تضاربت المعلومات امس حول النتائج الاولية للاستفتاء على مسودة الدستور العراقي الامر الذي دفع كبار مسؤولي المفوضية العليا للانتخابات الى التحذير من التكهنات والتسريبات وانعكاساتها على الاوضاع السياسية، لكن مع ذلك فإن المؤشرات أكدت فشل السنة في اسقاط المسودة اذ صوتت محافظتان من اصل اربع يتمتعون فيها بالاكثرية لصالح الدستور هما ديالى ونينوى، مقابل تصويت محافظتي الانبار وصلاح الدين ضده، وهو ما يعني ان المطلوب لاسقاط الدستور وهو ثلثا الناخبين في ثلاث محافظات لم يحصل• في وقت رجحت الادارة الاميركية بدورها على لسان وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس اقرار الدستور، وقالت ان مشاركة السنة بأعداد كبيرة في الاستفتاء تعني انه لم يعد للمتمردين اي اساس سياسي يدعمهم، وان كانت أبدت عدم ثقتها بتراجع الهجمات سواء أقر أم لم يقر الدستور، وقال السفير الاميركي لدى بغداد زلماي خليل زاده من جانبه انه أيا كانت النتائج فإن العملية السياسية ستستمر للمضي الى الأمام وردم الثغرات والخلافات•

فقد اعلن صلاح خليل فرج المسؤول في المفوضية العليا ان 71% من المقترعين في محافظة صلاح الدين قالوا ’’لا’’ للدستور في الاستفتاء، وان كان اشار الى ان النتيجة أولية وليست نهائية وسيتم تدقيقها لكي تعلن رسميا في وقت لاحق، لافتا الى ان نسبة المشاركين بلغت 88% وانه في مدينة سامراء وحدها بلغت نسبة المصوتين بـ’’لا’’ 95% مقابل 3 % لـ’’نعم’’ و2 %من الاوراق التالفة• اما في الانبار حيث بلغت نسبة المشاركة لا سيما في الفلوجة 90 بالمئة، فقد تجاوزت نسبة الذين صوتوا بكلمة ’’لا’’ للدستور 99 %’’•

لكن في ديالى، حيث وصلت نسبة المشاركة الى 66% صوت 70% الى جانب الدستور مقابل معارضة 20% واعتبار 10 % اوراق تالفة وفق ما جاء على لسان المتحدث باسم المفوضية عادل عبد اللطيف• في حين أشارت نتائج فرز 260 مركزا من اصل 300 في محافظة نينوى الى تصويت 300 ألف لصالح الدستور مقابل معارضة 80 الف، وقالت المتحدثة باسم المفوضية سميرة محمد الى ان نتائج الماكز الباقية لا يعتقد أنها ستغير النتيجة الى حد كبير•

وفي الجنوب ولا سيما النجف وكربلاء حيث بلغت نسبة المشاركة 60% صوت بين 85 الى 95% بـ’’نعم’’ للدستور• وفي الشمال اشارت مصادر المفوضية الى ان غالبية المقترعين في كركوك صوتوا بنعم للدستور وسط اقبال بلغ نسبة 70%• في وقت سارع المتحدث باسم مجلس الحوار الوطني السني صالح المطلك الى التشكيك بالنتائج، معتبرا ان الدستور سقط وملمحا الى وجود تزوير في النتائج لا سيما مع إعلان رايس مسبقا ان الدستور أقر قبل ان تصدر النتائج النهائية، معتبرا هذه التصريحات تدخلا مباشرا في عمل المفوضية والضغط عليها لتمرير المسودة•

وجاء الرد من المفوضية عاجلا حيث نفت على لسان المتحدث فريد ايار صدور أي أرقام رسمية الى الآن، وقالت ان الارقام الصادرة من بعض المكاتب هنا وهناك انما تكهنات او اجتهادات او تسريبات والنتائج الجزئية ربما لن تعلن قبل اليوم الاثنين او غدا الثلاثاء على ان تعلن النتائج النهائية خلال 4 او 5 أيام بعد درس كل الطعون المقدمة والتدقيق في صحتها• وقال ايار:’’لا يحق لاي موظف أو مسؤول في المحافظات اعلان أي نتيجة لان هذا من حق المقر الرئيسي، لافتا الى وجوب عدم الوقوع في فخ التكهنات والتسريبات، وقائلا ان المفوضية غير مسؤولة عن أي أرقام ذكرت•

