مصير غزة: صراع مع المستوطنين... أم صراع مع "حماس"؟

كان موضوع الانسحاب من غزة، وتداعياته بالنسبة للفلسطينيين والإسرائيليين، هو الموضوع الذي حظي بتغطية واسعة من الصحف البريطانية خلال الأسبوع المنصرم. وقد تناولت تلك الصحف أيضا بعض الموضوعات المحلية التي كان من أبرزها موضوع زيادة التضخم وأسبابه وتأثيره على الاقتصاد.

"مصير غزة في يدي رجل واحد":

كان هذا هو عنوان افتتاحية صحيفة "الديلي تلغراف" في عددها الصادر بتاريخ السادس عشر من أغسطس الحالي. بدأت الافتتاحية بلفت الأنظار إلى مشاهد العنف الجارية في قطاع غزة حاليا، وقالت إن تلك المشاهد تختلف عن المشاهد التي كانت مألوفة من قبل. فالذي يقوم بالعنف هذه المرة هم المستوطنون اليهود في مواجهة قوات الأمن الإسرائيلية. وبعد ذلك تمضي الافتتاحية إلى القول إن الصراع بين المستوطنين وقوات الأمن الإسرائيلية ليس هو المهم، وإنما المهم هو الصراع الذي سينشأ عقب رحيل الإسرائيليين عن غزة بين المنظمات الفلسطينية المسلحة والسلطة الفلسطينية حيث يدعي قادة حماس مثلا أن الانسحاب الإسرائيلي من القطاع كان ثمرة للتضحيات التي قدمتها منظمتهم عبر سنوات الاحتلال، وأنها لن تلقي سلاحها بعد خروج الإسرائيليين، وأنها يجب أن تضطلع بدور رئيسي في إدارة غزة. وفي مواجهة مثل تلك الادعاءات فإن مصير غزة - كما تذهب إلى ذلك الافتتاحية- سيكون في يدي الرئيس الفلسطيني المنتخب محمود عباس، الذي يحثه كاتبها على البناء على الانسحاب الإسرائيلي، والتوقف الآن عن الحديث عن الجلاء عن الضفة الغربية والقدس والعمل في المقام الأول على تحديد الأسلوب الأمثل للتعامل مع منظمة حماس التي تطالب بمحو إسرائيل من الوجود.

"تركيز النظر على فرصة غزة"

صحيفة "الفاينانشيال تايمز" ذهبت في افتتاحيتها بتاريخ الخامس عشر من أغسطس إلى القول إنه على الرغم من أن انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة يمثل مناسبة تاريخية دون أدنى شك، إلا أن هذا الانسحاب يجب أن يكون جزءا من خطة شاملة لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. وأضافت الافتتاحية أن التحدي الحقيقي الذي يواجه المجتمع الدولي في الوقت الراهن – وأميركا على وجه الخصوص- هو تحويل هذا الانسحاب إلى جزء من عملية سياسية أوسع نطاقا لحل الصراع، خصوصا مع تواتر أنباء على لسان شخصيات إسرائيلية عن نية إسرائيل في الاحتفاظ بثلاثة أرباع المستعمرات التي أقامتها في الضفة الغربية، وقيامها مؤخرا ببناء جدار يخترق القدس، مما سينتج عنه عزل 50 ألف فلسطيني آخرين. وأكدت الصحيفة أن اعتقاد إسرائيل أن تلك الإجراءات ستؤدي إلى تعزيز قبضتها على الضفة الغربية، وأنها ستتمكن عن طريق فرض الأمر الواقع، والصمت الدولي، من فرض ما تريد على الشعب الفلسطيني، سيكون مجرد وهم، وأنها يجب أن تعرف إن إيجاد تسوية نهائية تأخذ مطالب الشعب الفلسطيني في الحسبان هو الوسيلة الوحيدة لحل صراعها مع هذا الشعب، وأنه بدون ذلك فإن هذا الصراع مرشح للاستمرار، وحصد المزيد من الأرواح، وزرع المزيد من بذور الكراهية والعنف.

"فشل الإرادة السياسية":

هكذا عنونت "الصنداي تلغراف" افتتاحيتها المنشورة يوم الأحد الموافق 14 أغسطس، والتي قالت فيها إن حالة عمر بكري تعتبر حالة صارخة من الحالات الدالة على فشل السياسيين البريطانيين على التعامل مع الأخطار التي يمثلها "الإرهاب الإسلامي". وقالت الافتتاحية إنه مما يدعو للسخرية في نظرها أن عمر بكري يقيم في بريطانيا منذ عام 1985، وأنه كان يعيش منذ ذلك التاريخ على الإعانات الاجتماعية الحكومية، وأنه كان يقوم على الرغم من ذلك بنشر الكراهية في بريطانيا، وبالتعبير عن فرحته عند وقوع هجمات إرهابية أو جرائم قتل جماعي.

وتقول الصحيفة إنه على الرغم من أن وزير الداخلية البريطاني ريتشارد كلارك قد صرح أن وجود عمر بكري في بريطانيا "سوف يتعارض مع المصلحة العامة" إلا أنه لم يوضح ماذا سيقوم بعمله عندما تنتهي إجازة عمر بكري الحالية وخصوصا أن المحامين المتخصصين في الدفاع في قضايا حقوق الإنسان يقولون إن بكري يمتلك الحق بموجب القانون في المطالبة باستمرار لجوئه السياسي في بريطانيا، ولم شمله مع أسرته.

وتقول الافتتاحية إنه إذا ما قبلت وزارة الداخلية البريطانية بعودة بكري مرة أخرى للإقامة في بريطانيا، فإنها ستقدم دليلا آخر على عجزها، وعجز وزراء داخليتها المتعاقبين عن التعامل مع خطر الإرهابيين.

"التضخم يرتفع إلى معدل قياسي"

كان هذا هو عنوان المقال الذي كتبه "مارك تران" في صحيفة "الجارديان" وتناول فيه ارتفاع معدل التضخم في بريطانيا إلى أعلى مستوى له خلال السنوات الثماني الأخيرة، وهو ما يقلص في رأيه آمال إجراء تخفيض آخر على معدل فوائد القروض من البنوك في المستقبل المنظور. وأكد الكاتب أن ارتفاع معدل التضخم في بريطانيا قد نتج عن الزيادة الكبيرة في أسعار النفط في الآونة الأخيرة، وكذلك الزيادة في مؤشر أسعار السلع والتي ارتفعت بشكل غير متوقع، وأشار إلى أن بنك بريطانيا يتوقع أن تشهد نسبة التضخم المزيد من الارتفاع الطفيف خلال الشهور القليلة القادمة، وأن هذا يدفع مسؤوليه إلى التفكير جيدا قبل قيامهم بإجراء تخفيض آخر على معدل فوائد القروض، خصوصا على ضوء توافر العديد من المعلومات عن تباطؤ معدل أداء الاقتصاد في الآونة الأخيرة. وذكّر الكاتب القراء بأن بنك إنجلترا قد تنبأ منذ سنتين أن التضخم سوف يرتفع عن النسبة المتوقعة عندما يستجمع الاقتصاد البريطاني نشاطه، وأن التقرير الذي أعده البنك في ذلك الوقت، كان يلمح إلى أن البنك لن يقوم بتخفيض نسبة الفائدة على القروض، وبالتالي فإن ارتفاع التضخم إلى مستوى قياسي كما هو حادث الآن سوف يجعل مسؤوليه أكثر تمسكا بموقفهم في هذا الشأن.

مصادر
الاتحاد (الإمارات العربية المتحدة)