اتفاق الخليل (15 كانون الثاني 1997):

عاد حزب الليكود في مايو 1996 إلى سدَّة الحكم بزعامة بنيامين نتنياهو الذي كان معارضاً لاتفاق أوسلو، ويعتقد أن الفلسطينيين أخذوا أكثر مما ينبغي أو أكثر مما يستحقون. وقد اضطرت السلطة الفلسطينية إلى تقديم تنازلات جديدة فيما يتعلق بوضع مدينة الخليل الذي تم التوقيع عليه في 15 كانون الثاني 1997 وهو اتفاق قسَّم المدينة إلى قسمين: يهودي في قلب المدينة بما فيها الحرم الإبراهيمي، وقسم عربي ويشمل الدائرة الأوسع للمدينة. وتم وضع ترتيبات أمنية قاسية ومعقدة لضمان أمن الـ400 يهودي المقيمين في وسط المدينة، وبشكل يضمن راحتهم وتنقلهم بين أكثر من 120 ألف فلسطيني يسكنون الخليل، مما جعل حياة سكان المدينة الفلسطينية جحيماً لا يطاق.

وتضمّن اتفاق الخليل إعادة جدولة زمنية لثلاث انسحابات (إعادة انتشار) من أجزاء غير محددة من الضفة تبدأ في آذار 1997 وتنتهي في حزيران 1998، بدلاً مما كان مقرراً في أيلول سبتمبر 1997.

اتفاق واي ريفر بلانتيشن (23 تشرين أول 1998):

تعامل نتنياهو مع السلطة الفلسطينية بكثير من اللامبالاة والازدراء والتعالي، ونشط أكثر في مجال توسيع المستوطنات والاستيلاء على الأراضي وتهويد القدس. ورفض تطبيق الاتفاقيات أو التعاون مع السلطة ما لم تثبت فاعليتها بنسبة 100% في مكافحة المعارضة الفلسطينية وخصوصاً حماس والجهاد الإسلامي، وما لم تقدم أقصى درجات التعاون الأمني مع الكيان الإسرائيلي.

وقد تعثرت إعادة انتشار الجيش الإسرائيلي مرة أخرى نتيجة التعنت الإسرائيلي. واضطر عرفات في 5 أيار 1998 أن يقبل أخيراً عرضاً أمريكياً - كان قد رفضه مراراً - بانسحاب "إسرائيلي" من 13% من الضفة الغربية. غير أن نتنياهو لم يوافق على هذا العرض إلا بعد أن وافق عرفات أن يكون هناك 3% من هذه الـ 13% على شكل محمية طبيعية. وفي 23 تشرين الأول 1998 وقع الطرفان اتفاقية واي ريفر بلانتيشن التي تضمنت الانسحاب الإسرائيلي من 13% من أرض الضفة. كما تضمنت إطلاق سراح بضعة مئات من أصل 3000 معتقل سياسي فلسطيني، والسماح بتشغيل مطار غزة والسماح بطريق آمن بين الضفة والقطاع.

اتخذ اتفاق واي ريفر شكلاً أمنياً أكثر حزماً وتشدداً، إذ كان شرط تنفيذ ما سبق أن يُصعِّد الطرف الفلسطيني جهوده ضد ما أسماه "الإرهابيين" أي المعارضة الفلسطينية، ويصادر الأسلحة بناء على خطة أمنية مجدولة تحت إشراف المخابرات الأمريكية CIA، وإزالة كل ما يعادي "إسرائيل" في الميثاق الوطني الفلسطيني. وحسب الاتفاقية تتسع السيطرة الإدارية والأمنية للسلطة لتغطي 18% من الضفة (مناطق أ)، ويكون لها سيطرة إدارية فقط على 22% (مناطق ب) ويكون ضمنها المحمية الطبيعية (3%).

في 16 تشرين الثاني 1998 طمأن نتنياهو حكومته أنه حتى بعد تنفيذ اتفاقية واي ريفر فإن الإسرائيليين سيظلون محتفظين بالسيطرة الأمنية على 82% من الضفة والقطاع. وفي تشرين الثاني 1998 انسحب الكيان الإسرائيلي من 34 بلدة وقرية شمال الضفة. وأطلق سراح 250 سجيناً فلسطينياً معظمهم مجرمين عاديين وليس معتقلين سياسيين. ثم عاد مجلس الوزراء الإسرائيلي فقرر توقيف تنفيذ اتفاقية واي ريفر في 20 كانون أول 1998. ورجع الإسرائيليون إلى عادتهم في فتح وإغلاق "صنبور" تنفيذ الاتفاقيات كما يشاؤون سعياً لابتزاز تنازلات جديدة.

