حققت روسيا أمس خطوة في إطار المواجهة المفتوحة مع أميركا على خلفية مشروع الدرع الصاروخية التي تنوي واشنطن نشرها في أوروبا. ولم تمض ساعات على الاتصال الهاتفي بين الرئيسين الأميركي جورج بوش والروسي فلاديمير بوتين، حتى تجلّى فشل زيارة وزيري الدفاع والخارجية الأميركيين روبرت غيتس وكوندوليزا رايس لتشيخيا وبولندا.

وأعطت واشنطن أمس إشارات متناقضة في مسألة الدرع. ففي حين أعلن الرئيس جورج بوش ان الحاجة «ملحّة» لنشرها في أوروبا، محذّراً من ان إيران قد تطوّر قبل السنة 2015 صواريخ بالستية عابرة للقارات قادرة على ضرب أميركا وكل أنحاء أوروبا، أعلن الوزير غيتس استعداد بلاده لتأجيل تشغيل الدرع، في حال قررت موسكو «التعاون». وحذّرت رايس روسيا من استخدام ثروات النفط والغاز سلاحاً سياسياً في دول الاتحاد السوفياتي السابق.

وقال غيتس في مؤتمر صحافي ان «الوزيرة كوندوليزا رايس وأنا، قدّمنا اقتراحين إضافيين الى الروس»، مشيراً الى ان الأول هو «مزيد من الشفافية عبر السماح بوجود روسي» في مواقع الدرع.

وظهرت في روسيا أخيراً تلميحات الى خطة تهدف الى الربط بين مشروع الدرع الصاروخية وتسوية أزمة الملف النووي الإيراني، باعتبار ان واشنطن تتذرّع لإنشاء منظومتها بما يوصف بـ «خطر الصواريخ الإيرانية».

وحملت رايس على الروس، منتقدة «استخدام ثروات النفط والغاز سلاحاً سياسياً»، ومؤكدة ان الإصلاحات الديموقراطية ستعزز العلاقات بين موسكو وواشنطن. وسلمت الوزيرة بوجود «بعض التباعد» بين الجانبين، لكنها رفضت الحديث عن ملامح عودة في العلاقات إلى حقبة الحرب الباردة.

وردت الخارجية الروسية بالإشارة إلى المحادثات التي أجراها النائب الأول لوزير الخارجية الروسي اندري دينيسوف مع المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية نوبو تاناكا في موسكو، وأكدت أن روسيا والوكالة تقفان ضد تسييس مسائل التعاون في مجال الطاقة.

في غضون ذلك، بدا ان العلاقات الروسية - البولندية مرشحة للتحسن، بعدما وجه زعيم حزب «القاعدة المدنية» دونالد توسك، المرشح الأقوى لتسلّم رئاسة الوزراء، «إشارات إيجابية» الى الكرملين، حول نيته مراجعة سياسة وارسو على صعيدي استضافة الدرع الصاروخية الأميركية والتعاون مع موسكو.

وفي أول إشارة الى توجهات سياسته الخارجية بعد تشكيل الحكومة البولندية الجديدة، شدّد توسك على أهمية تعزيز العلاقات مع موسكو وتسوية «المشكلات العالقة» بين الجانبين، واعتبر السياسي الذي حقق حزبه فوزاً كبيراً في الانتخابات الاشتراعية البولندية، يؤهله لتشكيل حكومة، ان تطوير العلاقات مع موسكو «يعد أبرز توجهات السياسة الخارجية لوارسو في الفترة المقبلة»، مشيراً الى عدد من «الملفات الصعبة» التي تعد إشكالية بين البلدين، على رأسها الدرع الصاروخية الأميركية، ومسألة واردات روسيا من اللحوم البولندية، علماً أن موسكو جمّدت استيراد اللحوم من بولندا قبل شهور.

ويعزّز موقف السياسي البولندي توجه موسكو الى إيجاد حل شامل لمشكلة نشر الدرع الصاروخية «يلبي المصالح الأمنية لكل الاطراف». وسبق أن اقترحت موسكو إنشاء «منظومة متكاملة في أوروبا»، تشارك فيها روسيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.

مصادر
الحياة (المملكة المتحدة)