أبلغ الرئيس بشار الأسد أمس الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون "أنه سيبذل جهوده لتشجيع الشعب اللبناني على الوصول إلى توافق وطني (بشأن المحكمة التي ستنظر في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري)، وتشكيل حكومة وحدة وطنية"، وذلك رداً على طلب بان من الأسد " الاستعانة به في مساعدة اللبنانيين على التوصل لاتفاق في هذا الصدد".

وختم المسؤول الأممي أمس زيارة إلى دمشق استمرت عدة ساعات التقى خلالها إضافة إلى الرئيس الأسد نائبه فاروق الشرع ووزير الخارجية وليد المعلم.

وتركزت مباحثات بان كي مون مع الأسد على مشروع انشاء محكمة دولية في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الاسبق رفيق الحريري ومراقبة الحدود اللبنانية السورية من قبل قوة الامم المتحدة الموقتة في لبنان (يونيفيل).

وتأتي هذه الزيارة بعد اسبوعين من زيارة الامين العام للامم المتحدة الى بيروت حيث شدد على ضرورة انشاء هذه المحكمة ذات الطابع الدولي.

وقال بان في مؤتمر صحفي قُبيل مغادرته "ناقشت هذه القضية (المحكمة) مع الرئيس الأسد بإسهاب ثم قال عندئذ إن هذه قضية ينبغي للشعب اللبناني فقط أن يقررها من خلال رأي يتم
التوافق حوله."

ورأى بان أنه "من الانسب ان يتوصل اللبنانيون الى حل"، مضيفا "اذا كانوا غير قادرين على ذلك، فسيتوجب على الامم المتحدة ومجلس الامن اخذ الامر في الاعتبار".
وقال إنه خلال مباحثاته مع الرئيس الأسد شجع سوريا على الوصول إلى اتفاق بشأن الحدود مع لبنان "وقد وافق الأسد على إعادة تفعيل لجنة الحدود مع لبنان " وأضاف أن "الرئيس الأسد والحكومة السورية جددا التزامهما بالتطبيق الكامل لقرار مجلس الأمن رقم 1701 ".

وذَكَرَ بان أن الأسد أكد مجددا "استعداده من حيث المبدأ لإقامة علاقات مع لبنان"، وأوضح أنه خلال محادثاته مع القيادة السورية شدد على أهمية منع التهريب غير المشروع للأسلحة إلى لبنان مشيرا إلى أن "سوريا يمكن أن تلعب دورا شديد الإيجابية في لبنان بما في ذلك المساعدة في نزع أسلحة الجماعات المسلحة وتفكيكها"، في إشارة إلى سلاح حزب الله.

ونقل بان عن الرئيس الأسد تأكيده رغبة سورية " في التعاون مع الأمم المتحدة في كل الأمور المتعلقة بالسلام والاستقرار في المنطقة".

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة ضرورة أن تتضمن عملية السلام بين سورية وإسرائيل "انهاء الاحتلال للأراضي العربية المحتلة وتطبيق قرارات مجلس الأمن والامم المتحدة المعنيين بذلك "

وقال الأمين العام للأمم المتحدة إنه ناقش مع الرئيس الأسد أوضاع اللاجئين العراقيين في سوريا إلى جانب عملية السلام بين العرب وإسرائيل مشيرا إلى أن هناك اتفاقا لمواصلة الاتصالات والجهود المشتركة من أجل السلام في المنطقة.

وشدد بان على أهمية الدور السوري متوقعاً " أن سوريا تستطيع لعب دورا بناء جدا في تحقيق السلام والأمن في هذه المنطقة وقد جدد الرئيس الأسد تأكيده على رغبته في القيام بذلك".

وان كانت الامم المتحده ستلعب دورا فاعلا في استئناف عمليه السلام في ظل رفض اسرائيل كافه المبادرات ونداء‌ات السلام، قال بان كي مون: "لسوء الحظ لم يتم تطبيق كافه القرارات من كافه الاطراف المعنية بعمليه السلام، وعندما زرت اسرائيل اكدت علي ضرورة تطبيق القرارات التي تجبرها احيانا علي الانسحاب من بعض الاراضي".

وأعرب بان عن تفاؤله في هذه الفتره "فالمبادرة العربية قد تم تفعيلها، وهناك بلدان عربية اخري ستشارك في هذه العملية، وهناك مجموعه الجهود الدولية التي يجب ان تساعد كل المبادرات التي تعمل في هذا المجال لتحقيق السلام والاستقرار في هذه المنطقة".

وقال إنه أكد خلال زيارة لإسرائيل على ضرورة وأهمية تطبيق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ".

ورداً على سؤال يتعلق بوجود أكثر من مليون ومئتي الف عراقي في سورية وماذا يمكن أن تقدمه الأمم المتحدة لرفع هذا العبء عن الحكومة السورية، اعتبر بان كي مون أن هذا تحد حقيقي للحكومة السورية بدعم ومساعدة اللاجئين العراقيين على المستويين الاقتصادي والاجتماعي.