اتفاقية شرم الشيخ (4 أيلول 1999):

مع قدوم حزب العمل بقيادة إيهود باراك إلى السلطة من جديد في تموز 1999 تجددت آمال السلطة الفلسطينية بالتعجيل بتنفيذ اتفاقات أوسلو، وحسم قضايا الحل النهائي. ورغم أن باراك قاد حملته الانتخابية على أساس الوصول إلى تسوية وتسريع عجلة المفاوضات، إلا أنه قدَّم "لاءاته الخمس" التي استند على أساسها برنامجه "السلمي":

1. لا لإعادة القدس الشرقية للفلسطينيين، والقدس عاصمة أبدية موحدة للكيان الإسرائيلي.

2. لا لعودة الكيان الإسرائيلي إلى حدود ما قبل حرب 1967.

3. لا لوجود جيش عربي في الضفة الغربية (بمعنى أن أي كيان فلسطيني يجب أن يكون ضعيفاً غير مكتمل السيادة).

4. لا لإزالة المستوطنات اليهودية في الضفة والقطاع.

5. لا لعودة اللاجئين الفلسطينيين.

في شرم الشيخ في 4 أيلول 1999 وقع باراك وعرفات النسخة المعدَّلة من اتفاقية واي ريفر بحضور الرئيس المصري وملك الأردن. وهي تتعلق بموضوع تعجيل إعادة الانتشار الذي اتفق عليه سابقاً وماطلت "إسرائيل" في تنفيذه. كما تم الاتفاق على تمديد فترة الحكم الذاتي إلى أيلول 2000، مع أنه ينتهي حسب "أوسلو" في أيار 1999. كما نص على الإفراج عن مجموعة من المعتقلين الفلسطينيين.

لم يسلم اتفاق شرم الشيخ من التسويف، إذ إن موعد استكمال عملية التسليم كان ينبغي أن يتم في 20 كانون الثاني 2000، لكن الخلاف على ما يمكن تسليمه أخّر التنفيذ إلى 21 آذار 2000.

في 23 حزيران 2000 نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية نص وثيقة أمريكية تكشف استعداد "إسرائيل" للانسحاب من 90% من الضفة والقطاع ونقلهما للسيادة الفلسطينية الكاملة. والموافقة على أن يكون نهر الأردن والجسور المقامة عليه والأحياء العربية في القدس تخضع في النهاية لسيطرة الفلسطينيين، على أن تقوم "إسرائيل" بضم مناطق وتجمعات الاستيطان اليهودي الرئيسة في الضفة، ومن ضمها تلك القائمة في محيط منطقة القدس. وعلى أن تحل مشكلة اللاجئين على أساس مبدَأَي التعويض والتوطين، ولتحقيق ذلك يحصل الفلسطينيون على 40 مليار دولار والأردنيون على 40 مليار دولار أخرى، ويحصل اللبنانيون على 10 مليارات والسوريون على 10 مليارات. واقترح أن تقوم أمريكا بتغطية 25% من هذه المبالغ التي ستصرف على مدى 10-20 عاماً عن طريق إنشاء منظمة دولية جديدة تحل محل الأونروا. كما وعدت الوثيقة بمساعدات غير محددة للفلسطينيين، منها خمسة مليارات لإنشاء بنية تحتية لتوفير المياه.

وفي الوقت نفسه تسربت الأخبار عن مشروع فلسطيني للتسوية النهائية، نشرته الصحيفة ذاتها في 25 حزيران 2000 (أي بعد يومين) على أساس ما أسمته "قائمة مطالب عرفات للسلام"، مشيرة إلى أنها نقلته عن مصدر إسرائيلي رفيع. وقد تضمن:

1. انسحاب إسرائيلي من 98.5% من الضفة الغربية.

2. الموافقة على بقاء جزء من المستوطنات تحت السيادة الإسرائيلية داخل حدود المستوطنة بالإضافة إلى 50 متراً خارج جدرانها.

3. الموافقة على أن الشوارع المؤدية للمستوطنات تكون تحت السيادة الإسرائيلية، أما جوانب الشوارع فتحت السيادة الفلسطينية.

وقد أشارت الوثيقة إلى أن عرفات سيوفق في النهاية على كتل استيطانية بحدود 4% من الضفة.

4. توضع القدس العربية (الشرقية) تحت السيادة الفلسطينية الكاملة، وتكون عاصمة فلسطين، مع بقاء الحي اليهودي وحائط البراق "حائط المبكى" وحي المغاربة تحت السيادة الإسرائيلية، فضلاً عن القدس الغربية، ومستوطنات معاليه أدوميم وجيلو وراموت.

