تم إنشاء هذه اللجنة استجابة لرغبات المحافظين الجدد وطموحاتهم في ما يعرف ب " إعادة تشكيل الشرق الأوسط"، وهي بهذا تنسجم مع كل الاستراتيجية المصنعة داخل ال American Enterprise Institute" وفرعه الانتخابي " مشروع القرن الأمريكي الجديد"، هذه الاستراتيجية تتم بالتنسيق مع الليكود الإسرائيلي تحت غطاء "Jewish Institute For National Security Affairs- JINSA.اللجنة الأمريكية من أجل لبنان الحر الUSCFL كانت معدة من أجل لعب دور في المنطقة شبيه بدور المؤتمر الوطني العراقي بقيادة أحمد شلبي في العراق.إذ لا يتوقف دورها على إيصال عملائها إلى الحكم، بل يتعدى إلى قلب النظام السوري."

ابتداءا من عام 1999، أسست هذه اللجنة صحيفة الMiddle East Intelligence Bulletin -MEIB-. و يتكون فريق تحرير هذه الشهرية من:ميكاييل روبان و توماس باتريك كارول، تحت رئاسة غاري.سي.غامبيل.

غاري غامبيل

ويعرف هؤلاء الثلاثة بعلاقاتهم الوطيدة بجهاز المخابرات الأمريكية سي آي ايه. إذ شغل ميكاييل روبان وظيفة المستشار الخاص لدونالد رامسفيلد وبول بريمر أثناء العام ونصف العام الذين تليا غزو العراق.أما توماس باتريك كارول فهو عميل سابق للسي آي ايه. ويشغل منصب رئيس التحرير غاري.سي.غامبيل وهو أجير في هيئة Freedom House فرع سري للسي آي ايه.

في شهر ماي من عام 2000، اجتمعت اللجنة مع منتدى الشرق الأوسط Middle East Forum لصاحبه دانيال بايبس [1]من أجل اندماج لجمعيتيهما أثمر عن لجنة عمل حول لبنان، ثم نشرا تقريرا تحت عنوان " وضع نهاية لاحتلال سورية للبنان: دور الولايات المتحدة". [2] في هذا التقرير يشير الكاتبان إلى أن مصلحة الولايات المتحدة تكمن في استخدام لبنان كوسيلة للضغط على سوريا من أجل إجبارها على القبول بحقيقة الاحتلال الإسرائيلي لهضبة الجولان، والتوقف عن دعم العمليات الفلسطينية.وهذا التقرير يمهد لدعم المعارضة اللبنانية، واتخاذ عقوبات اقتصادية ضد سوريا بل وربما إلى حد اللجوء إلى عملية عسكرية ضدها. وبهذا الخصوص فالتقرير يشير إلى أن واشنطن لا يجب عليها أن تتأخر لأن سوريا في طور تملكها لأسلحة الدمار الشامل.

لكن التقرير آنذاك مر دون رد فعل أو اهتمام يذكر من قبل قارئيه، لكنه يبدو مثيرا للدهشة، إذ يعيد سرد كثير من العناصر إلى مشروع يرجع إلى تاريخ 1996 و كان قد أعد خصيصا لرئيس الوزراء آنذاك بن يامين نتانياهو. عناصر القطيعة تبدو فيه واضحة، ومن ثمة بداية لاستراتيجية جديدة تهدف إلى تأمين المملكة (إسرائيل). [3] وواضح اليوم أن لغة إدارة بوش ومبرراتها تستند أساسا على هذا التقرير، وقد تم توقيعه من قبل الأعضاء ال31 عضو من مجموعة العمل المكلفة بلبنان، والذي يعتبرون في أغلبيتهم من تيار المحافظين الجدد وصهاينة، ويشغلون اليوم مناصب حساسة في إدارة بوش الحالية.

اليوت أبرامس [4] يعد الرقم الثاني في مجلس الأمن القومي، بولا دوبريانسكي نائب سكرتير الدولة، دوغلاس فيت نائب سكرتير الدفاع، جين كيرباتريك سفيرة الولايات المتحدة بجنيف، ريتشارد بيرل مستشار الظل في البنتاغون و ديفيد فورمزر والذي صار مستشار نائب الرئيس ديك تشيني.

