أعدكم بتفكيك بعض الجمل التي لا تحمل سوى كلمات تائهة، ففي الشعارات التي يطرحها المرشحون ألم يخترق الصدر وفي مظهر شوارع المدينة قلق من حجم الارتكاس إلى "التقليد" الانتخابي في زمن يحتاج لكسر كافة التقاليد.

أعضاء مجلس الشعب القادمين على مساحة المدينة المغطاة باليافطات يبتسمون لنا، أو يتجمدون أمام العدسات وكأنهم يقتنصون لحظة واحدة، وهم رغم "الحرب الافتراضية" في سورية منذ عام لم يتجرؤوا على الدخول إلى تلك الحرب، وفضلوا البقاء على الورق أو "القماش" لتلفحهم رياح الربيع وهم وحدهم أو بمن بقي من المؤمنين بثقافة السيف والترس وبالخط الكوفي والثلث والرقعة، لتصبح كلماتهم "عبر" وأمثال وحكم.

أعدكم بتفكيك الكلمات المرصوصة التي تجمع "الديمقراطية بالتنمية"، أو تجعل الإرادة قيمة اجتماعية بدلا من كونها فعلا عام، فتصبح الانتخابات اختبارا لما علق في ذهن المواطن من كلمات تاهت في زحمة الحدث، فتتراكم المصطلحات على اعتاب العقول وتعجز عن كسر الحواجز التي تراكمات بفعل الإعلام أو الصرامة العقلية.

من "اليافطات" المرفوعة لم يبق من الأزمة السورية سوى كلمات قليلة، فهي غائبة تماما وكانها فعل ماض ناقض سقط اسمه وخبره وبقي معلق في جملة سابقة دون امتداد نحو المستقبل، فلا نقاش حول ما يمكن أن يحدث ولا بحث في إمكانية الدخول إلى خارطة جديدة، ولا أمل في إشعال إبداع يكسر روتين الحدث على امتداد عام...

ألم يكسر المساحات المعلقة فوق أزمة المجتمع، وحياة تسير على ضوضاء بصرية تفرضها ابتسامات المرشحين، وطريقة تواجدهم في الشوارع وعلى جدران الأبنية، فيتركون انطباعا بانهم ليملكون بالفعل قدرات فائقة في التعامل مع الحملة الانتخابية عبر اللون الموجود في خلفية الصور، أو من خلال قدرة القماش على تحمل العبارات التائهة بين احتياجات المجتمع.

بالنسبة لأي صحفي فإن المشهد يبقى مليئا بتصاعد الحملة الانتخابية أو "خفوتها"، لكنه بالتأكيد سيعجز عن توقع الخارطة السياسية القادمة، فلا هوية تذكر لأي ممن يظهرون أمامنا بشكل مفاجئ، ولا الشعارات قادرة على تكوين صورة ذهنية لما سيحمله المرشح، وفي النهاية هي انتخابات ننتظر منها تحولا ولكن هل سيحدث مثل هذا الأمر؟!