حذّر محللون سياسيون فلسطينيون من «فراغ قيادي» قد تشهده الساحة الفلسطينية، مؤكدين ان الاوضاع الحالية، خصوصا الاقتتال في غزة، هي الاسوأ في التاريخ الفلسطيني الحديث.

وقال الكاتب والمحلل السياسي خليل شاهين لوكالة «فرانس برس» ان «الامور تقود فعلا الى فراغ قيادي حقيقي، وهو من علامات انهيار السلطة، لأن الخلاف الآن بين الاطراف المتصارعة على من يقود». واضاف ان «الرئيس محمود عباس اصدر (مساء الاربعاء) امرا بوقف اطلاق النار، وكذلك فعلت حماس. لكن بعد ذلك قتل اربعة فلسطينيين في غزة، وهو ما يشير الى ان قتال الميليشيات في غزة لا احد يستطيع ضبطه، لا فصائل ولا رئاسة ولا حكومة». وتابع ان «الامور في قطاع غزة تدفع باتجاه وضع الشعب الفلسطيني في نكبة جديدة، والنظام السياسي الفلسطيني الآن امام مفترق طرق، فالصراع ليس على المرجعيات فقط وانما على الشرعيات ايضا».

وبدأ التنافس على السلطة عقب فوز حركة «حماس» في الانتخابات التشريعية الاخيرة التي جرت اوائل العام الماضي، اذ توقف بعدها عمل المجلس التشريعي، وهذا ما رأى فيه شاهين احدى علامات الانهيار الاخرى، في حين اشتد التنافس بين «فتح» و «حماس» على المؤسسات المدنية والامنية.

وقال المحلل السياسي طلال عوكل: «للمرة الاولى في تاريخ الثورة الفلسطينية تحدث ازدواجية كهذه ونشهد صراعا على القيادة بهذا الشكل الدموي». واضاف: «صحيح انه نشأت في السبعينات جبهة الرفض، لكن لم يكن حينها تنافس على قيادة منظمة التحرير الفلسطينية». واعتبر ان اسرائيل تغذي التنافس الدموي بين «فتح» و «حماس».

وكانت اسرائيل شنت الجمعة سلسلة غارات مستهدفة مراكز للقوة التنفيذية التي يشكل اعضاء «حماس» معظم عناصرها، بينما يجري الحديث عن جهود فلسطينية داخلية لتثبيت وقف اطلاق النار بين المتقاتلين.

وقال عوكل ان «اسرائيل اتخذت قرارا بتنفيذ هجمات على غزة الاسبوع الماضي، لكنها ارجأت التنفيذ حين اندلعت المواجهات الداخلية». واضاف ان «جهاز الامن الاسرائيلي ارجأ تنفيذ العملية واخبر الحكومة انه لا يجوز التدخل الآن حتى لا نفسد حالة الصراع الداخلي». وتوقع ان تصدر بعد الغارات الاسرائيلية «اتهامات من حماس ضد السلطة التي تقودها فتح بأن العملية الاسرائيلية تمت بتنسيق مع السلطة، وهذا بحد ذاته كاف لتأجيج الصراع بدل تطبيق وقف اطلاق النار الداخلي».

واتفق استاذ العلوم السياسية علي الجرباوي معه بأن الاوضاع التي يمر بها الفلسطينيون اليوم «هي الاسوأ في تاريخهم السياسي»، وقال: «في الماضي كانت هناك اختلافات وانشقاقات، لكن هذه الخلافات لم تكن تفقدنا يوما البوصلة السياسية الفلسطينية». واضاف ان الاقتتال الداخلي الدموي بين الحركتين ناجم عن «فقدان البوصلة وغياب الهدف السياسي المشترك».

ولم ينجح العديد من الاتفاقات في وقف اطلاق النار، اذ تواصلت الاشتباكات عقب الاعلان عن التوصل الى اتفاقات بسحب المسلحين من الشوارع. وتترافق الاشتباكات الداخلية الفلسطينية مع غياب افق سياسي واضح يدفع العملية السلمية او المفاوضات السياسية مع الجانب الاسرائيلي، وهو الامر الذي يعزز الشعور بأن الفلسطينيين يعيشون مرحلة شديدة الصعوبة. وكان قتل 48 فلسطينيا في دوامة العنف الاخيرة التي اندلعت في 11 ايار (مايو) بين انصار «فتح» و «حماس» في غزة.

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)