كشف قادة أمنيون ان قيادة «خطة فرض القانون» بدأت تنفيذ اجراءات امنية مشددة على مداخل العاصمة بغداد وجسورها ومناطقها الساخنة تتضمن عزل هذه المناطق ونشر أجهزة «السونار» للكشف عن المتفجرات، فيما انتقد بعض النواب وأهالي الاعظمية الاجراءات الجديدة واكدوا ان الجهود العســكرية وحدها لا تحل الأزمة الأمنية.

وقال قاسم الموسوي، الناطق الرسمي باسم «خطة فرض القانون»، لـ «الحياة» ان «تطويق بعض الاحياء الساخنة بحواجز اسمنتية احدى مراحل الخطة المطبقة في بغداد»، مشيراً الى ان عزل بعض احياء العاصمة جاء بعد التقارير الاستخبارية التي وردت الى القيادة المركزية عن الحاجة اليها. واتهم سكان من السنة الحكومة بعزل احيائهم وتحويلها الى كانتونات مذهبية في حين تحدث البعض عن هويات خاصة لسكان الاعظمية. ولفت الى ان عزل بعض المناطق يصب في مصلحة المنطقة ذاتها، مشيراً الى «أن عدداً من المناطق يعاني النقص في الخدمات الأساسية بسبب سيطرة المسلحين عليها، وان عزل هذه المناطق يهدف الى تطهيرها من العناصر المسلحة وضمان عدم تسربهم الى مناطق اخرى».

وقال اللواء عبدالعزيز محمد جاسم، مسؤول العمليات في وزارة الدفاع، لـ «الحياة» ان «استراتيجية عزل الاحياء الساخنة تتيح للقوات الأمنية فرصة كبيرة في تنفيذ مهماتها العسكرية»، مشيرا الى أن «تطويق المدن الساخنة من اهم مراحل الخطة الامنية». وقال ان «كل منطقة يتم تطويقها سيحدد لها منفذ واحد للخروج وآخر للدخول» وزاد ان «تقدير مدى الحاجة لهذه الاستراتيجية وتحديد المناطق يرجع الى قيادة عمليات بغداد وهي بدأت ذلك قي تنفيذها بالفعل».

وأكد مصدر مسؤول في وزارة الدفاع ان «الاحياء التي ستعزل بحواجز بعد عملية عزل منطقتي الاعظمية والدورة هي العامرية وحي العامل والعدل في جانب الكرخ من العاصمة ومدينة الصدر «الشيعية» من جانب الرصافة».

وأكد الناطق الرسمي باسم وزارة الداخلية اللواء عبدالكريم خلف لـ «الحياة» ان «اجهزة السونار» الكاشفة عن المتفجرات وصلت الى العراق «وسيتم استخدامها في نقاط التفتيش الرئيسية في مداخل ومخارج المناطق وعند الجسور في بغداد».

الى ذلك، أعرب عدد من النواب عن استيائهم من عملية تطويق مناطق بغداد معتبرين انها «تهدف الى تحويل احياء العاصمة الى كانتونات مغلقه وتكريس الفصل المذهبي». وقال عمار وجيه المسؤول الاعلامي للحزب الاسلامي العراقي لـ «الحياة» ان «اللجوء الى هذه السياسة يعزز النزعة الطائفية لدى المواطنين، وان القرار اعتمد على عنصر الطائفية في عزل المناطق»، لافتاً الى ان «ذلك يُعد مؤشراً يُسجل ضد الحكومة وانها لم تفهم بعد ان الجهد العسكري مطلوب لكنه لا يحل كل المشاكل».

وقال الناطق الرسمي باسم التيار الصدري صالح العكيلي لـ «الحياة» ان «فرض سياسة حصار الاحياء لن يُنجح الخطة الامنية وان تبني هذا الاسلوب جاء نتيجة اذعان القوات العسكرية العراقية للاحتلال الاميركي».

وأعرب عدد من المــواطنين في منطقة الاعظـــمية عن تذمرهم من بناء الجدار الذي سيكون بطـــول خمســة كلم ويعمل على عزل المـــنطقة بشكل كامل. وقال ابو جاسم، صاحب محل بقالة في المنطقة، ان «تطويق الاعظمية يهدف الى اثارة الضغائن بين المنطقة وباقي مناطق بغداد ويسعى الى خلق تصورات خاطئة حول الاعظمية في ايوائها مسلحين».