5. بالنسبة للخليل: يقوم الإسرائيليون بإخلاء مستعمرة كريات أربع وحي أبراهام أبينو في الخليل، ويُمنحون طريقاً حرة للوصول إلى الحرم الإبراهيمي.

6. يوافق الفلسطينيون على استئجار الإسرائيليين قطعة ضيقة على شريط غور الأردن لفترة محدودة وتحت السيادة الفلسطينية.

7. يجب أن يعترف الإسرائيليون بحق العودة الكامل للاجئين الفلسطينيين، وبالاعتراف بمسئوليتهم عما حدث لهم، وتعويض من لا يرغب منهم بالعودة.

وقد أشارت الصحيفة إلى أن هناك ليونة خلف هذا الموقف الرسمي، إذ إن المسؤولين الفلسطينيين سيوافقون في النهاية على إعادة 100 ألف فلسطيني في إطار جمع شمل العائلات.

8. الموافقة على أن تكون الدولة الفلسطينية منـزوعة من السلاح الثقيل.

9. تعويض الفلسطينيين عن المستوطنات الإسرائيلية التي ستضمها "إسرائيل" تحت سيادتها، وذلك بتسليمهم أرضاً مساحتها 200 كم2 من الأرض المحتلة سنة 1948 (داخل الخط الأخضر).

10. الإفراج عن كافة المعتقلين وتنفيذ فوري للانسحاب حسب اتفاق أوسلو.

مع اقتراب انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي بيل كلينتون أخذ يسعى بقوة لتحقيق إنجاز تاريخي، فدعا إلى عقد مفاوضات التسوية النهائية في كامب ديفيد، باذلاً ما في وسعة لإنجاحها، مفرغاً نفسه عدة أيام في أثناء انعقادها. وقد انعقدت مفاوضات كامب ديفيد 12-25 تموز 2000 بحضور كلينتون وباراك وعرفات. وظهر أن المشروعين السابقين كانا أساساً لتلك المفاوضات.

وكان موضوع القدس هو العقبة الكأداء التي واجهت المؤتمر، والتي أدت إلى فشله، كما بقيت معضلة اللاجئين الفلسطينيين وحقهم في العودة دون حل. وكان موضوع السيادة على القدس الشرقية والوضع النهائي للمسجد الأقصى بالذات هم النقطتان الأكثر حساسية. إذ أصر الصهاينة على القدس عاصمة موحدة "لإسرائيل"، وعلى نوع من السيادة على حرم المسجد الأقصى الذي يسمّونه جبل (المعبد) الهيكل ، ويحلمون بإنشاء الهيكل اليهودي الثالث عليه. فكانت هناك اقتراحات بأن تكون هناك سيادة يهودية على الأرض تحت المسجد الأقصى، أو بالاشتراك مع المسلمين بجزء من حرمه، أو حتى ببناء المعبد اليهودي على أعمدة عالية فوقه. وقد أصرّت السلطة الفلسطينية على موقفها من السيادة على القدس الشرقية، وأبدت موافقتها على فكرة أن تكون القدس مدينة مفتوحة وعاصمة لدولتين، واستعدت للاستجابة للمتطلبات الأمنية الإسرائيلية بشأنها. وقد جرت محاولات لإنقاذ الموقف باقتراح تأجيل موضوع القدس مدة سنتين أخريين غير أن عرفات رفض ذلك، وأصرّ على موقفه بإسناد مصري سعودي قوي، وصرح بأن "القدس تحرق الحي والميت"، وبأنه "لم يولد الزعيم العربي الذي يتنازل عن القدس".

أما بالنسبة للصهاينة فإن مجمل ادعاءاتهم التاريخية والدينية في فلسطين تتركز حول القدس وبالذات "جبل المعبد" حسب تسميتهم للمسجد الأقصى. وهم يسعون منذ العشرينيات من القرن العشرين لهدم الأقصى وبناء هيكلهم، وكان الزعيم الصهيوني ديفيد بن غوريون الذي قام على عاتقه الكيان الإسرائيلي وكان أول رئيس وزراء له يقول إنه "لا معنى لإسرائيل دون القدس، ولا معنى للقدس دون الهيكل". وبحلول سنة 2000 كان الكيان الإسرائيلي قد قام بالكثير من الخطوات العملية لتهويد القدس الشرقية فأسكن فيها نحو 200 ألف مستوطن متوزعين على 27 مستوطنة وحي يهودي، وبحيث تفصل القدس عن محيطها العربي في الضفة. كما قام بعمليات حفريات مكثفة تحت المسجد الأقصى وصلت إلى عشر مراحل، وحفر خلالها أربعة أنفاق وفرّغ من تحته الأتربة، وحاول إذابة الصخور بالمواد الكيماوية مما هدد بانهيار المسجد الأقصى في أي لحظة. كما وقع أكثر من 120 اعتداء على الأقصى، حدث ثلثاها في السنوات التي تلت توقيع اتفاق أوسلو سنة 1993.

