اعتــبر رئيس مجموعة الأزمات الدولــية روبــرت مالي أن هناك تبــدلا في الأجــواء الإقلــيمية والدولية يمكن أن تستفيد منه ســوريا، في حال تصــرفت ببراغــماتية، تجــاوبا مع براغمــاتية أمــيركية بــاتت أكثر وضــوحــا في الآونــــة الأخــيرة.
وقــال مالي، الذي كان يتحدث لـ»الســفير» من دمشق حيث التقى وزير الخارجيــة السوري وليد المعلم ونائـبه فيــصل المقداد، إن هذا التبــدل، رغــم أنّه حقيقي، إلا أنه هـش وقابل للتراجع، معتبراً أن كيفية انتهاء الأزمة في لبنان، حجر زاوية في هذا الأمر.
واعتبر مالي أن من ضمن المؤشرات على التبدل في الجو الإقليمي والدولي، خصوصا تجاه دمشق «حضور سوريا في مؤتمر أنابوليس، بعدما دفعت الإدارة الأميركية إلى وضع المسار السوري الإسرائيلي على أجندة المؤتمر»، مشيرا إلى أن أهمية ذلك يمكن قراءتها في أنّ «النقاش الذي سبق الاجتماع تركز ليس حول القضية الفلسطينية، وإنما على موضوع ســوريا (وحضــورها)، خصوصا في ما يخص جامعة الدول العربية».
وأضاف مالي أنّ من بين هذه المؤشرات «اعتراف الولايات المتحدة وخصوصا قائد قواتها في العراق الجنرال ديفيد بتراوس بالجهود الســورية في ضبــط تدفق المقاتلين عبر الحدود، والدفع الإيجــابي للعــلاقات بــين سـوريا والحكومة العــراقية»، إضافة إلى «التعاون السوري الفرنسي حول لبنان والتطور في العلاقات العربية ولا سيما مع الأردن».
في المقابل، حذر مالي من أنّ «كل هذا قابل للتراجع وهش»، مشيرا إلى أنّ اغتيال مدير العمليات في الجيش اللبناني العميد فرانسوا الحاج «بغض النظر عمن يقف وراء الجريمة» يقوي موقف القائلين بأن «الحوار مع سوريا لا يجدي في تغيير سلوكها». كما اعتبر أن العلاقة المتطورة تدريجيا مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قد يعاد النظر فيها «إذا لم يحصل على النتائج التي يريدها، خصوصا بعدما اقتنع الجانب الأميركي بإعطائه الحرية للتفاهم مع سوريا».
وبحسب مالي، فإنّ العلاقة مع فرنسا تشكل حجر الزاوية في المناخ الحالي، وإن كانــت تأتي عبر المنظور اللبنــاني، لكــنه يضيف أن أي فشل فرنسي في لبنان سيقوي موقف التيار المعارض للحوار مع دمشق، بالتالي سيعيد التركيز على سياسة مقاطعة سوريا.
ورداً على سؤال عن احتمال حصــول حــوار أمني سوري أميركي حول العــراق، قال مالي انه مــن الممــكن «كخــطوة أولى، لأن لدى ســوريا والــولايات المتحدة مصــالح مشــتركة، ويريــدان الاستـقرار فــي العراق».
وحول المخارج المحتملة وكيفية تقوية هذا المناخ، يعتقد مالي أن بإمكان سوريا أن يكون لديها دور في تحديد ما إذا كان التيار البراغماتي في الإدارة الأمــيركية سيستمر، وذلك عبر «إظهــار براغمـاتية»، في حال «ساهمت في الحل في لبنان، وكيفية التعامل مع العراق، وإذا أثمرت القــمة العربية في دمشق في تجديد مبادرة السلام العربية».
ورأى مالي أن «هذا يمكن أن يتم بطريقتين، طريقة مباشرة عبر الحوار مع الذين يؤمنون أنه كان من الخــطأ عدم التــعامل مع ســوريا، والثاني غير مباشر عن طريق العمل على سبيل المثال مع ساركوزي» واستثمار صداقته مع أميركا.
وعما إذا كان التوجه الحالي نحو سـوريا يقــوم أساسا على فكرة جذبها بعــيدا عن إيران، قال مالي إن «هذا عامــل قوي لدى الولايات المتحدة، ولكــن رأيــي الذي نقلته في حواراتــي مع الأمــيركيين، أن لا تفكروا بهذا الأســلوب لأن ســوريا لن تضحي بأهم علاقة يمكن الاعتماد عليها في المنطقة منذ 25 سنة».

مصادر
السفير (لبنان)