لا أعرف لماذا يمنع الضحك خلال الحدث السياسي، أو إعادة كتابته على سياق ألف ليلة وليلة، فما أن يشرق الصباح حتى تتوقف "شهرزاد" عن "الكلام المباح"، أو المخبأ في دهاليز التعابير السياسية البعيدة عن حرارة الحياة، فالهم العربي مودع داخل مساحة واحدة يحتكرها النظام العربي، ثم يبتعد في "لياليه الألف" عن مألوف الكسل الذي ربما يصبح قمرا خاصا في الفضاء العربي.
بالطبع فإن "الضحك" من الحدث يأتي بعد أن يصبح البكاء صعبا، أو غاليا لأن الدمع الذي يرافقنا أصبح شحيحا، فمع "خارطة" المصالحة يمكن أن نتقاطع بـ"همروجة" ذكية يتركها الإعلام أمامنا، لكننا نصبح متأكدين من أن الأفق القادم لن يسمح للحياة كي تزين وجوهنا طالما أننا أمام كلمات تتوالى ورئيس يقاطع، ثم فاصل من التحليلات الجذابة، ويحق لنا بعد ذلك أن نسأل عن الكلام الذي تبقى لنا كذكور وإناث في "الجغرافية المنسية" من المجتمع.
كلهم متصلبون... اعتادوا المؤتمرات ومتاعبها الكثيرة، وتعرفوا على نوعية الخلافات وأساليب تنسيق الحروف حتى يصبح "الائتلاف" العربي أكثر إبهارا في أعين من وضعوه، بينما يسطع نجم آخر في مساحة منسية من غزة أو القدس أو بغداد، فإيقاع الحياة لا يبدو أنه يسير على سياق بنود جدول الأعمال، ومساحة العشق التي تجتاحنا غريبة تماما عن امتدادات السياسية المكتوبة في القمة أو غيرها، فنحن على الأقل نرمي أنفسنا على المقاعد ولا نتخشب، وتظهر علائم الحب على وجوهنا فلا نضطر لأن نرسم الابتسامات، ونحن نعرف أن الحرب قائمة رغم التنظير المتعمد لكل مساحات التسوية والوفاق العربي... في النهاية نحن نقلق ونثور.. نعشق ونموت... وينسانا التاريخ لأنه يعجز عن تسجيل سرعة مرور العواطف أو العواصف أو المغامرات السريعة داخل الوطن.
عندما يجتمع القادة العرب أرسم ندبا على جسدي... وعندما ينتهي الحدث السياسي أهيئ نفسي لعشق من نوع آخر يكسر جدار الإحباط الذي ظهر من جديد، فالمسألة في النهاية صراع بين "سكونية" الحكومات وحرارة الحياة... فيجتمعون فأعشق من جديد، ويقررون فأبدا بفتح "مقاومة" على كل الجبهات... وفي الحالتين أبقى معفرة بالتراب وبدخان المعارك فالعشق والمقاومة هما الأمران الوحيدان اللذان يثبتان أن الحياة على هذه الأرض ممكنة، وأن حرارة المستقبل تتسرب دوما إلى جسدي.. إلى أجسادنا...