وأوضح أنه عبر عن تقديره وامتنانه "للرئيس الأسد والحكومة السورية على معالجتها هذا الموضوع رغم المشاكل التي بحوزتها " وأشار الى ان المفوضية السامية لشؤون اللاجئين " نظمت مؤتمراً دولياً لمناقشة قضية اللاجئين العراقيين في سورية والاردن " مؤكداً "استمرار الأمم المتحدة بتقديم الأموال من المجتمع الدولي للمساعدة في استضافة هؤلاء اللاجئين ".
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة زيارته لسوريا بأنها "مثمرة " موضحا انه اجرى محادثات "ممتازة" مع الرئيس الأسد ونائبه الشرع والوزير المعلم.

ولقاء أمس هو الثاني بين بان والأسد بعد لقائهما الأول خلال مؤتمر القمة العربية في الرياض أواخر الشهر الماضي.

بدورها قالت وكالة الأنباء السورية سانا إن الرئيس الأسد بحث مع بان كى مون العلاقات بين سورية والامم المتحدة واهمية بناء الثقة والاحترام المتبادل بينهما والبناء على ما تم تحقيقه على هذا الصعيد، وعملية السلام وفق الشرعية الدولية والاوضاع فى كل من العراق وفلسطين ولبنان.

ونقلت سانا عن الأسد تأكيده على الدور الهام الذى يمكن ان تلعبه الامم المتحدة بشأن القضايا المطروحة، كما اكد الرئيس بشار الاسد ان سورية مع كل ما يتوافق عليه اللبنانيون.
ومن جانبه نوه كى مون بجهود سورية المبذولة لمساعدة اللاجئين العراقيين لديها، وتم الاتفاق على استمرار التشاور بين سورية والامم المتحدة.

ووصف الدكتور محسن بلال وزير الاعلام لقاء لرئيس الاسد بان كى مون بأنه ايجابى جدا ومثمر للغاية
.
وأشار في تصريحات تلفزيونية أمس الى ان بان كى مون لم يدخل بأى تفصيل لبنانى انما طرح موضوع عملية السلام فى المنطقة وابدى دعمه لمبادرة السلام العربية التى اقرت فى بيروت عام /2002/ واعيد تأكيدها فى قمة الرياض مبديا استعداده للتعاون مع سورية بشكل موضوعى من اجل تحقيق الاستقرار والسلام العادل والشامل فى المنطقة.

أما نائب وزير الخارجية الدكتور فيصل المقداد نائب وزير الخارجيه السوري فأكد أن الزيارة كانت موفقه وحققت الاهداف التي تمت من اجلها.

وأعرب المقداد للصحفيين عن السعادة "لهذا الحوار الذي تم علي اعلي المستويات بين الرئيس الاسد وبان كي مون"، موضحا ان "كافه القضايا نوقشت وان الاجواء كانت ايجابيه جدا".
واضاف: "سيتم تعزيز التعاون المشترك بين الامم المتحدة وسورية"، مجددا التاكيد علي التزام سوريه بشكل تام بقرارات الشرعية الدولية وانها ستعمل علي تنفيذ كل ما يمكن تنفيذه منها.
وحول الحيز الذي شغله الملف اللبناني من مباحثات كي مون في دمشق قال المقداد: "الموضوع اللبناني مثله مثل‌ اي موضوع اخر في المنطقة كان مطروحا علي جدول الاعمال وقد اكدت سورية احترامها لقرارات الامم المتحدة وسعيها بشكل بشكل اساسي لعدم توتير الاوضاع في لبنان الشقيق والعمل علي حل كافه المشاكل من خلال التوافق اللبناني".

وان تم الاتفاق بين القيادة السورية وكي مون علي جدول زمني لمناقشه ملفات المنطقة قال المقداد: "الامين العام لم يات الي دمشق للمناقشات وللتفاوض، اتي من اجل طرح افكار والاستماع الي مواقف وهذا ما تم بشكل فعلي"، موكد انه "استمع بشكل ممتاز الي وجهه النظر السورية".

وزار الأمين العام قوة مراقبة فك الاشتباك التابعة للمنظمة الدولية في مرتفعات الجولان والتي نشرت لمتابعة وقف إطلاق النار بين إسرائيل وسوريا بعد حرب تشرين عام 1973.
وسبق ان التقى بان والمعلم في الطائرة التي اقلتهما الى دمشق من الدوحة حيث شارك بان في مؤتمر حول التنمية والديموقراطية والتبادل الحر.

ورافق الامين العام للامم المتحدة في اول زيارة له الى سوريا موفد الامم المتحدة الى الشرق الاوسط تيري رود لارسن وممثله الشخصي في لبنان غير بيدرسن.

مصادر
سورية الغد (دمشق)