي يبقى قانونياً ملك سوريا وفق منظّمة الأُمم المُتّحدة، والّذي ضمّته اسرائيل إليها بشكلٍ غير قانونيٍّ عام ١٩٨١. لم يجرأ الجيش الإسرائيلي على إطلاق النّار على هذه الطّائرات. لا يخصّ احترام المعاهدات الولايات المُتّحدة فقط، بل اسرائيل ايضا.

أدّى تباطؤ واشنطن في الإجابة على الإقتراح الرّوسي العائد لأواخر ٢٠٢١، والهستيريا الواضحة في الكونغرس، إلى إيقاظ الصّين. لَحظَت هذه الأخيرة قانون إقرار الدّفاع الوطني لسنة ٢٠٢٢، الصّادر في ٢٧ كانون الأول ٢٠٢١، والّذي ينصّ على ميزانية دفاعيّة (دون احتساب القنابل النّوويّة) هائلة الحجم، ٧٦٨ مليار دولار! لم يقرأ احد هذا النّصّ بكامله (٢١٨٦ صفحة)، ولكنّ فلسفته بوضوح هي عزل بكين. بذلك، لم يفوْت وانغ يي، وزير الخارجية الصّيني، فرصة إنذار نظيره الأمريكي أنطوني بلينكن... بوجوب الإجابة على مطالب موسكو "المحقّة". خطوة بخطوة، بدأ الإتّفاق الصّيني-الرّوسي يتأكّد؛ هذا المحور أقوى بكثير من قدرة الولايات المُتّحدة وحلفائها على مواجهته.

ملاحظة أخيرة. عندما أعلمت واشنطن موسكو بأنّها على وشك إنهاء كتابة جوابها الخطّيّ، في ٢٣ كانون الثّاني، قامت الولايات المُتّحدة بتحديد أنّها تتمنّى الإبقاء على سرّيّته [11]. وهو ما قبلته روسيا. التّفسير الوحيد المعقول لذلك هو أنّ واشنطن كانت تستعدّ لِاتّخاذ مواقفٍ مختلفةٍ أمام كلٍّ من المستمعين لها. بذلك، يخرج الغرب اليوم من دائرة الدّيموقراطية ليدخل في حقل الدّبلوماسيّة السّرّيّة.

ترجمة
Alaa el-Khair

[1Jens Stoltenberg Press Conference”, by Jens Stoltenberg, Voltaire Network, 26 January 2022.

[2« L’Europe dans les tranchées contre l’ennemi inventé », par Manlio Dinucci, Traduction Marie-Ange Patrizio, Il Manifesto (Italie) , Réseau Voltaire, 25 janvier 2022.

[3«US warns Russian attack may be ’imminent,’ Ukraine disagrees: Here’s why», Conor Finnegan, ABC News, January 26, 2022.

[4«Nato honesty on Ukraine could avert conflict with Russia», Samuel Charap (Rand), Financial Times, January 14, 2022.

[5Nato’s Secret Armies: Operation Gladio and Terrorism in Western Europe, Daniele Ganser, Frank Cass (2004). Version française : Les Armées secrètes de l’Otan, Demi-Lune, disponible en épisode sur Voltairenet.org.

[6"Liz Truss’ speech to the Lowy Institute”, by Liz Truss, Voltaire Network, 21 January 2022.

[7«Poland ready to make deal with Russia – media», Jonny Tickle, Russia Today, January 28, 2022.

[8«Seven Rules for Exiting Misplaced U.S. and NATO Talks with Russia», Daniel Kochis & Luke Coffey, Heritage Foundation, January 14, 2022.

[9«How the United States Should Respond if Russia Invades Ukraine», Max Bergmann, Center for American Progress, January 25, 2022.

[10« Rusia considera que la reacción de Estados Unidos a sus exigencias “no es positiva” », Javier G. Cuesta, El País, 25 de enero de 2022.

[11Аккаунт полковника Кассада в Telegram, 23 января 2022 г.