وفي عام 2002، التحق دانيال بايبس بفريق تحرير شهرية Middle East Intelligence Bulletin، مما سيؤدي إلى توطد العلاقات بين منتدى الشرق الأوسط واللجنة الأمريكية من أجل لبنان الحر أكثر من أي وقت مضى.

يوم 18 أبريل 2002، تقدم نائب ولاية تكساس (الجمهوري) ديك آرمي بمشروع قانون إلى غرفة النواب عرف بقانون " المسئولية السورية" [5] مع صديقه اليوت آنجل النائب الديمقراطي لمقاطعة برونكس. كان انجل عضوا في مجموعة العمل المختصة بالشأن اللبناني ال MEFواللجنة الأمريكية من أجل لبنان الحر الUSCFL، وقد اشتهر اسمه عندما خاض حملة من أجل الاعتراف بالقدس كعاصمة لإسرائيل. هاته الحملة التي لاقت دعم جورج بوش في دعوته يوم 24 جوان 2002 إلى تعيين زعيم فلسطيني جديد، كانت تستلهم أهدافها من مقترحات الوزير الإسرائيلي ناتان شارانسكي. [6] من حينها كان يبدو جليا أن استراتيجية الUSCFL، وMEF كانت قد اعتمدت من طرف البيت الأبيض:الهدف كان منع الدعم السوري لحركات المقاومة الفلسطينية عن طريق استخدام لبنان كوسيلة ضغط على دمشق.

ديك آرمي

في هذه الأثناء كان هذا النص غير كاف، ومع تاريخ 12 أفريل2003 بمعنى أسبوعين بعد بدء العمليات العسكرية ضد العراق، عاد اليوت آنجل إلى المهمة وذلك بإدخاله لمشروع قانون " المسئولية السورية وإعادة تثبيت السيادة اللبنانية". [7]المادة الأولى من هذا المشروع تشرح جيدا أهدافه: "من أجل إيقاف الدعم السوري للإرهاب، وضع نهاية لاحتلالها للبنان، وقف مشروعها تملك أسلحة الدمار الشامل، وقف استنزافها غير المشروع للبترول العراقي ومن أجل تحميل سوريا مسئوليتها على المشاكل الجسيمة المتعلقة بالأمن الدولي والذي تهدده في الشرق الأوسط ومن أجل أهداف أخرى". [8]وقد نشبت اثر هذا القانون مناقشات برلمانية حادة.

اليوت آنجل

يوم17 سبتمبر، أدلى الجنرال ميشال عون بشهادته أمام النواب وطلب من الولايات المتحدة التدخل العسكري من أجل استرجاع الحكم له والذي فقده منذ خمسة عشر سنة.بالنسبة لأعضاء الكونغرس فقد صار واضحا أن سوريا صارت الهدف المقبل والذي سيحين أوانه عندما يعطون الضوء الأخضر لبوش من أجل مهاجمة سوريا عندما يصير ذلك ضروريا.ولم يصوت على القانون نهائيا إلا بتاريخ 15 أكتوبر2003، لكن الخطوات لتنفيذه قد تم تحديدها.

في سبتمبر 2003 تم تعيين ديفيد فورزمر عضو مجموعة العمل المشكلة من "منتدى الشرق الأوسط" وال USCFL في ديوان نائب الرئيس ديك تشيني من أجل التحضير لمهاجمة سوريا.فورزمرز وزوجه مايراف كانا قد شاركا في تحرير مشروع نتانياهو لعام 1996، ويشار إلى أن مايراف عضو في " الميمري" أحد أجهزة الجيش الإسرائيلي السرية.

يوم5 أكتوبر تاريخ الذكرى الثلاثين للما عرف بحرب " الكيبور"، اغتصب الجيش الإسرائيلي المجال الجوي السوري وهاجم بالقذائف قرى سورية بالضاحية الدمشقية والتي عرفت على أنها "مخيمات الإرهابيين"، وأثناء هذه الحملة مرت الطائرات الإسرائيلية فوق البيت العائلي لبشار الأسد في إشارة إلى سوريا مفادها أنهم قادرون على ضرب سوريا في الوقت الذي يرغبون، بل وحتى قادرين على الوصول إلى الرئيس السوري.

