"فرحة ناقصة" في غزة... و"سيدة حديدية" قريباً في ألمانيا!

الارتفاع المتزايد لأسعار البترول وآثاره على الاقتصاد الفرنسي، وفرص إصلاح الأمم المتحدة بمناسبة القمة العالمية، وأجواء قطاع غزة ما بعد الانسحاب، وما ستحمله أنجيلا ميركل من جديد سياسي لألمانيا، موضوعات أربعة ركزت عليها الصحافة الفرنسية هذا الأسبوع.

البترول الغالي

في صحيفة لوموند كتب أريك فوتورينو مقالاً بهذا العنوان تحدث فيه عن مضاعفات "الصدمة النفطية" الحالية على الاقتصاد الفرنسي، ويرى الكاتب أن الغلاء الشديد الذي تعرفه الآن أسعار النفط ترك آثاراً يصعب التعافي منها على الاقتصاد الفرنسي، وهذا دليل على أن باريس لم تستخلص الدرس الذي تلقته قبل ثلاثين سنة يوم وقعت الصدمة النفطية الأولى بفعل "المقاطعة العربية". والآن وبعد أن مرت السنوات بل والعقود واندلعت الحروب في الخليج وفي غير الخليج، ها هي أسعار الذهب الأسود تضرب في عنان السماء، لينكشف عدم وجود بدائل في مجال الطاقة. وعلى رغم الجهود المبذولة في مجال الطاقة النووية، وفي أبحاث الطاقة البديلة، الجديدة والمتجددة، إلا أن الأزمة تبقى قائمة طالما أن المركبات تعمل في معظمها بالوقود ذي المنشأ النفطي حصراً. وينصح فوتورينو بضرورة التركيز من الآن على حرق المراحل والوقت للدفع بصناعة السيارات ذات الوقود البيولوجي، أو الكهربائي، أو حتى التي تزاوج بين الكهرباء وبين الوقود، لأن أزمة أسعار النفط هذه المرة يبدو أنها ستكون مديدة، ولن تعرف نهاية قريبة. كما أن الوقود المستخلص من الطاقة الشمسية ومن الهيدروجين يبدو أنهما هما الرهانان الوحيدان الممكنان للخروج من هذا المأزق الذي سيترك آثاراً عميقة على اقتصادات الدول الصناعية.

إعادة الاعتبار إلى الأمم المتحدة

في صحيفة لوفيغارو كتب نائب الأمين العام للأمم المتحدة شاشي ثارور مقالاً بمناسبة انعقاد القمة العالمية في نيويورك هذه الأيام والتي يشارك فيها 166 رئيس دولة وحكومة، تحدث فيه عن إنجازات وطموحات المنظمة الدولية. ويرى ثارور أن الأمم المتحدة على رغم ما قد يوجه لها من نقد حققت خلال الخمس والعشرين سنة الأخيرة كثيراً مما كان يعتبر مجرد أحلام وطموحات خيالية بعيدة عن الواقع. فقد تمكنت من الإشراف على تسيير مناطق تعرضت لحروب مثل بعض أجزاء يوغوسلافيا السابقة، وشكلت محكمة جنائية لها صلاحية محاكمة مجرمي الحروب، وتدخلت في أكثر من نزاع وأكثر من كارثة إنسانية أو طبيعية. أما الحديث الذي بلغ ذروته في هذه الدورة عن ضرورة إصلاح الأمم المتحدة فربما يأخذ جزءاً كبيراً من زخمه من آثار حرب العراق والانشقاقات التي ترتبت عليها على صعيد دولي. غير أن الكاتب يلفت النظر إلى أن الضرر الذي ألحقته حرب العراق بالمنظمة كان مزدوجاً وقد عبرت عنه بوضوح نتائج استطلاع أجراه مركز "بيو" في عشرين دولة، حيث عبر من استطلعت آراؤهم في 19 دولة عن غضبهم من عدم قدرة المنظمة الدولية على منع الحرب، في حين عبر المشاركون من دولة واحدة هي الولايات المتحدة عن غضبهم من عدم تأييد المنظمة لإدارة الرئيس بوش في شن تلك الحرب ذاتها. ويستخلص الكاتب أن الأمم المتحدة تجد نفسها أحياناً كثيرة بمثابة كبش فداء للتجاذب في المواقف والاختلافات في العلاقات الدولية. ولكن وكما عبر الأمين العام لابد من الإقرار بأن ثمة نقاط ضعف ما في أداء المنظمة لابد من إصلاحها وإلا ستواصل سيرها في طريق الضعف والتفكك وربما الكارثة. لأن العالم لا يمكن أن يتغير نحو الأحسن إذا لم تتغير علاقاته ومنظماته الجامعة، وإذا لم تتكاثف الجهود من أجل مكافحة الموضوع المطروح بقوة على هذه القمة وهو موضوع الفقر والمجاعة الذي يعاني منه أكثر من مليار من البشر.

