من "كاترينا" إلى ذكرى سبتمبر الرابعة وصحوة الديمقراطية المصرية

على الرغم من استحواذ كارثة إعصار "كاترينا" على اهتمام الصحافة الأميركية هذا الأسبوع، فإن قضايا أخرى طفت على السطح بقوة كالذكرى الرابعة لهجمات سبتمبر، والانتخابات الرئاسية المصرية، ومحاولات نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط.

"كاترينا" و9/11

تحت عنوان "أربع سنوات على سبتمبر... دروس من ضربة أخرى" نشرت "يو أس إيه توداي" يوم الخميس الماضي افتتاحية، قارنت خلالها بين إرهاب سبتمبر وكارثة إعصار "كاترينا"، فالأخيرة ضربةٌ من الطبيعة، يفوق عدد ضحاياها ضحايا هجمات سبتمبر. في حين شكّل الإعصار أول اختبار حقيقي للنظام الأمني الجديد والمُحسن، والذي تنتهجه الولايات المتحدة منذ إرهاب سبتمبر 2001. تداعيات "كاترينا" بدت كما لو كانت أميركا تعرضت لهجوم إرهابي استُخدمت فيه أسلحة دمار شامل، وهو سيناريو أشبه بكابوس إرهابي قابع في مخيلة الأميركيين، فالإعصار خلّف وراءه آلاف المشردين الذين يحتاجون معونات طبية وغذائية. وحسب الصحيفة، فشل المسؤولون المحليون والفيدراليون في امتحان "كاترينا"، وهو ما يفرض تساؤلاً مؤداه: هل تم تبديد السنوات الأربع الماضية وما أُنفق خلالها من أموال على تعزيز الأمن الداخلي؟ إن محاولة إخلاء منكوبي "نيوأورليانز" أثبتت عدم جدوى الخطط التي أعدت مُسبقاً لمواجهة هذا النوع من الكوارث، ما يتطلب، حسب الصحيفة، ضرورة إشراف وزارة الأمن الداخلي على الخطط المحلية لمواجهة الكوارث. وعلى الرغم من الاستعدادات التي تم البدء فيها خلال السنوات الأربع الماضية، فإن المؤسسات الطبية لم تستكمل حتى الآن جاهزيتها لمواجهة الكوارث، وثمة تحذيرات كثيرة من عدم وجود التطعيمات الكافية وعدم القدرة على توزيع المؤن الطبية في حال وقوع هجوم إرهابي تستخدم فيه أسلحة كيمياوية أو بيولوجية، وذلك على رغم استثمارات بدأت منذ سبتمبر 2001 قيمتها 20 مليار دولار لمواجهة الإرهاب البيولوجي. وفي الموضوع ذاته كتبت "شيرل ماكارثي" مقالاً يوم الجمعة الماضي في "نيوزداي" خلصت خلاله إلى أن الرئيس بوش وجد بعيد هجمات 11 سبتمبر مسؤولين يستطيعون التغطية على ضعف أدائه؛ فـ"ديك تشيني"، نائب الرئيس، تحدث بعبارات قوية، ودونالد رامسفيلد أرسل القوات الأميركية إلى أفغانستان ثم العراق، وكولن باول وضع مصداقيته على المحك عندما كذب وروّج للعالم أن أمن الأميركيين يعتمد على الإطاحة بصدام حسين، وكوندوليزا رايس دافعت عن سوء تعامل الإدارة مع التقارير الاستخباراتية. أما في كارثة إعصار "كاترينا"، فلم يستطع الرئيس الأميركي الاختباء وراء تقارير الاستخبارات أو خلف عباءة ديك تشيني أو كولن باول، وكشفت الكارثة مدى ضعف أداء المسؤولين الذين قام بوش باختيارهم.

درس من سبتمبر

في مقاله المنشور يوم الخميس الماضي في "واشنطن تايمز" أكد "هيل دال" أن الفشل في تحقيق اتصالات سريعة بين السكان المحلين ووزارة الدفاع والبيت الأبيض والجهات المعنية بالمراقبة الجوية كانت من ضمن عناصر فشل المسؤولين الأميركيين في الحيلولة دون وقوع هجمات سبتمبر، وبعد مرور أربع سنوات على كارثة سبتمبر يتواصل الفشل في الاتصال بين الجهات المذكورة ليبقى عقبة ضخمة خاصة عندما تكون السرعة هي أحد أهم أسباب إنقاذ حياة الناس، وهو ما كان الأميركيون في أمس الحاجة إليه في كارثة "نيوأورليانز". الكاتب طرح تساؤلات أهمها: هل يمكن إلقاء اللوم على وكالة الطوارئ الفيدرالية كونها اندمجت ضمن وزارة الأمن الداخلي، لتصبح مهمتها التعامل مع الإرهاب؟