في نوفمبر، أنشأت الهيئة الوطنية للديمقراطية NED/CIA بواشنطن هيئة مشبوهة سمتها Syrian Democratic Coalition، ضمن مشروع الإصلاحات الحزبية في سوريا والتي يرأسها تاجر الأسلحة فريد غادري.وقد تلى ذلك انعقاد مؤتمر ببروكسل يومي 18 و19 جانفي 2004، لكنه فشل في إيجاد الشخصية المؤهلة لخلافة الرئيس السوري بعد عملية "التحرير" من قبل الولايات المتحدة.

من يومها عمل أعضاءال USCFL على تضخيم ملف ضد سوريا [9]، اذ اتهمت سوريا بإيواء صدام حسين بعد فراره، ثم بتهمةاخفاء أسلحة الدمار الشامل العراقية والتي لم يعثر عليها وبتهمة التحريض على " الإرهاب الفلسطيني".......الخ.

تعتمد هذه اللجنة على الدعم السياسي الخارجي والذي تفعله أجهزة العلاقات العامة المعروف بالبينادور آسوسيات.وقد تم اختيار بعثة تضم فريد غاردي،ممثل عن الجنرال عون ووليد فارس لتلتقي في فرنسا بالوزراء القدامى فرانسوا ليوتارد،ألان مالدلان وفيليب دو فيلييه في جويلية من عام 2004.

ويجب أيضا لتعزيز هذه الحملة، التحضير للمبررات القانونية، وقد تم استصدار القرار 1559 من هيئة الأمم المتحدة يوم 2 سبتمبر 2004.كان وراء هذا القرار الولايات المتحدة مدعومة من طرف كل من المملكة البريطانية المتحدة، فرنسا وألمانيا، وقد دعا القرار ألأممي القوات الأجنبية إلى الانسحاب من لبنان (أي بمعنى أنه من المفروض القوات السورية والإسرائيلية).

وقد تم تنظيم حملة الضغط بدقة وعناية:

يوم 31 مارس 2004، أطلق فريد غادري إذاعة سوريا الحرة Radio Free Syriaانطلاقا من المقاطعة التركية لقبرص، وبديهيا هذا الراديو مدعوم من قبل النيد والمخابرات الأمريكية.

في خطابه يوم 2 فبراير 2005، صرح الرئيس بوش للبرلمانيين:

" من أجل تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط، فانه علينا أن نواجه الأنظمة التي تأوي الإرهاب والتي تسعى لامتلاك أسلحة الدمار الشامل.أن سوريا لازالت تسمح بإيواء الإرهابيين على أراضيها وعلى بعض الأراضي اللبنانية، وهذا لا يترك فرصة للسلام في المنطقة.لقد صوتتم على قانون" تحميل سوريا المسئولية" ونحن نطبق هذا القانون.نحن ننتظر من سوريا وقف دعمها للإرهاب و فتح مجال الحرية".
 [10]

يوم 7فبراير2005، تم استدعاء الدكتور عماد مصطفى السفير السوري بواشنطن من قبل وزارة الخارجية، وقد ابلغه ديفيد ساترفيلد مسئول الشرق الأوسط بالوزارة أنه " نوجه الإعلان الأخير " لسوريا لكي تسحب قواتها من لبنان.