وانهارت المفاوضات ووقعت انتفاضة الأقصى في 28 أيلول 2000 بعد أن اقتحم أرييل شارون مع المئات من الجنود الصهاينة باحة المسجد الأقصى.

مشروع بيل كلينتون للسلام كانون أول 2000:

سعى الرئيس الأميركي بيل كلينتون في الأيام القليلة المعدودة التي ظلت لولايته (حتى 20 كانون الثاني2001) إلى تقديم مشروع اللحظات الأخيرة، وإلى دعوة الطرفين الفلسطيني و"الإسرائيلي" للقدوم إلى واشنطن لإجراء المباحثات.

ويتضمن مشروع كلينتون النقاط التالية:

أولاً: الأراضي:

1. دولة فلسطينية على 94 - 96% من الضفة و 100% من القطاع.

2. في مقابل الجزء الذي تضمه "إسرائيل" عليها أن تعطي 1-3% من "أراضيها" (الأراضي التي احتلتها عام 1948 إلى الطرف الفلسطيني) ، بالإضافة إلى معبر دائم آمن بين الضفة والقطاع.

3. خريطة الدولة الفلسطينية يجب أن تستجيب للمعايير التالية:

أ- 80% من المستوطنين اليهود يبقون في مجمعات استيطانية.

ب- تواصل الأراضي

ج- تخفيض عدد المناطق التي تضمها "إسرائيل" إلى الحد الأدنى.

د- تخفيض عدد الفلسطينيين الذين سيتأثرون بهذا الضم إلى الحد الأدنى.

ثانياً: الأمن:

حضور إسرائيلي في مواقع ثابتة في وادي الأردن تحت سلطة قوة دولية، ولفترة محدودة قابلة للتعديل من 36 شهراً.

ثالثاً: القدس: المبدأ العام أن المناطق الآهلة بالسكان العرب هي مناطق فلسطينية، والآهلة باليهود هي مناطق "إسرائيلية".

رابعاً: الحرم (المسجد الأقصى): حل يضمن رقابة فعلية للفلسطينيين على الحرم، مع احترام معتقدات اليهود. وهناك اقتراحان: إما سيادة فلسطينية على الحرم، وسيادة إسرائيلية على حائط البراق وسيادة على المجال المقدس لدى اليهود أي المسطح السفلي للحرم.

أو: سيادة فلسطينية على الحرم وإسرائيلية على البراق، وتقاسم السيادة على مسألة الحفريات تحت الحرم وخلف حائط البراق.

خامساً: اللاجئون: المبدأ الأساسي أن الدولة الفلسطينية هي الموقع الرئيسي للفلسطينيين الذين يقررون العودة إلى المنطقة من دون استبعاد أن تستقبل إسرائيل بعضهم.

ويتم تشكيل لجنة دولية لضمان متابعة ما يتعلق بالتعويضات والإقامة.

سادساً: نهاية النـزاع: يمثل هذا الاتفاق بوضوح نهاية النـزاع، ويضع تطبيقه حداً لأي مطالبة.

وفي مفاوضات واشنطن وافق الطرف "الإسرائيلي" لأول مرة في 21 كانون أول 2000 على تقديم تنازلات بشأن السيادة على القدس الشرقية، وفي 27 من الشهر نفسه ألغى عرفات اجتماعاً مع باراك رافضاً الخطوط العامة للاتفاقية المقترحة. وفي 3 كانون الثاني 2001 وافق عرفات من حيث المبدأ على مقترحات كلنيتون كإطار للتسوية، لكنه أبدى تحفظات هامة عليها، وفي اليوم التالي رفض الإعلان بوضوح عن موافقته على المقترحات حيث لا يسمح المشروع لملايين اللاجئين بالعودة إلى الأرض المحتلة عام 1948، كما لا يحدد بوضوح الحدود المقترحة للدولة الفلسطينية. ولقي موقف عرفات دعم الزعماء العرب في اجتماع في القاهرة حول حق اللاجئين في العودة. وقد وصف البعض المقترحات الأمريكية بأنها مقترحات "إسرائيلية" بثوب أمريكي. ورغم أن "الإسرائيليين" وافقوا مبدئياً على الاقتراحات كإطار للتسوية ألا أنهم أبدوا من جهتهم بعض التحفظات. ورفض باراك سيادة الفلسطينيين على المسجد الأقصى.