وكانت رايس اعلنت امس خلال زيارة خاطفة الى لندن التقت خلالها نظيرها البريطاني جاك سترو أن الـ’’نعم’’ هي الفائزة على الارجح في استفتاء الدستور العراقي، وقالت: ’’ليس لدينا معلومات عن نتائج الاستفتاء لكنه يشكل بالنسبة للشعب العراقي اختراقا جديدا مهما في اطار العملية السياسية ونقلا عن تقديرات على الارض يبدو ان الـ نعم هي الفائزة على الارجح وسنرى لاحقا’’•
واوضحت ان نسبة المشاركة التي تراوحت بين 63 و64% اثبتت انها اكبر من تلك المسجلة خلال انتخابات يناير خصوصا بفضل مشاركة اكبر للسنة، واضافت:’’ان الاستفتاء مهما كانت نتائجه خبر سيء للارهابيين فالشعب العراقي افاد من العملية السياسية للتعبير عن رايه وبالتالي لم تبق للتمرد قاعدة سياسية’’• الا انها اقرت ايضا انه لن يكون في الامكان تسوية كل شيء، قالت انها تامل في ان تفتح محاكمة صدام بعد غد الاربعاء المجال لمصالحة العراقيين• واضافت:’’في نهاية الامر يتعين هزيمة الاعمال المسلحة بطريقة سياسية والعراقيون يلقون بثقلهم وراء هذه العملية وليس وراء العنف الذي سيتراجع بمرور الوقت•

وقالت رايس ان اقامة عراق ديموقراطي سيساعد في احلال السلام في الشرق الاوسط وانهاء ايديولوجيا الكراهية المتطرفة التي ادت الى ظهور مفجرين انتحاريين، كما وجهت مجددا تحذيرا شديدا إلى إيران بشأن احتمال ضلوعها في مساعدة مسلحين على تنفيذ تفجيرات في العراق• في وقت قال سترو ان بلاده قدمت لايران عناصر ادلة ترجح دورا للايرانيين ولـ’’حزب الله’’ اللبناني في تامين المتفجرات التي استخدمت ضد جنود بريطانيين في العراق، ووصف من جهة ثانية الاستفتاء على الدستور العراقي بانه خطوة كبيرة الى الامام على طريق عراق ديموقراطي نامل ان يكون سلميا وهزم الارهابيين•
ورحب وزير الخارجية الاسترالي الكسندر داونر بدوره بالاستفتاء على الدستور العراقي واعتبره نصرا للديموقراطية ورفضا للتمرد• كما رحبت الحكومة اليابانية بجهود العراقيين الذين توجه معظمهم الى مراكز الاقتراع للمشاركة في الاستفتاء حول الدستور رغم التهديدات• ووصفت روسيا الاستفتاء بالخطوة الضرورية على طريق العملية السياسية واعربت عن الامل في ان يواصل العراقيون البحث عن حلول خاصة ببناء دولة المستقبل عبر الحوار الوطني الواسع• كما وصفت مملكة البحرين تصويت الشعب العراقي في الاستفتاء بانه خطوة لأمنه واستقراره ووحدته وتقدمه ورخائه•

وهنأ الامين العام للامم المتحدة كوفي عنان ايضا الشعب العراقي على الاستفتاء على الدستور الجديد وقال ان ذلك يمثل فرصة لتخطي البلاد مرحلة العنف والتوجه نحو الوحدة، معتبرا انه ايا كانت النتيجة فإنه يعتقد أن هذا الاستفتاء يوفر فرصة لجميع العراقيين لتخطي مرحلة العنف وليتحدوا بروح من المصالحة الوطنية لبناء عراق ديموقراطي وموحد ومزدهر’’•

مصادر
الاتحاد (الإمارات العربية المتحدة)