ديفيد ساترفيلد

وقد جاءت عملية اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري يوم 14 فبراير لتعطي الضوء الأخضر لتجسيد هذه العمليات.عملية الاغتيال هاته نفذت بشكل مدبر وقوي من أجل إحداث الصدمة لدى اللبنانيين، وقد نشرت إثره اللجنة الأمريكية من أجل لبنان حر
بيانا بعنوان " لنضع نهاية للنظام البعثي السوري، ولنعمل على تركيع الرئيس إميل لحود وباقي اللبنانيين المشبوهين" وفيما يلي نص البيان:

"مع اغتيال الوزير الأول رفيق الحريري، يكون البعثيون السوريون قد افلتو عن مجال المراقبة.ومن هو الضحية الثانية؟ السوريون يقتلون أمريكان، عراقيين ولبنانيين ونحن لا زلنا نتفاوض معهم عبر القنوات السياسية.من فضلكم انضموا إلينا ولنكن متحدين لنسمع صوتنا في كل وسائل الإعلام المرئية والمقروءة من أجل التسريع في رزنامة تغيير الحكم في سوريا.إنها الطريقة الوحيدة لإنقاذ الولايات المتحدة من السياسيين البعثيين المتطرفين، وتحرير لبنان وتخليص السوريين من الخطر النازي البعثي.بالطبع مع الوزير رفيق الحريري لننضم إلى المعارضة ونعمل سويا مع الزعيم الدرزي وليد جنبلاط.إن هذا التحالف سيحصل على أغلبية المقاعد في بيروت وبالتالي إنجاح الصوت المسيحي....إنها الطريقة الوحيدة من اجل توقيف مخططات السوريين.إن أيام سوريا في لبنان باتت محسوبة"  [11]

هكذا تم إطلاق هذا البيان دون أي أدلة وضد كل منطق.اتهامات فحواها أن بعض البعثيين المتهورين هم من يقف وراء عملية الاغتيال، و بعد بضع دقائق من الاغتيال، انتشرت الشائعة في العالم أجمع من طرف رجال اللجنة الأمريكية من أجل لبنان حر في محاولة لتأليب الرأي العالمي سلفا.

ترجمه خصيصا لشبكة فولتير: رامي جميع الحقوق محفوظة 2005©

[2Ending Syria’s Occupation of Lebanon: The U.S. Role”, by Lebanon Study Group, Voltaire Network, 1 May 2000.

[3A Clean Break, a New Strategy for Securing the Realm, Institute of Advanced Strategic and Political Studies, Jérusalem-Washington.

[4اليوت ابرامس : المقاتل الذي اعتنق السياسة الدينية ،فولتير 14 فبراير 2005.

[5Syrian Accountabilty Act, H.R. 4483, S. 2215.

[7The Syria Accountability and Lebanese Sovereignty Restauration Act, H.R. 1828, S. 982.

[8« To halt Syrian support for terrorism, end its occupation of Lebanon, stop its development of weapons of mass destruction, cease its illegal importation of Iraqi oil and illegal shipments of weapons and other military items to Iraq, and by so doing hold Syria accountable for the serious international security problems it has caused in the Middle East, and for other purposes ».

[9سوريا المستهدفة ،فولتير 27 فبراير 2004.

[10To promote peace in the broader Middle East, we must confront regimes that continue to harbor terrorists and pursue weapons of mass murder. Syria still allows its territory, and parts of Lebanon, to be used by terrorists who seek to destroy every chance of peace in the region. You have passed, and we are applying, the Syrian Accountability Act — and we expect the Syrian government to end all support for terror and open the door to freedom.

[11« End Syria’s Ba’athist Regime and bring President Emile Lahoud and other Lebanese puppets to their knees (February 14, 2005) With the killing of Prime Minister Rafik Hariri in Lebanon, Syrian Ba’athists are out of control. Who’s next ? It is anybody’s guess at this time given the timid policies of the United States vis-a-vis Syria ? Syrians are killing Americans, Iraqis, and Lebanese and we still "talk" to them through diplomacy. Please join us in being as voiceful as you can by writing and appearing on every media outlet you can think of to push for the agenda of REGIME CHANGE in Syria. This is the ONLY way to save the United States from the egregious Ba’athist policies, to liberate Lebanon, and to save Syrians from the Nazi Ba’athists. Obviously, with Prime Minister Hariri joining the opposition and teaming up with Druze leader Walid Jumblatt, his block was going to win the majority of the seats for Beirut and win the Christian vote... which was the only way for the Syrians to stop him. Syria’s days in Lebanon are numbered ».