وفشلت محادثات واشنطن وانتهت ولاية كلينتون دون التوصل إلى اتفاق.

وفي محاولة أخيرة لإنجاز التسوية قبل الانتخابات "الإسرائيلية" عُقدت في "طابا" المصرية مباحثات 20 - 27 كانون الثاني 2001 ولم تتمكن من الوصول إلى تسوية نهائية، لكن بياناً مشتركاً ذكر أن الطرفين "كانا أقرب من أي وقت مضى للوصول إلى تسوية" وأنهما سيوصلان المحادثات بعد الانتخابات "الإسرائيلية".

مبادرة ولي العهد السعودي الأمير عبد الله بن عبد العزيز:

في شهر شباط 2002 رشحت أنباء عن مبادرة لولي العهد السعودي الأمير عبد الله في مقابلة أجراها الأمير مع توماس فريدمان كاتب التحقيقات في النيويورك تايمز وتداولتها وسائل الإعلام العربية في 18 شباط 2002.

والمبادرة التي أكدتها السعودية رسمياً فيما بعد ترتكز أساساً على فكرة الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأرض المحتلة سنة 1967 وقيام الدولة الفلسطينية عليها، مقابل السلام الكامل والاعتراف والتطبيع العربي الشامل مع "إسرائيل".

لا تختلف المبادرة كثيراً عن المبادرات العربية السابقة، سوى - ربما - في وضوحها فيما يتعلق بالتطبيع العربي الشامل.

وقد لقيت المبادرة ترحيبا أمريكياً وأوربياً مبدئياً، كما لقيت ترحيباً من الأمين العام للأمم المتحدة، ومن عدد من الأطراف العربية. ولكن حدثت تساؤلات حول موقف المبادرة من حق اللاجئين الفلسطينيين بالعودة إلى أرضهم، وقد أكد الأمير عبد الله على عدم التنازل عن هذا الحق.

حاولت "إسرائيل" الالتفاف على المبادرة بإعلان أنها خطوة إيجابية واستعداد شارون لمقابلة الأمير عبد الله، غير أن شارون رفض مبدأ الانسحاب من كل الأرض المحتلة سنة 1967. ورفضت السعودية العرض الإسرائيلي، وقالت إن اختزال إسرائيل للمبادرة في شكل عقد لقاءات ثنائية يكشف رفض إسرائيل للمبادرة.

طرح الأمير عبد الله مبادرته في مؤتمر القمة العربي التي انعقدت في بيروت في 27 – 28 آذار 2002. وبالفعل، تبنى مؤتمر القمة العربي المبادرة وحوَّلها إلى مبادرة عربية شاملة لم تستجب لها إسرائيل حتى اللحظة بينما يدأب العرب على تكرار طرحها في كل مؤتمر قمة عربية ينعقد.

قرار مجلس الأمن الدولي:

أصدر مجلس الأمن الدولي في 12 آذار 2002 قراره رقم 1397 أوضح فيه لأول مرة رؤيته لمستقبل الصراع بقيام دولة فلسطينية تتعايش إلى جانب "إسرائيل". ولكن هذا القرار لم يحدد جدولاً زمنياً لذلك، ولم يتخذ طابعاً إلزامياً "لإسرائيل" بالانسحاب، كما لم يحدد شكل الدولة ولا حدودها.

وبعد ذلك بنحو ثلاثة أشهر ونصف (26 حزيران 2002) قدم الرئيس الأمريكي جورج بوش رؤيته للتسوية السلمية. ووضع شروطاً مستحيلة للوصول إلى قيام الدولة الفلسطينية. فقد طالب بوقف الانتفاضة وسيطرة السلطة تماماً على الأوضاع، وإصلاح السلطة ومؤسساتها، وتغيير القيادة الفلسطينية بما فيها عرفات.... وقد أثارت شروطها مشاعر بالمرارة والسخرية فلسطينياً وعربياً ودولياً، وحتى في أوساط حلفائه الأوربيين، بل وحتى من قيادات سياسية إسرائيلية. واعتبره الكثيرون ممثلاً ليس لمصالح وبرامج الإسرائيليين فقط، وإنما لرؤية شارون والليكود للتسوية... حتى إن عدداً من قيادات حزب العمل الإسرائيلي انتقدت المبادرة

مصادر
سورية الغد (دمشق)