فجر سيرغي لافروف فضيحة في مؤتمر الأمن بميونيخ حين دعا إلى نظام عالمي جديد، مابعد الغرب.

من المؤكد أن حلف شمال الأطلسي قد فقد تفوقه على مستوى الحرب التقليدية-حتى لوكان لايزال يحتفظ باليد العليا فيما يخص الحرب النووية- في مواجهة روسيا.

من المؤكد أيضا أنه بعد خمسة عشر عاما من الحرب المتواصلة في "الشرق الأوسط الكبير"، تبخر سراب إعادة هيكلة الاقليم لدول صغيرة، يقل عدد سكانها عن عشرة مليون نسمة، كما تبخر وهم القضاء على الأنظمة العلمانية لصالح ديكتاتورية الأخوان المسلمين.

مع كل هذا وذاك، لايزال الأوربيون مصرون على الاستمرار في تحقيق هذا الهدف الذي فرضته عليهم واشنطن، التي لم يعد، لا الشعب الأمريكي ولا الرئيس دونالد ترامب، يريدونه.

الأوروبيون، هؤلاء الذين يتملكهم الذعر من إمكانية خسارة استثماراتهم التي وظفوها ضد سورية، وصلتهم تصريحات مغلفة بأمنيات ضبابية.

أعاد وزراء ترامب على مسامعهم أنهم سيواصلون مساعيهم من أجل "حل سياسي في سورية".

لماذا فهموا إذن أن "الحل السياسي في سورية" يعني استبدال الجمهورية بالإخوان المسلمين؟

ببساطة، لأن هذا مالقنتهم إياه إدارة أوباما، التي لفظها الشعب الأمريكي.

من المؤكد أننا بتنا جميعا نرى استعراض القوة التي أخذت تلجأ إليها، من جهة، إدارة ترامب، وفي الجهة المقابلة "حكومة الاستمرار الأمريكية".

لقد اهتزت الأرض حين طرد دونالد ترامب (سي.آي.ايه) وهيئة الأركان المشتركة من مجلس الأمن القومي.

لاحظنا جميعا كيف رفضت سي.آي.ايه، في المقابل، اعتماد الدفاع لستة من مستشاري الرئيس، واتهمت مستشار الأمن القومي بأنه جاسوس لروسيا، وأجبرته على تقديم استقالته، وكيف تلاحق أربعة مسؤولين آخرين من الفريق الرئاسي.

لكن خسارة معركة، لاتعني خسارة الحرب، والأوربيون الذي استعبدوا لوقت طويل، لم يدركوا هذه الحقائق بعد.

يمكننا أن نقرأ في الوثيقة التمهيدية التي وٌزعت على المشاركين في هذا المؤتمر، مقالة لفولكر بيرتس، واضع خطة فيلتمان للاستسلام التام وغير المشروط للجمهورية العربية السورية. [1]

بداية، يقول بيرتس، (حتى لو فشلنا في إعادة التشكيل)، لن تخرج هذه المنطقة سالمة من الحروب ولا من "الربيع العربي".

ثانيا، يرحب بتحول الصراع بين السعودية وإيران إلى صراع مذهبي سني/شيعي.

ثالثا، طالما يشعر كل فرد بأنه مطوق بهذا الصراع الديني المزيف، فلا مجال لأحد كي يهتم بأوضاع الفلسطينيين.

رابعا، في حين تعب الأوروبيون من رؤية أنهار الدماء تتدفق بعيد عن بلادهم، يأملون في نهاية المطاف أن ينتصر الأخوان المسلمون، وأن لايكون هناك أي طرف في الشرق الأوسط الكبير يعترف بهزيمته.

خامسا، خلال الحرب في سورية، لم تتوانى التحالفات الإقليمية عن التشكل والتفكك، والتي كان آخرها التحالف الذي جمع بين روسيا وتركيا وايران، والذي لن يستمر أطول من غيره من التحالفات.

سادسا، لن تتمكن كل من سورية والعراق من هزيمة الإرهاب والعيش بسلام إلا من خلال حكومات ضامًة (هذا يعني الموافقة على إدخال داعش في حكومتي البلدين).

سابعا، لايمكن لكل هذا أن ينتهي على هذا النحو إلا من خلال مؤتمر دولي كبير، يحدد فيه الغربيون مستقبل هذه الشعوب، تماما كما حصل في مؤتمر فيينا عام 1814، حين قرر التحالف الرباعي مصير العالم برمته.

أحقا هذا؟

ترجمة
سعيد هلال الشريفي
مصادر
سوريا

titre documents joints


Al-Watan #2593
(PDF - 178.1 كيليبايت)

[1«No order, no hegemon. The Middle East in flux», Volker Perthes, Security Challenges (Germany), Voltaire Network, February 16,2017.