احتفالات غزة

من قطاع غزة كتب المراسل الخاص لصحيفة لومانيتيه فاليري فيرون تغطية للأجواء الاحتفالية التي يشهدها القطاع بعد انسحاب إسرائيل، مبرزاً بوجه خاص صوراً إنسانية عديدة مما كان الفلسطينيون يعانون منه تحت الاحتلال الإسرائيلي من تضييق ومصادرة لحقهم في الحياة. "والآن وبعد عقود متتالية من المعاناة والإحباط، أصبح الجميع هنا في غزة يشعرون أن بمقدورهم الذهاب إلى حيث يشاءون متى شاءوا". ويبرز فيرون أن لكل هنا تفسيره الخاص لأسباب الانسحاب الإسرائيلي، فأنصار بعض الفصائل كـ"حماس" و"الجهاد" وغيرهما يرون أن ما حدث كان مجرد تتويج لحربهم المفتوحة ضد الجيش الإسرائيلي، وأن الانتصار في هذه الحرب هو وحده الذي دفع شارون إلى أن يجمع أشياءه ومستوطنيه في ظلام الليل ويهرب في انسحاب من جانب واحد، أما أنصار السلطة الفلسطينية فأقرب إلى النظر إلى ما حصل على أنه تعبير عن استمرار لعملية سياسية يمكن أن تؤتي نتائج أخرى إيجابية في المستقبل أيضاً في الضفة الغربية. ولكن هل اكتملت فرحة أهالي غزة؟ المنغص الوحيد الذي ينقله المراسل على ألسنة العديدين هو مشكلة المعابر التي لم تحسم، والتي إذا لم تتحول بشكل كامل إلى أيدي الفلسطينيين سيكون الأمر وكأن إسرائيل هجرت السجن ولكنها ذهبت معها بمفاتيح زنزاناته.

صدمة أنجيلا ميركل

في مجلة لونوفل أوبسرفاتور يرى الكاتب جان غابرييل فريديه أن ألمانيا مقبلة على صدمة سياسية من نوع جديد متمثلة في برنامج هذه المرشحة الديمقراطية- المسيحية، التي ترجح استطلاعات الرأي أنها هي من سيخلف المستشار جيرهارد شرودر في منصبه. وما يميز ميركل أو "أنجي الحلوة" كما يفضل أنصارها تسميتها هو أنها شديدة وأحيانا متطرفة في مواقفها، وتعكس بعضاً من ملامح شخصية "السيدة الحديدية" مارجريت تاتشر، حتى لو كانت تبذل جهداً واضحاً للتخلص من مثل هذا التشبيه. فعلى المستوى الاقتصادي ترفع شعار إعادة إصلاح الاقتصاد الألماني لانتشاله من التباطؤ، وللعمل على التقليل من نسب البطالة التي يعتقد كثيرون أنها هي السبب الحقيقي في تراجع شعبية المستشار شرودر وحزبه. أما على المستوى السياسي فليس ثمة ما يدعو للاعتقاد بأنها في حالة نجاحها في الانتخابات الوشيكة ستتنكر للخطوط العريضة لسياسة ألمانيا الأوروبية والخارجية، وإن كان المرجح أنها ستعتمد على تحالف تعايش مع بعض الأحزاب الألمانية الأخرى مع حزبها الديمقراطي المسيحي، لتمرير برنامجها الذي تدافع الآن عنه في حملتها الانتخابية.

مصادر
الاتحاد (الإمارات العربية المتحدة)