اتصل بي احدهم واطلق على نفسه لقب مسؤول في المعارضة السورية التي تتخذ من واشنطن مقراً لها، وطلب ان نقوم بتغطية ونشر ما يصدر عن تجمعه المعارض والذي ينوي من خلاله ايصال بحور السمن والعسل الى الصحراء السورية وربما تغيير اسم نهر قليط الى نهر المعارضة الدسمة...

لم اكن بحاجة لأن اكتب اسم او رقم هاتف صاحب الاتصال الذي اذهلني بوقاحته وبمحاولته ان يقنعني بأن الخمسة او السبعة اشخاص الذين يشكلون عصابة يتزعمها تاجر محتال اسمه فؤاد الغادري سيغيرون تاريخ الشرق الأوسط من خلال إقامتهم للدولة الديمقراطية السورية ودون مساعدة ابناء عمومتنا او دون تدخل وكالات المخابرات الاجنبية... وحسبي انه الوقت المناسب لكل اللصوص والانتهازيين لأن يركبوا موجة العداء لأخر قلعة من قلاع الصمود العربي والهجوم على كل ما هو وحدوي وقومي... لقد تشجع هؤلاء بعد نجاح عملاء سابقين من امثال احمد الجلبي بخداع الادارة الامريكية وتزييف الحقائق حول العراق ليتم الغزو وتسقط بغداد وتخرب بنى البلد التحتية وتنهمر شلالات الدم ... وعوضاً عن قيام الادارة بمحاسبة ذلك الجلبي الافاق وقطع اصابعه لما سببه من مآس والام لملايين العراقيين ولألاف من عائلات الجنود الامريكيين الذين سقطوا في غزوالعراق اصبح المنافق واللص والجاسوس مسؤولاً كبيراً في بلده واصبح من الشخصيات التي تحظى بحماية المرجعيات الدينية التي طبلت وزمرت لسقوط النظام ولاحتلال العراق وطوئفته. المعارضة السورية في واشنطن لم تبلغ الحلم بعد، ولا يمكن تسميتها بالمعارضة، واقولها وبصراحة بأن تلك المجموعة لا تمثل الا حفنة من المنتفعين والافاقين الذين يتأمرون على الشعب السوري قبل حكومته ... ما علاقة الغادري بسورية؟ ومن هو نجيب الغضبان او الديري او غيرهم من الرموز الظلامية الذين يجتمعون في فندق ريجنسي بواشنطن حتى يقرروا مصير البلد نيابة عن ملايين السوريين؟ ومن الذي اعطى لهؤلاء الإذن بأن يتحدثوا باسمنا مع ريتشارد بيرل او غيره؟ ومن قال لكم بأن حزب الاصلاح او غيره سيكون مظلة زائفة للسوريين في المهجر؟ وحتى لا نتيه في بحر التساؤلات يجدر بنا أن نقول ان اجهزة المخابرات الغربية

