من الممكن أن تصبح الأحوال الجوية "خبرا أول"، فالمسألة هي "احتباس" يطال كل شيء، والمطر في النهاية أو الثلج هو المظهر الوحيد الذي من الصعب القيام بتأثير مباشر علية، أما باقي أنواع الاحتباس فهي مذهلة، ابتداء من "السياسة" ومرورا بـ"الثقافة" وأخيرا شخصياتنا التي تقف أما الدوامات وكأنها لون لا ينتمي لهذه الأرض.

العاصفة الحالية تحمل "خزانا" مختلفا عن الماء المألوف، ربما لأنها شرق أوسطية، فنادرا ما نتكر هذا التكوين الجغرافي بوحدته خارج إطار الطبيعة، وغالبا ما تبدو السياسة وكأنها نقطة فاصلة لتوزع مختلف تعيد رسمه الطبيعة لتذكرنا بأن هنا مناطق تتشارك بكل شيء، لكنها مصرة على إعادة تشكيل نفسها وفق تناقض المصالح.

قدر تناقض المصالح لا يوصل أحدا إلى مصلحة، ومساحة الإرباك الذي نواجهه في كل لحظة لم توحده العاصفة رغم أنها قدمت صورا متشابهة في الاتجاهات الأربع، فهناك لحظات لا نستطيع معها سوى الوقوف أمام الانطباع العام لأن التحليل سيحيلنا نحو حالة نعيشها رغم عدم اقتناعنا بها.

تنحسر العاصفة ببطئ... وتحفر في الوجه معلما خاصا أضع يدي عليه لأتذكر كم من العواصف جمعتنا أو قلبتنا، وكم من المساحات الغريبة التي اجتزناها من دون عواصف، فكان القحط سمة لحركة مستمرة لا تحمل معها سوى "القسوة"...

تنحسر العاصفة أيضا لتوضح نوع الحياة التي تلفنا، ابتداء من الطرقات المغلقة وانتهاء بأكزام الثلج غير المعتادة التي زاحمت الناس على الأرصفة واحتلت الطرقات، فهي تنجلي إلا أنها تأحذ معها كل المفاجآت التي كنا نريدها، وهي تنزاح لتترك مجالا لعواصف سياسية من الطراز الممتاز.

خلال أيام قليلة كان علينا مشاهدة العالم من النوافذ، وربما اكتشفنا أن هذه الفتحات لا تختلف كثيرا عن حالة ملامسة العالم مباشرة، لأننا نحمل نوافذنا معنا أينما ذهبنا، ولأن زاوية الرؤية في العين تملك أيضا إطار عليها البقاء... ففي العاصفة نعود إلى مقاربات فقط لأن الوقت يمر ببطء غير معتاد.