هي ليست مجرد تمديد للعقوبات، حتى ولو بدت تصرفا روتينيا في ظل عدم الخروج بآلية للتعامل مع دمشق، فالكثير من المعلومات "المسربة" من واشنطن تتحدث عن تفكير جديد في التعامل مع الأزمات الشرق أوسطية، وربما لأول مرة هناك ربط واضح في إدارة هذه المسائل ولو عن طريق الحوار، فواشنطن وحسب التقارير تريد "حزمة متكاملة" أو ربما "شاملة" في مسألة الشرق الأوسط، وهي تعيد "توزيع" الأدوار أو حتى المهام ولكن على أساس إيجاد "اختراق" في المواقف... فتجديد العقوبات الذي يحمل عنوانا قديما في الضغط على دمشق، يتخذ الآن أبعادا أخرى مع وجود "قنوات" دبلوماسية عميقة في تأثيرها.

عمليا فإن الحديث عن نقاط "اختلاف" لم يعد مهما في الآليات التي تتبعها واشنطن سواء مع دمشق او طهران، فهناك "تعامل" أمريكي مع "واقعية" الاختلاف طالما اننا أمام "أزمات" مشتعلة، ويبدو أن المهم بالنسبة لإدارة اوباما إعادة ربط الأدوار الإقليمي بدلا من رسمها أو تبديلها، وهذا ما تأكده مصادر متعددة في واشنطن حول نوعية الحوار الذي تنتظره الولايات المتحدة مع طهران، أو الذي انطلق بالفعل مع دمشق، فالمشكلة المركبة الذي يواجهها مبعوثو الإدارة الأمريكية إلى الشرق الأوسط تتمثل في أمرين:

الأول إقناع ما يسمى أطراف الاعتدال بأن ما يحدث هو أكثر من "صفقة" لأنه يتعامل بشكل متوازي مع مختلف القضايا، وان الأدوار السياسية لـ"المعتدلين" لن تتقلص لأنها جزء من "الحزمة" التي ترتبها واشنطن على نار هادئة.

الثاني تقليص مساحة المناورة بالنسبة لـ"غير المعتدلين" من خلال "المؤشرات الإيجابية" التي كثرت في الفترة الأخيرة، على الأخص أن الحوار على ما يبدو مفتوح بالكامل حتى مع تيارات ماتزال مدرجة على لائحة الإرهاب.

ورغم أن تزامن "الحوار" مع "تجديد" العقوبات يغري بالبحث حول نوعية الحوار القائم مع دمشق، لكنه في النهاية لا يقدم دلائل كافية على ان واشنطن تريد استخدام أوراق مختلفة في تعاملها مع سورية، فالتجديد لهذه العقوبات لا يعطي سوى مؤشر وحيد حول نوعية التحول الذي تريده إدارة أوباما، فهو تبدل في كل الملفات بنفس الدرجة وليس تفاوض على قضايا يمكن أن تدخلها في صفقات متباينة أو مختلفة، وهو أمر جديد بالنسبة للمنطقة التي اعتادت النظر إلى قضاياها وفق حالة نمطية، فـ"الرزمة المتكاملة" ربما تحقق اختراقات على مستوى "الحوار" لكن السؤال يبقى حول واقعية "الحلول" التي يمكن ان تظهر، أو حتى في إمكانية هذه "الرزمة" على خلق نوع من الاستقرار، طالما ان "التوازن السياسي وحتى العسكري مازال مختلا بعد احتلال العراق، وسيبقى لفترة طويلة بعد ان تغيرت المعطيات الشرق أوسطية بشكل كامل داخل "معادلة" من الصراعات الداخلية التي أثرت حتى على بنية الدول فيها...