والصهيونية قامت مشكورة بتفريخ هذا الحزب وجندت بعض ضعاف النفوس لإيهامنا بأن الفرج آت من واشنطن وان الغادري وشلته سيحكمون سوريا بالعدل والحق تماما كما فعل الخليفة المسلم عمر بن الخطاب. نقول بأنه وبعيد انتهاء اجتماعات (شلة الانس) في واشنطن بانت الحقائق، وتبين ان هؤلاء لم يكن لهم من هدف سوى الظهور في وسائل الاعلام ومحاولة اقناع بعض رموز الادارة الامريكية بدعمهم ومد يد العون لهم والتكرم بصرف بعض المبالغ المالية أسوة بصديقهم احمد الجلبي، فهم منافقون مثله ويدعون تمثيل السوريين كما ادعى الجلبي تمثيل العراق فلماذا لا يعاملون معاملة مماثلة؟! المعارضة السورية في واشنطن فاشلة بل وغارقة في الفشل .... فهي تتحدث عن التغيير والديمقراطية والوطنية وهي تغوص حتى اخمص اذنيها في مستنقع العمالة والارتزاق، تتحدث عن انصارها في داخل سورية وقد رفضت كل قوى ورموز المعارضة السورية التعامل معها، حتى الد اعداء الحكومة السورية رفضوا اللقاء بجماعة واشنطن لأنهم وكما يقول المثل ( ريحتهم طالعة) ... والاخطر من ذلك بأن هم لا يملكون اي مشروع تنموي او نهضوي او رؤية مستقبلية ناهيك عن كونهم مجموعة فسيفسائية متنوعة من الليبرالي الى الغارق في تدينه وأصوليته وصولاً لاعداء الدين وأعداء العروبة والاسلام والتاريخ. اريد ان اعرف كيف سيتمكن هؤلاء من اقناع الشعب السوري بأنهم قادرين على تقديم اي شيء او انهم سيغيرون الواقع ويساهمون في تطوير البلد وتحرير ارضه المغتصبة وقيادته نحو المستقبل وهم لم يبلغوا الحلم بعد؟ انا متأكد من ان شلة المعارضين يدركون بأن حقيقة فشلهم لا يختلف عليها اثنان ولكن لماذا لا يستغلون فرصة سوء العلاقات الامريكية السورية والحصار المفروض على سورية والعقوبات الامريكية و1559 اخيراً حتى يقولوا لأمريكا واسرائيل بأننا جاهزين لنعمل يداً بيد ونحقق لكم حلم الشرق الاوسط الكبير وخصوصاً ان السيد الغادري قد اعلنها مراراً بأنه ينوي العيش بسلام مع اسرائيل وان نظام التعليم في سورية علمه كراهية الجميع ... (على فكرة السيد الغادري لم يدرس ولم يسكن في سورية) بل هذا ما تفتق عنه ذهنه الاصلاحي النير. بقي ان نشير بأن الاهتمام العالمي على صفحات الجرائد كان شيئاً مخططاً له حيث راهنت بعض القوى المعادية وبعض الادارات الاستعمارية على المعارضة كون سورية هي الهدف المعلن والواضح للمشروع الامبريالي الصهيوني ليس إلا. ما يسمى بالمعارضة السورية المتأمركة ليست الا مجموعة وهمية، قاصرة وعديمة التأثير ولا تملك اليات العمل والحركة وغير قادرة على كسب احد وليست اكثر من فزاعة بدأت الطيور بالوقوف عليها بعد ان اكتشفت زيفها. ان اي معارضة تهمل الثوابت الوطنية وتبدأ بمغازلة الاجنبي هي مشروع خيانة وان اي حديث عن التغيير بمساعدة الخارج يعني فقدان تلك الجماعات للمشروعية التاريخية وسقوطها في خانة العداء للوطن، لأن من يحاول رهن أمن واستقلال وعزة وطنه ويسلمه للأجنبي، لن يتمكن من بناء المستقبل بأي شكل مهما حاول خداعنا بحسن نواياه وصدقه. يجب ان يدرك شباب المعارضة بأن سورية ترفض استقبالهم وترفض افكارهم كما رفضت الفكر الظلامي لجماعات الاخوان المسلمين التي سقطت والى الابد من المعادلة السورية نتيجة ممارساتها الخاطئة ووقوعها تحت تأثيرات خارجية بعد توقيع اتفاقية كامب ديفيد مما جعلها تمارس ابشع انواع الاجرام والارهاب ضد أبناء سورية. اما اذا كان شباب المعارضة يبحثون عن نجومية سريعة وبعض الامتيازات والارباح والظهور الاعلامي، وهذا أقصى ما يمكنهم تحقيقه، فعليهم بأن يدركوا بأن الجالية السورية في المهجر لا ترحب بهم ولا ترتضي بالتعامل معهم لانهم مجموعة من البهلوانات الفاشلين في سيرك وكالات المخابرات الغربية... ان اي حركة معارضة تبني مشروعها على الحقد وتتجه نحو إثارة النعرات الطائفية والمذهبية هي مشروع فتنة ويؤسفني ان اقول بأن

المعارضة السورية تعلمت دروساً سيئة من نظيرتها اللبنانية في عدم استيابها لواقع المنطقة حيث يتعاون المعارضون مع اسرائيل واميركا وفرنسا بحجج واهية ويصبحون لعبة بيد الغرباء متجاهلين بأن الوطن كله مستهدف وان دورهم هو دور خطير ولا يصب في مصلحة الوطن والامة. قد لا تكون سورية في افضل حالاتها من جهة الضغوطات الدولية، وقد يكون الاقتصاد السوري منهكاً ولكن الشعب السوري ذو تركيبة مختلفة وله صفات ومميزات يجهلها المعارضون الذين يظنون بأن الشعب السوري نسخة مطابقة عن أعوان سعد حداد وانطوان لحد وان السوريات سيقمن برش الارز واطلاق الزغاريد لاستقبال جنود الاحتلال ... السوريون يحبون وطنهم ولا يبيعون استقلالهم وارضهم ولا يرهنون قرارهم ومستقبلهم لأي كان. فلتذهبوا ومعارضتكم بعيدا عنا لأننا نرفض خيانة الوطن والمبادئ.

مصادر
العالم العربي