كشفت مصادر فاعلة في مؤتمر باريس الذي تنظمه بعض اطياف المعارضة السورية وكان من المزمع عقده اواخر الشهر الحالي عن ترجيح تاجيله بعد تهديد دمشق باعتقال المشاركين به والمتعاونين معه ، واعتبرت المصادر ان المؤتمر نجح سواء عقد او الغي او تم تاجيله .

وفي تصريح لـ"ايلاف" قال مشعل التمو الناطق باسم تيار المستقبل الكردي في سورية واحد الداعين الى مؤتمر باريس "اعتقد بان الاجراءات التي اتخذتها السلطة السورية ، تجاوزت ، ما قيل على لسانها ، بان هذا المؤتمر لا يمثل احدا ، او ان منظميه لا يمثلون الا انفسهم "، لافتا الى ان الذي لا يمثل سوى نفسه ، لا يحتاج ردعه الى كل هذا الاستنفار الامني ،تضييقا وتهديدا ومنع من السفر واخيرا التهديد بالاعتقال والمحاكمة ، وكلها محددات تعبر عن الرعب مما سيخرج به المؤتمر ، رغم غياب كتل سياسية عنه لعل اهمها التيار الاسلامي ، مؤكدا انه سبق هذا المؤتمر الكثير من المؤتمرات واللقاءات والملتقيات ، لكن السلطات لم يكن لها رد فعل بهذا الحجم .
واعتبر التمو "ان الاعلان عن مؤتمر باريس وما رافقه من جدل اعلامي وسياسي ، حتى الناقد منه ، يشكل دلالة نجاح ، فهو قد حرك المياه الراكدة ، وباتت الدوائر تتكاثر وتتنوع ، وهي بشائر خير وعلامات تفاؤل ، وبات الان المؤتمر يشكل علامة فارقة في العديد من الاتجاهات ، السلطوية منها ، او المعارضة ، وباتت مسالة انعقاده او عدم انعقاده او تاجيله ، تصب في خانة واحدة ، هو انه شكل سابقة اولى في قدرة السوريين على كسر حاجز الداخل والخارج ،والظهور الى العلن كفاعلين تحت سقف الوطن وليس سقف البعث ، وبالتالي فالمهمة الاولية تم انجازها ،حتى وان تطلب الامر بعض الوقت لانجاز مهمة تشكيل نواة معارضة وطنية ، لكن ناقوس الفعل قد بدا العمل ، وبشكل او باخر يعتبر هذا نجاحا ، نجاح في مستوى المواجهة الرسمية له ، ونجاحا في زلزلة الراكد والمستتر في الواقع السوري".

وراى التمو انه يكفي المؤتمر انه وجه رسالة سياسية من الانسان السوري المهدور الى كل المعنيين بتعدد مستوياتهم ، انه كفى هدرا وتجريم وتحريم ونفي وابعاد في الوطن وعن الوطن ، وانه اعلن بكل وضوح وشفافية ان خيمة الوطن تتسع للجميع وعلى الجميع العمل من اجل ايجاد وبناء حياة انسانية مشرقة في مستقبل سوري ينتفي فيه الاستبداد .

واعلن التمو ان اطياف المعارضة تتدارس تاجيل مؤتمر باريس ، موضحا انه من الطبيعي ان يحتدم الصراع في مفصليات التحول ، وهو تعبير عن ازمة مستفحلة اوجدت ثقافة سياسية محددة بضوابط وثوابت زرعها الاستبداد وعممت بفضل ايديولوجيا الحزب الواحد ، حتى بات الخروج عنها ، موضع تساؤل من البعض واستنكار من البعض الاخر ، وبالتالي فاحتدام الصراع نتيجة طبيعية لعمليات الشد والجذب ، سواء من يدفع باتجاه الامام والخروج من المازق او من يدفع باتجاه اعادة انتاج او ادارة الازمة ذاتها .

واضاف التمو ان فهم او قراءة اي حدث سياسي يتحدد بالمحددات المعرفية ومرجعيتها الفكرية ، ويرتبط بعضا منها بالادوات المستخدمة في البحث والقراءة واستخلاص العبر ، وبالتالي يخطأ من يظن بان التغيير حركة فقط داخلية ، بينما هي حركة وبيئة اوسع ، اقليمية ودولية ، وبشكل عام فالتغيير يحدث في اطار من التناقضات المتعددة المصادر ، العالمي منها والداخلي الباحث عن معنى للزمان ، يكون فيه صوت الانسان من حقه كاداة تعبير عن معاناة مجتمعية ، بمعنى ايجاد حاكمية تتكامل مع ضرورة التفاعل العقلاني مع متطلبات الواقع وموجبات تغييره .

واشار التمو الى انه عندما نبحث عن سورية ، سورية الشعب السوري وليس السلطة ، فنحن نسعى الى ايجاد الموروث الثقافي لمكونات تتعايش وتتساكن معا مشكلة سورية الوطن ، الذي من المفترض ان يكون لكل ابناءه ، وبحثنا ياتي بعد عهود مريرة من احتكار البعث للسلطة والدولة والثروة والمجتمع ، بمعنى نعمل على ايجاد وتهيئة شرط وجودنا الانساني المغيب والمنفي والمعتقل ، ومن مستوجبات البحث ، هو التلاقي والتحاور واحترام المختلف ، منوها الى انه هذا ما كان يسعى اليه مؤتمر باريس ، وهو المؤتمر الذي لاقى الكثير من الاعتراض منها السياسي ، الذي يحترم رغم التباين معه ، ومنها التشنيعي الذي تعددت غاياته واهدافه ، ومنها الامني الرسمي الذي تصاعدت وتيرته .

وشدد التمو باتجاه المؤتمر الى السعي " الى اعادة خاصية الجدل الى المجتمع ، بعد ان سلبها البعث عبر استبداده طويل الامد ، والجدل الذي اعنيه هو جدل الفكر والفعل ، وصولا الى ايجاد توافقات سياسية تشكل ارضية لتلاقي كل المكون السوري بتعدد تعبيراته وانتماءاته ، الارضية التي نعتقد ان توفرها يشكل الشرط الايجابي لتهيئة الداخل وامتلاكه زمام المبادرة ، بل ومقدرة التاثير في مفاعيل المستقبل القادم ".

وكانت السلطات في سورية ابلغت بطرق مباشرة وغير مباشرة انها ستعتقل كل من يشارك في مؤتمر باريس ومنعت التمو من السفر الاسبوع الماضي وراى التمو الى انها بهذا تسعى لافشال مؤتمر باريس الذي دعا اليه تيار المستقبل بالاضافة الى التجمع من اجل سورية والحزب الديمقراطي الكردستاني وحزب الحداثة لسورية وحزب النهضة الوطني الديمقراطي ومراقبة المركز السوري للابحاث والدراسات القانونية.
وكان التجمع الوطني الديمقراطي ، المكون من خمسة احزاب سورية معارضة، وحركة الاخوان المسلمين والمنظمة العربية لحقوق الانسان في سورية و تجمع "عدل "اعلنت اعتذارها عن تلبية الدعوة .

مصادر
إيلاف (المملكة المتحدة)