لا تزال عملية زعزعة استقرار فنزويلا مستمرة، وقد تجسدت بداية بقيام مجموعات عنيفة بمظاهرات ضد الحكومة، وقتل المارة.

ثم تلاها في مرحلة ثانية تنظيم كبار موزعي المواد الغذائية نقصا حادا في محلات السوبر ماركت. ثم هجوم بعض عناصر قوات حفظ النظام مبنى البرلمان، وال إلدعوة إلى التمرد، ودخولهم في النضال السري.

للوهلة الأولى، رفض فريق الرئيس مادورو أن يحذو حذو الرئيس الأسد، اعتقادا منهم أن الولايات المتحدة، القوة الرأسمالية العظمى، تنوي مهاجمة فنزويلا لنهب نفطها. وقد تعززت وجهة النظر هذه بعد الخطاب الذي ألقاه مؤخرا الرئيس البوليفي إيفو موراليس.

لنتذكر أنه في عام 2003، كان الرئيس صدام حسين، ومعمر القذافي، والعديد من مستشاري الرئيس الأسد يتبنون نفس المنطق.

وفقا لهم، فإن الولايات المتحدة هاجمت على التوالي أفغانستان والعراق، ثم تونس ومصر وليبيا وسوريا، فقط لإسقاط الأنظمة التي تقاوم امبرياليتهم، والسيطرة على الموارد الهيدروكربونية في الشرق الأوسط الكبير. وقد تبين أن هذا المنطق خاطئ تماما.

كيف؟

لم تسع الولايات المتحدة قط إلى الإطاحة بالحكومات التقدمية (ليبيا وسوريا) بهدف سرقة النفط والغاز من المنطقة، بل لتدمير هذه الدول.

علاوة على ذلك، لاتزال الحروب، حتى بعد فترة طويلة من سقوط صدام حسين ومعمر القذافي مستمرة، وكذلك تنصيب حكومات احتلال أو حكومات عميلة.

كشف توماس بارنت عن هذه الاستراتيجية الجديدة جذريا لقد في وقت مبكر من عام 2004، حين نشر خارطة جديدة للبنتاغون، ولكن لقسوتها ووحشيتها البالغة آنذاك، لم يتصور أحد إمكانية تنفيذها لاحقا.

إذا كان رد فعله مثلما كان متوقعا في أحداث درعا ( آذار-نيسان 2011)، بإرسال الجيش لقمع جهاديي الجامع العمري، فإن الرئيس الأسد أول من فهم طبيعة ماكان يجري. وبدلا من زيادة سلطات قوات حفظ النظام لقمع العدوان الخارجي، أعطى الشعب الوسائل اللازمة للدفاع عن البلاد.

فرفع حالة الطوارئ، وحل المحاكم الخاصة، وحرر اتصالات الإنترنت، وحظر على القوات المسلحة استخدام أسلحتها إذا كان هذا من شأنه أن يعرض الأبرياء للخطر.

كان لهذه القرارات عواقب جمة، في الاتجاه المعاكس.

فعلى سبيل المثال، أثناء الهجوم على قافلة عسكرية في بانياس عام 2011، امتنع الجنود عن استخدام أسلحتهم في دفاع مشروع عن النفس، وفضلوا أن تشوههم قنابل المهاجمين، أو أن يُقتلوا على أن يطلقوا النار فيتسببوا بجروح للسكان المدنيين الذين كانوا يشاهدونهم يُذبحون، دون أن يتدخلوا.

اعتقدت مثل كثيرين في ذلك الوقت، أنه كان رئيسا ضعيفا وأن إخلاص جنوده له، لن يمنع من تدمير سورية وسحقها. لكن بعد ست سنوات، فاز بشار الأسد والجيش السوري برهانهما.

أجل، في البداية، حين كان الجنود يتصدون ببسالة للعدوان الخارجي، كان كل مواطن يشارك رويدا، كل حسب موقعه، في الدفاع عن البلد.

لقد أثبتت الحقائق أن الإمبريالية المعاصرة لم تعد تسعى لنهب الموارد.

هذه حقيقة : إنها تسيطر على العالم، وتستغله دون وجل. ويبقى السؤال : هل تهدف من الآن فصاعدا إلى سحق الشعوب، وتدمير مجتمعات المناطق التي تنوي استغلال مواردها بالفعل؟

في هذه الحقبة التي يلعلع فيها صوت الرصاص، وحدها إستراتيجية الأسد، تسمح بالبقاء على قيد الحياة.

ترجمة
سعيد هلال الشريفي
مصادر
سوريا