نفت سورية اليوم وجود أي تباين بين مصالحها والمصالح اللبنانية، واعتبرت أنه لا حل للأزمة الراهنة في لبنان دون " الوفاق الوطني"، وأكدت على لسان نائب الرئيس فاروق الشرع أنه "عبر التاريخ لم يكن هناك تناقض، فمصالح سورية متطابقة مع مصالح لبنان حتى في الموسم السياحي".

وفي ندوة حوارية بمناسبة الاستفتاء على ولاية دستورية جديدة للرئيس بشار الأسد، أوضح الشرع أمام طلاب وأساتذة جامعة دمشق أن "تناقض المصالح الحقيقي هو بين لبنان واسرائيل"، متهما بعض الأطراف اللبنانية دون أن يسميها بأنها تريد "أمنا أجنبياً " وقال إن "أمامهم الان خيارات صعبة وعليهم ان يختاروا ومن دون الوفاق الوطني في لبنان لا يوجد افق لحل الأزمة اللبنانية".

وحول ظهور التنظيمات المسلحة مثل جند الشام، وفتح الاسلام، وانصار الاسلام، قال الشرع إن هذه الجماعات "لا تجد مكاناً لها الا في بلد ضعيف ومنقسم على ذاته، فهي موجودة في العراق بشكل اساسي الآن بينما سابقاً لم تكن موجودة, وموجودة في لبنان الآن، وقبل بضع سنوات لم تكن موجودة".

وأشار الشرع إلى ما " كتبته بعض الصحف من أن احد التيارات الحاكمة في لبنان تمول بشكل مباشر او غير مباشر مثل هذه التنظيمات وفي العراق كذلك"، لافتاً إلى أن "كل هذه التنظيمات لا تأتي من فراغ إنما تأتي نتيجة غياب الدولة" محملاً المسؤولية لمن "يعطل قيام الدولة في لبنان ويرفض قيام حكومة وحدة وطنية، ويستقوي بالاجنبي، ويعتبر أن المال السياسي هو كل شيء، ويشعر بالعجز عن رفض التعليمات الخارجية"، مؤكداً أنه "لا يوجد علاج أمني لكل شيء دون حل سياسي يأتي بمشاركة جميع القوى الفاعلة في لبنان وهو المطلب المشروع لأنه موجود في اتفاق الطائف".

وبشكل غير مباشر، تناول نائب الرئيس موضوع المحكمة الدولية المزمع إنشاؤها قريباً للنظر في جريمة اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق رفيق الحريري، وأوضح أن : "البعض ينسون عندما يشكلون محاكم قبل انتهاء التحقيق ويرفعونها إلى مجلس الأمن أنهم يجب أن يحققوا أكثر بـ 600 ألف عراقي قتلوا في السنوات الماضية، و3500 أمريكي قتلوا في العراق على يد المقاومة أو غيرها، وقبلها أكثر من 3000 امريكي قتلوا في أحداث أيلول في برجي التجارة العالمي"، متسائلاً "أين التحقيقات وأين المحاكم للنظر في جرائم الحرب هذه ؟".

واستطرد الشرع قائلاً "ثم يأتي أحدهم وفريقه في لبنان ليقول إن المحكمة وبعد أن أرسلت إلى مجلس الأمن أصبحت وراء ظهورهم ... جيد، إذا كانت المحكمة قبل أسبوع أو أربعة أيام وراء ظهورهم فلماذا استعادوها منذ يومين".

ومع أن الشرع جدد موقف بلاده الداعم للعملية السياسية في العراق، والرافض للحرب، إلا أنه طرح جملة من التساؤلات أجملها بـ "أين هي العملية السياسية، هل تلمسون أن هناك عملية سياسية جارية، فيها مصالحة وطنية تشمل كل مكونات الشعب العراقي، هل تشعرون أن هناك نوايا جدية لإنهاء دور الميليشيات في العراق؟ هل تشعرون بأن هناك نية حقيقية بأن القوات الأجنبية ستضع جدولاً للانسحاب من العراق ؟ هل تشعرون أو تطمئنون بأن العراق سيظل موحداً "

وفيما اعتبره المراقبون بمثابة انتقادات بشكل أو بآخر لنتائج مؤتمر شرم الشيخ الخاص بدول جوار العراق تساءل الشرع " ترى هل يمكن أن يكون مؤتمر حول العراق عُقِد منذ عامين أفضل من مؤتمرات تعقد الآن وهي أقل في الجوهر من بيانات صدرت قبل سنتين".

وقال الشرع " لو أن العراق قُدِر له حكومة صالحة وقيادة وطنية لِما استطاع أن يستعيد كيانه المستقل السيد الموحد العربي الانتماء لسنوات عشر قادمة، فكيف إذا كان هذا العراق يخضع لأعتى أنواع القوة المسلحة التي تأتي من دول تدعي الحضارة أو تأتي من ميليشيات هي لم يكن بإمكانها أن تنمو في العراق لو لم تأخذ ضوءاً أخضر من تلك الدول ".

وأشار الشرع إلى وجود "حملة تضليل لا سابق لها في المنطقة" مبدياً أسفه لوجود "الكثيرين الذين يشجعون على هذا التضليل في العواصم الغربية وفي مقدمتها واشنطن ".