خطوة مصرية إيجابية

في افتتاحيتها ليوم أمس الأحد، علقت "نيويورك تايمز" على الانتخابات الرئاسية المصرية التي أجرتها مصر للمرة الأولى في تاريخها يوم الأربعاء الماضي قائلة: "إن هذه الانتخابات حملت معها إشارات قليلة في اتجاه الديمقراطية، والفضل في ذلك يعود إلى ضغوط خفيفة قام بها جورج بوش أهم حليف دولي للرئيس مبارك؛ فلأول مرة في تاريخ مصر تظهر أسماء المرشحين المعارضين في صناديق الاقتراع، ولأول مرة، منذ عقود يتم السماح للتعبير المحدود عن النقد السياسي والاحتجاج". لكن المصريين يحتاجون، حسب الصحيفة، إلى ديمقراطية حقيقية تضع حداً للفساد والمحسوبية اللذين يؤججان العنف. وتحت عنوان "صحوة في مصر" طالبت "بوسطن غلوب" في افتتاحيتها يوم السبت الماضي بأنه كي يتم استثمار مشهد الانتخابات الرئاسية التعددية في إشباع رغبة المصريين في الديمقراطية، يتعين على شباب الإصلاحيين في الحزب الوطني الديمقراطي الحاكم السماح بإجراء تغيير حقيقي في البلاد خلال السنوات المقبلة. أما "واشنطن بوست"، فأشارت في افتتاحيتها ليوم الجمعة الماضي إلى أن بوش يُصر على أن هذه الانتخابات "خطوة أولى إيجابية"، وهو وصف له، حسب الصحيفة، ما يبرره؛ فعلى الرغم من أن الحملات الانتخابية للمرشحين في هذه الانتخابات استغرقت وقتاً قصيراً، فإن المعارضة وجهت عبر الصحافة والتليفزيون انتقادات غير مسبوقة لمبارك. كما وعد الرئيس المصري في حملته الانتخابية بقائمة طويلة من الإصلاحات السياسية منها توفير مزيد من الحرية لوسائل الإعلام، وتعزيز استقلال القضاء، وتقوية سلطة البرلمان، وتغيير قانون الطوارئ.

"قطار الحرية الأميركي- الأوروبي"

تحت هذا العنوان نشرت "كريستيان ساينس مونيتور" يوم الجمعة الماضي افتتاحية، سلطت خلالها الضوء على دور الولايات المتحدة وأوروبا في تعزيز الديمقراطية في العالم. الصحيفة توصلت إلى نتيجة ربما تفاجئ كثيرين هي أنه في الوقت الذي يسعى فيه الرئيس بوش إلى تحقيق أمن الولايات المتحدة من خلال نشر الديمقراطية في العراق وغيره من دول الشرق الأوسط، فإن أوروبا أكثر اهتماماً من أميركا في نشر الديمقراطية. حصاد التعاون الأوروبي- الأميركي في نشر الديمقراطية أسفر خلال الاثني عشر شهراً الماضية عن نتائج جيدة، منها نجاح "الثورة البرتقالية" في أوكرانيا وانسحاب القوات السورية من لبنان، وتشجيع الإصلاح في مصر، وهو ما بدا واضحا في قيام المصريين بإجراء أول انتخابات رئاسية تعددية. وحسب الصحيفة، يتعين على واشنطن الاستماع إلى الأفكار الأوروبية حول تعزيز التحول الديمقراطي في العالم، والمتمثلة في مراقبة الانتخابات من الخارج، واستخدام العقوبات بدلاً من استخدام القوة. الصحيفة ترى أن نجاح الأوروبيين في دعم الديمقراطية داخل بلدان أوروبا الشرقية (الشيوعية سابقاً)، وعلاقاتهم التاريخية مع دول الشرق الأوسط، يعطيانهم مزيداً من المصداقية عندما يحاولون نشر الديمقراطية في العالم العربي، وضمن هذا الإطار، فإن تعزيز الديمقراطية لدى السلطة الفلسطينية أمر يستطيع الاتحاد الأوروبي لعب دور فاعل فيه.

مصادر
الاتحاد (الإمارات العربية المتحدة)