زادت وتيرة الاتهامات المتبادلة بين بعض الاطراف اللبنانية والسورية ووصل الامر الى حد قيام بعض الصحف السورية بالرد مباشرة على رموز لبنانية بعينها وتلك ظاهرة جديدة في الاعلام السوري الذي يتحرك ضمن حدود وضوابط قاسية ومرتبطة بسياسة الدولة وخطها القومي ...

وللحق نقول بان الاعلام اللبناني بقسميه المرئي والمقروء، قد ساهم بإذكاء نار الحقد والكراهية لسورية حكومة وجيشاً وشعباً ... وهذا امر يؤسف له .... فمن يتابع فضائية LBC او تلفزيون المستقبل يدرك زخم الشحن الطائفي والتحريض الذي بدأ يأخذ طريقه عبر امواج الاثير بعد صفحات الجرائد...

لسنا نلوم اللبنانيين ورغبتهم بالتخلص من الوجود السوري ولا نلومهم إذا اعتبروا بأنهم استعادوا حريتهم واستقلالهم بخروج اخر جندي سوري من نقطة المصنع، ولكننا نلوم الذين ينفخون ابواق الكراهية والاقليمية وتوجيه الاتهامات لبلد شقيق دفع الكثير لحماية بلد الارز والحفاظ على وحدته وكيانه وايقاف حربه الاهلية اللعينة، التي كادت ان تقضي على طائفة من اللبنانيين وهم ، اي قيادات تلك الطائفة، الذين توسلوا لتدخل سورية قبل افراغ مناطقهم واستباحة املاكهم واعراضهم.

لا ننكر وجود الكثير من الاخطاء في التعامل السوري مع الملف اللبناني ولا يمكننا توجيه اللوم الى سورية فقط، بل علينا ان نشير الى الساسة اللبنانيين والجماعات اللبنانية التي ساهمت في مسيرة الاخطاء والتي اثرت واستفادت منها. كيف يمكننا ان نقول بأن سورية هي التي خربت لبنان وننسى الحواجر بين الشرقية والغربية والذبح على الهوية؟ ما دور سورية في مجزرة السبت الاسود؟ وهل قامت سورية باسقاط مروحية الرئيس رشيد كرامي او ذبح طوني فرنجية وعائلته او تصفية داني شمعون واهله؟

هل قامت سورية بتشجيع البعض على الغاء الدولة واقامت بدلاً منها منظمات وميليشيات لتصفية الشرعية؟ كل هذه الاسئلة وغيرها يجب ان تطرح وان يعرف جيل الشباب اللبناني من هم المجرمون والقتلة ومن خرب لبنان حقا!!

اما الاقتصاد اللبناني والدين العام فيتحمله الساسةاللبنانيون والحكومات اللبنانية المتعاقبة وخصوصاً تلك التي شكلت بعد 1990 والتي كان الشهيد الحريري او الرئيس السنيورة من ضمنها. لنعد قليلاً الى الوراء ولنبحث في جريدة النهار اللبنانية عن عدد المقالات والاتهامات التي كيلت ضد المرحوم الحريري من قبل رئيس التحرير والنائب العظيم الذي فرّخه تيار المستقبل المدعو جبران التويني ... او عن مواقف الاستاذ وليد جنبلاط وكتلته من ادارة حكومات الرئيس الشهيد رفيق الحريري بالذات؟ كلهم تحدثوا عن صفقات وعن مشاريع السوليدير وغيرها ... ومن هنا يتضح للباحث المحايد بأن دين لبنان وانهيار اقتصادها شأن لبناني بحت. ولو تركنا الاقتصاد وتحدثنا عن الملف الامني فلا يمكننا ان نلوم سورية بمفردها عن الوضع الامني ولا عن اغتيال الشهيد رفيق الحريري ورفاقه او الصحفي سمير قصير والسيد جورج حادي لأن هؤلاء الاشخاص لم يكونوا اعداء لسورية بل كانوا اعداء لاسرائيل ولكل منهم تاريخ طويل في فضح ومقاومة المشروع الصهيوني في لبنان. هل تقلق سورية من الوضع اللبناني؟ بالطبع، فلبنان هو رئة سورية وخاصرتها الضعيفة ويحق لأية حكومة سورية ان تهتم بلبنان وتحرص على ان لا يكون مركزاً لاية اعمال عدوانية ضدها... فكل المشاكل والانقلابات والقلافل التي حصلت في سورية منذ الاربعينات وحتى اواسط السبعينات كانت تحاك وتمول في لبنان ... وعليه فأن وجود تفاهم ضمني وصريح بين لبنان وسورية على ان لا تصبح اراض اي منهما منطلقاً لعمليات تخريبية ضد الاخر شيء ضروري. ونعود لحملات الصحافة اللبنانية والرد السوري عليها وضرورة ان تتوقف ... لقد تجاوز بعض الكتاب والساسة اللبنانيون كل الحدود في هجومهم على الجار والشقيق ... وما الرد السوري على ذلك الا تعبيراً عن الضيق والانزعاج من قلة الوفاء التي لا يمكن نكرانها.. وعندما يرد السوريون باجراءات قد تبدو عقابية، يقف البعض ليقولوا بأن هذا لا يصح وان سورية هي الاخ الاكبر وهي التي ترفع لواء القومية العربية ... الم يكن من الاولى بهؤلاء العمل والسعي لإيقاف حملات الهجوم والاهانة التي وجهت لسورية حكومة وجيشاً وشعبا وأن يتصرفوا بعقلانية وحكمةً قبل ان يتحدثوا عن الاخ الاكبر؟

وحتى لا تكبر كرة الثلج ولا يزداد الجدل والعقاب ويطول خط الشاحنات اللبنانية المتوقفة عند الحدود نتمنى ان تقوم الحكومة اللبنانية بواجبها الوطني وضبط ابواق الكراهية في صحفها ومؤسساتها الاعلامية وان تطبق التوجهات التي وردت في البيان الوزاري وخصوصاً المتعلقة بالعلاقات السورية اللبنانية.

ويجب ان يدرك بعض الساسة والكتاب اللبنانيون بأنه من غير المقبول ان يمارسوا ديمقراطيتهم وإفراغ شحنات الحقد والكراهية ضد بلد عربي أخر... ولا نقول سرا إذ أكدنا بأن حياة لبنان واستقراره وازدهاره تقوم على ركيزة علاقاته المميزة مع سورية، وأنه لا استقرار في سورية أو لبنان إلا بتوافق الدولتين على الالتزام بالخط العربي الذي يحفظ مصالحهما وأمنهما القومي. إن الاستقواء بفرنسا أو أمريكا والسير في ركاب الأجنبي سيؤدي بلبنان إلى طريق مسدودة... ولنتذكر أن القرار 1559 الذي تحاول أمريكا تطبيقه عنوة وخصوصا فيما يتعلق بالمقاومة ، لا ينطلق من رغبتهم في صحة لبنان واستقراره بل لخدمة وضمان أمن اسرائيل. وأتفق مع السيد وليد جنبلاط الذي أشار بالأمس وبصراحة إلى أن بعض الأطراف اللبنانية تتجه نحو فيدرالية الطوائف وتعمل على استهداف المقاومة ويلوح في الأفق شبح 17 أيار جديد.. لا يمكن أن ندع الحبل على الغارب فلبنان وسورية توأمان ملتصقات من ناحية القلب ولا يمكن فصلهما ويخطىء كل من يظن بأن أزمة عابرة كالتي نشهدها الأن قادرة على التفريق بيننا. ستزول الغيمة وتعود البسمة إلى وجهك يا وطني.

مصادر
العالم العربي