وقال سعدون محمد صاحب محل موبيليات في الاعظمية ان «تطويق المنطقة دفعنا الى شراء ما نحتاج اليه من مواد غذائية ومتطلبات خوفاً من اغلاق المدينة وفرض الحصار علينا».

وكان مظليون من الفرقة 82 الاميركية المجوقلة وضعوا الكتل الاسمنتية الاولى لجدار يحيط بالاعظمية ليل 10 نيسان (ابريل) الجاري، وسيستمرون بنصب المزيد منها خلال الليل الى حين اكمال الجدار، وفقاً لبيان عسكري لقوات التحالف.

وقالت أم حيدر (54 عاماً)، وهي ربة منزل انها «فكرة غريبة وأمر عجيب ان يفكر المسؤولون ببناء سور لحماية الاعظمية عبر عزلها عن المناطق المجاورة لها». وأكدت ان «معظم السكان الذين اعرفهم لم يدركوا حتى الآن ابعاد ما يعنيه عزلهم عن باقي مناطق بغداد». وتابعت ان «ايجاد حل للوضع الأمني واعمال العنف لا يمكن ان يكون عبر بناء جدران من الاسمنت المسلح بين المناطق وسنجد انفسنا وسط متاهة من الجدران الاسمنتية».

ومن المتوقع ان يضمن الجدار البالغ طوله 4.5 كلم بارتفاع اكثر من مترين والمكون من كتل اسمنتية مسلحة تزن الواحدة منها اكثر من ستة اطنان، الحماية لمنطقة الاعظمية الواقعة في جانب الرصافة من بغداد (شرق دجلة) وفقا للبيان.

وتحيط بالأعظمية ثلاثة احياء شيعية، وكغيرها من المناطق المقسمة على اساس طائفي، شهدت المنطقة عنفا مذهبي الطابع واعمالا انتقامية.

وقال الكابتن سكوت ماكليرن ضابط العمليات المساعد «يشن مسلحون شيعة هجمات على السنة، فينتقم السنة منهم في الشوارع».

والجدار احد ركائز الاستراتيجية الجديدة التي تنتهجها قوات التحالف والقوات العراقية لوقف دوامة العنف المذهبي. ويأمل المخططون ان يشكل طريقة تسمح لسكان المنطقة معرفة الداخلين والخارجين كما انها تصد فرق الموت والميليشيات.

من جهته، قال زيد عبدالله (26 عاماً)، وهو تاجر عطور في احد المحلات التجارية في الاعظمية «نحن لا نرغب أبداً ببناء جدران عازلة بيننا وبين مناطق بغداد الاخرى ونخشى ان يكون الجدار بداية لعزلة اكبر من خلال اجراءات امنية اكثر تشدداً تصل الى منع الخروج والدخول، عندها ستتعطل اعمالنا ولن نرى زبائننا».

وبالإمكان رؤية كتل من الاسمنت المسلح مرصوصة على طول الطريق السريع الفاصل بين الاعظمية وما جاورها من مناطق ذات غالبية شيعية بعد مرور 11 يوماً على بداية العمل بالمشروع.

وقالت أم أحمد (50 عاماً): «فوجئت ببناء الجدار لأنه فكرة لا مبرر لها. عندما كان المسلحون يصولون ويجولون لم يفكر أحد ببناء جدران عازلة، لكن الآن، وبعد انكفائهم عن الشارع، قرر المسؤولون سجننا».

وقال علي ابراهيم (29 عاماً): «يبدو ان الفيديرالية التي يراد لها ان تقسم العراق ستطول بغداد ايضاً لتقسمها، والناس هنا تتحدث عن عزم الحكومة اصدار هويات خاصة لسكان الاعظمية». واضاف متسائلاً بهزء: «هل لأننا مميزون؟ ام اننا غير مرغوب بهم في العراق الجديد؟ «.

وأكد مصطفى (25 عاماً) وهو مبرمج كومبيوتر «عدم ارتياحه على الاطلاق ازاء الجدار لأنه سيحول الاعظمية الى سجن كبير».

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)