فيما تشهد العلاقة الاميركية – السورية اسوأ مراحلها، وفي سياق دعوات اميركية متكررة لعزل سوريا، جددت صحيفة "تشرين" السورية امس دعوة دمشق "الاميركيين للحوار والتعاون". وقالت ان "سوريا تبدي كل الاستعداد للمساهمة في منع اراقة دماء العراقيين، ولتمكينهم من بلوغ ما يريدون". لكن من يمنع ذلك هم "الاميركيون" لان "المشكلة لديهم وليست في سوريا وعلاقاتها وروابطها الاخوية والاجتماعية والمصيرية مع الشعب العراقي الشقيق".

وصدر هذا الموقف ردا على تصريحات وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس التي وصفت فيها سوريا بانها "المشكلة الكبرى في العراق". ورأت "تشرين" ان رايس "ستقف يوما ما مع ذاتها – كما وقف سلفها كولن باول – وتعتذر وتعلن الحقيقة... رايس خدعت نفسها اولا وهي تقول هذا الكلام، وخدعت كذلك الاميركيين، واستهانت بعقول العراقيين، واخطأت مدى معارف المتابعين لاحداث المنطقة".

ولاحظت "ان مشكلة العراق الامنية والسياسية والاقتصادية تكمن في الاحتلال وحده، ولا يفيد أي كلام آخر في التغطية على هذه الحقيقة الراسخة والمعروفة، والمحسوسة والمتداولة".

وتساءلت: "سوريا مشكلة العراق الكبرى! كيف ايتها الوزيرة المحترمة؟ هل سوريا هي التي "فبركت" ذريعة اسلحة الدمار الشامل العراقية واتخذت من هذه الذريعة حجة لغزو العراق رغم انف الامم المتحدة؟ هل سوريا هي التي قتلت حتى الآن زهاء مئتي الف عراقي جلهم من الاطفال، حسب تقديرات المنظمات الغربية المعنية؟ وهل سوريا هي التي دمرت كل بنى العراق التحتية، واتاحت فرص نهب ثرواته وخاصة النفط الذي لا يعرف الا الله كم يضخ منه، والى اين تذهب عائداته؟".

وكررت ان "سوريا تعمل ما في وسعها لمنع تسلل مسلحين عبر حدودها الى العراق، والوزيرة رايس تعترف بشيء من هذه الحقيقة، لكنها تريد المزيد، وكيف يكون هذا المزيد اذا كانت سوريا تعمل ما في وسعها على حدود تتجاوز ستمئة وخمسين كيلومترا؟ ولماذا لا يكون هذا المزيد من الجانب الاميركي المحتل للعراق والذي يملك امكانات الدولة العظمى؟".

ولاحظت ان "مشكلات العراق عميقة وكثيرة ومتشعبة وهي كلها مشكلات كبرى، والاميركيون يعرفونها جيدا. اما سوريا، فهي سند حقيقي للعراق والعراقيين، واي اذى يصيب العراق يرتد على سوريا بحكم الترابط الاجتماعي والاقتصادي على اقل تقدير".

وخلصت الى ان "سوريا تبدي كل الاستعداد للمساهمة في منع اراقة دماء العراقيين، ولتمكينهم من بلوغ ما يريدون، وقد اكدت ذلك للأميركيين ودعتهم للحوار والتعاون، وهي لا تزال عند موقفها وعلى دعوتها، لكن المشكلة لديهم وليست في سوريا وعلاقاتها وروابطها الاخوية والاجتماعية والمصيرية مع الشعب العراقي الشقيق".

وكتبت مجلة "ابيض وأسود" السورية الاسبوعية في افتتاحيتها ان "الصفعات التي تتلقاها القوات المحتلة في العراق والتي عجزت عن ايقافها... لم يجد الصقور (في الادارة الاميركية) ما يبرر فشلهم في ايقافهم سوى توجيه الاتهامات الى سوريا فكلما تصاعدت حدة المقاومة العراقية وفشل الاحتلال في إخمادها، تصاعدت التهديدات". وقالت المجلة التي يعود امتيازها الى بلال توركماني نجل وزير الدفاع السوري "ان رفض الولايات المتحدة مرافقة الوفود الغربية التي شاهدت عن كثب اجراءات سوريا الحدودية قبل اشهر، والتهرب من انعقاد اللجنة الحدودية (السورية – العراقية – الاميركية) من الولايات المتحدة وتجميدها، اضافة الى عدم الموافقة على تزويد سوريا المعدات اللازمة لزيادة ضبط الحدود، واخيرا الاهمال المقصود للحدود العراقية – السورية من الجانب العراقي... جميع هذا يؤكد ان الاتهامات والتهديدات لسوريا هدفها تبرير فشل سياسة (الصقور ) للمواطن الاميركي اولا".

مصادر
النهار (لبنان)