تعهد الرئيس السوري بشار الأسد أمس في مواجهة الضغوط الدولية المتزايدة ضد بلاده بعد تسليم القاضي الألماني دتليف ميليس تقريره الى مجلس الأمن حول جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري القيام بملاحقة قضائية لأي سوري يثبت تورطه في الجريمة لكن على أساس أدلة ملموسة• ونسبت صحيفة ’’واشنطن بوست’’ الى مصادر دبلوماسية قولها إن الأسد نفى مجدداً في رسالة وجهها الى كل من واشنطن ولندن وباريس تورط حكومته في الاغتيال، وحذر من أن أي ضغوط دولية على بلاده سيكون لها انعكاسات وعواقب خطيرة على الوضع المتوتر اساساً في المنطقة في الوقت الذي يتطلب الموقف الموضوعية البناءة لمساعدة دول المنطقة على إرساء الاستقرار•
لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية آدم ايرلي شكك في التعهد السوري، وقال:’’مرة جديدة تظهر سوريا عبر سياساتها وتحركاتها انها بعيدة عن المجموعة الدولية وفي هذه الواقعة تحديداً عبر فشلها في قراءة اتجاه الأحداث والتعاون بشكل كامل مع التحقيق الدولي، وأضاف:’’ لذلك يوجد مجلس أمن يجتمع للتوصل الى استنتاجات حول ما يجب فعله حيال ذلك التقصير في التعاون وبالتالي فإنه قد يكون أصبح الوقت متأخراً بعض الشيء الان لسوريا لمحاولة التعويض عن القصور في الماضي•
وقالت وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس من جانبها إنه يتعين على سوريا التعامل بجدية مع تقرير ميليس، وحثت مجلس الأمن المقرر ان ينعقد الاثنين المقبل على المستوى الوزاري أن يبعث رسالة بالغة القوة إلى سوريا، وقالت:’’ قبل كل شيء لا يجب أن يكونوا وكما هم حتى الان غير مكترثين•• السوريون بحاجة إلى أن يفهموا أنه ما من أحد سوف يتسامح حيال ترويع الشعب اللبناني رداً على هذا التقرير ’’•
الى ذلك، أجرى الأسد اتصالاً هاتفياً بنظيره الروسي فلاديمير بوتين مؤكداً له الاستعداد للتعاون مع اللجنة الدولية، وطالباً منه الا يستغل اعضاء مجلس الأمن تقرير ميليس لفرض عقوبات دولية على سوريا وضمان أن يكون التحقيق محايداً• فيما ردت موسكو بانها ستقوم بكل ما في وسعها كي لا تفرض الأمم المتحدة أي عقوبات والعمل على أن تكون أعمال الأسرة الدولية متزنة بهدف الحيلولة دون نشوء بؤر توتر جديدة في المنطقة، وقال الناطق باسم وزارة الخارجية ميخائيل كامينين إن روسيا ستقوم بكل ما يلزم لكي لا تكون هناك محاولات لفرض عقوبات ضد سوريا، مشيراً الى أن وزير الخارجية سيرجي لافروف سيسعى خلال جلسة مجلس الأمن لان تتسم أي دعوة لاتخاذ قرار بشأن التحقيق الدولي في جريمة اغتيال الحريري بالانصاف والموضوعية •
رحبت المانيا من جانبها بمشروع القرار المتوازن الذي أعدته الولايات المتحدة وفرنسا حول قضية اغتيال الحريري، داعية جميع الأطراف الى التعاون من أجل تجنب العقوبات، وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية جينس بلوتنر إن الحكومة تناشد جميع الدول التعاون الكامل وتأخذ بعين الاعتبار إعلان الأسد استعداده التعاون مع اللجنة وتأمل أن يتم تطبيق هذا الاستعداد من خلال إجراءات فعلية• لافتاً الى ان صلب مشروع القرار يكمن في بذل جميع الجهود لالقاء الضوء على هذه القضية •
من جهة ثانية، قال دبلوماسيون عرب في القاهرة لوكالة ’’فرانس برس’’ إن دمشق ستسعى الى دور سعودي-مصري أكبر لمنع الولايات المتحدة من أحكام الحصار حولها، وأوضح أحد الدبلوماسيين ان سوريا لم ترحب كثيراً قبل صدور تقرير ميليس ببعض الاقتراحات التي طرحها المصريون والسعوديون في إطار الوساطة التي قاموا بها إذ اعتبرتها ضغوطاً عليها وخاصة فيما يتعلق بإبداء مزيد من التعاون، واضاف طالباً عدم ذكر اسمه:’’الان اصبح الدور المصري-السعودي اكثر الحاحاً وبات السوريون يراهنون عليه بدرجة كبيرة’’• فيما قال دبلوماسي آخر إن الدول العربية ومن بينها مصر والسعودية تريد إجلاء الحقيقة وتريد ان يعاقب كل من يثبت ضلوعه في اغتيال الحريري اياً كان•
واتفق الدبلوماسيان على ان الولايات المتحدة لا تستهدف في المرحلة الراهنة تغيير النظام السوري وانما الضغط عليه لكي يمتثل لمطالبها وهو ما يفتح الباب لاستكمال الوساطة العربية• فيما اعتبر محللون أن النظام السوري أصبح في وضع بالغ الصعوبة وانه ما لم يلب المطالب الأميركية فإن واشنطن قد تعمل على إطاحته، وقال نائب رئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية في ’’الاهرام’’ محمد السيد سعيد إن الإدارة الأميركية وضعت بالفعل من ضمن أهدافها تغيير النظام السوري ولكنـــــها تعتزم تنفيــــــذه من خلال سياسة العزل والاحتواء’’•

مصادر
الاتحاد (الإمارات العربية المتحدة)