ورداً على سؤال يتعلق بوجود حشود اسرائيلية في الجولان وأخرى أمريكية في الخليج وفي شرق سورية "العراق" ومدى امكانية صمود سورية قال الشرع "ان سورية بقيادة الرئيس بشار الاسد قادرة على الصمود وقادرة على ان تقول لا عندما يجب القول (لا), وتدرك أيضاً أن الدبلوماسية لها فعلها لكي تكون سورية قادرة على ان تحمي هذه الـ (لا) الكبيرة"

ورأى الشرع أن "التحركات والحشود الأمريكية العسكرية في الخليج هدفها الرئيسي حماية النفط وليس لحماية دول الخليج " وأشار إلى أن مثل هذه التحركات تأتي ضد إيران وليس لحماية دول الخليج من الجمهورية الإسلامية" مشيراً إلى "أننا نسمع من دول الخليج العربي انها تقول لأمريكا ان امننا يُصان بشكل افضل بالحوار والتفاهم بين العرب وايران "

وأكد نائب الرئيس السوري أن "الوجود الأمريكي في المنطقة ليس له علاقة بامن العرب بل له علاقة بحماية الشره الامريكي للنفط بالدرجة الاولى "، معرباً عن اعتقاده بأن " الاشقاء العرب يدركون ذلك وأمريكا تريد السيطرة بقدر ما تستطيع على اكبر عدد من مواقع وآبار النفط في هذه المنطقة التي تملك ثلثي مخزون النفط العالمي.

وأوضح الشرع أن " الغربيون منقسمون في الدفاع عن الفلسطينيين والعرب والمسلمين، وموحدون في الدفاع عن إسرائيل "، متمنياً أن "نستمر في المحافظة على المستوى العقلاني في مواجهة هذه التحديات لأنني أرى أنهم يملكون القدرة ليس فقط على استخدام القوة الغاشمة ضد الحق بل إنهم يتهمون عقول أولئك الأمريكيين الذين انتقدوهم لهذه السياسة ".

وذلك في إشارة إلى الانتقادات التي وجهها مؤخراً الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر لسياسة الإدارة الأمريكية الحالية برئاسة جورج بوش.

وفيما يتعلق بعملية السلام السورية الإسرائيلية المجمدة منذ مطلع العام ألفين قال الشرع " هناك فعلاً في إسرائيل من يريد السلام مع سورية, في المقابل هناك متشددون متعصبون لعنصريتهم لا يريدون السلام " مؤكداً أن سورية تطلب السلام "ولا نريد ان نراهن على ذلك لاننا راهنا بالقول والفعل منذ اكثر من خمسة عشر عاما ".

ولفت الشرع إلى وجود " كتاب وسياسيون كبار في الولايات المتحدة قالوا ان المسؤولية تقع على اسرائيل في عدم تحقيق السلام بين اسرائيل والفلسطينيين وبين اسرائيل وسورية ".

كما حمَّل نائب الرئيس السوري مسؤولية إخفاق عملية السلام إلى "الموقف الأمريكي " الذي يمنه إسرائيل من التفاوض مع سورية لتحقيق السلام، ومتهماً في الوقت عينه الولايات المتحدة واسرائيل بأنهما "لا تريدان الهدوء في المنطقة فكيف يمكن ان تقبلا بالسلام ".

وبعد أن أوضح أن " السلام مؤجل حتى اشعار آخر " أعرب الشرع عن اعتقاده "أن هذا الإشعار ليس بعيداً، فالنهايات تقترب ... نهايات الذين عطلوا السلام وشنوا الحروب تقترب آجالها "

وانتقد نائب الرئيس فاروق الشرع بعض القرارات الصادرة عن مجلس الأمن الدولي، وسيطرة الولايات المتحدة عليه، و تجاوز ميثاق الأمم المتحدة، وقال إن بعض القرارات والعقوبات صدرت " بدافع من الولايات المتحدة، وهي تستهدف الشعوب أكثر مما تستهدف الأنظمة بل إنها تقوي الأنظمة على شعوبها "، موضحاً أن "الكثير من القرارات التي صدرت وخاصة ضد دول عربية وإسلامية لم تكن لتصدر لولا هيمنة الولايات المتحدة على مجلس الأمن".

كما انتقد بطء عملية الإصلاح الجارية في المنظمة الدولية، وأشار إلى مرور " خمسة عشر عاماً ولم تتقدم خطوات الإصلاح شبراً واحداً وبقي ميثاق الأمم المتحدة كما هو، ويتم تجاوزه ، مشيراً إلى "أن الكثيرين لم يعودوا يميزوا بين ما تريده الولايات المتحدة وما يريده مجلس الأمن.

وقال إن "الكثير من الضغوط والإملاءات غير المحقة التي صدرت عن مجلس الأمن وأطلق عليها ظلماً أنها تعبر عن إرادة المجتمع الدولي صدرت دون وجه حق أو دون متابعة منصفة حتى لا تظلم شعوب عديدة بسببها ".

وقال الشرع " نحن نمر بمرحلة خطيرة ونثق ثقة جازمة بأن على رأس هذه القيادة من هو قادر بشجاعة وحكمته وإيمان الشعب به أن يقود دفة الوطن إلى شاطئ الأمان إنه الرئيس بشارالأسد ".

وقارن الشرع بين الوضع عام 2000 وبين الوضع هذه الأيام وقال "الوضع العربي والدولي في العام 2000 كان افضل من الوضع الحالي " شارحاً أن " الوضع الدولي الان اكثر تعقيدا وسوءاً والوضع العربي في أدنى مستوياته من حيث التضامن أو التفاؤل " مشيداً بقدرة سورية على الصمود رغم ذلك "لان الشعب السوري يثق بقيادة ونهج الرئيس بشار الأسد، فالشعب السوري جربه واختبره في الملامات والصعوبات ويعرف ان الرئيس الأسد يمتلك القدرة والمعرفة والخبرة الان في عام 2007 اكثر مما كان في عام 2000 لذلك فان سورية اكثر ثقة وايماناً بالمستقبل بقيادة الرئيس بشار الاسد".

مصادر
سورية الغد (دمشق)