قبل وصول الرئيس الأمريكي إلى المنطقة ستبدأ "إسرائيل" مناوراتها، ورغم أن هذا العمل لا يرتبط بالعواصم التي سيزورها باراك أوباما، لكنها ستنقل رسائل حول نوعية "المخاطر" التي تراها دولة العدو حتى مع الحوار "البارد" الذي يدور على مساحة الشرق الأوسط، فالمناورات ومن اسمها تحمل سمه "استعادة المبادرة"، أو حتى إقرار بأن التوازن العسكري هو الأساس رغم كل القنوات الدبلوماسية التي تحاول الإدارة الأمريكية فتحها.

وبالطبع فإن المناورات بحد ذاتها لا تعكس خلافا أساسيا في طبيعة التعامل ما بين واشنطن و "إسرائيل"، لكنها تظهر سباقا في تحقيق واقع ملموس قبل أن تنطلق "المبادرات" السياسية، فهي تقدم ظاهرة جديدة في مسألة التعامل مع الأزمات الموجودة ومع التفكير بإعادة إحياء عملية التسوية، فالمؤشرين الأساسيين يظهران في:

أولوية المخاطر التي تريدها "إسرائيل" أن تتصدر أي معالجة لموضوع التسوية، فرغم أنها تتحدث عن "إيران" و "الخطر النووي" القادم، لكن ما يعنيها هو المواجهة المباشر أو "حالة التماس" مع قوى المقاومة، فأي عمل عسكري تجاه طهران يحمل داخل ارتفاع احتمالات المواجهة في محيط "إسرائيل"، واستبعد هذا الخطر وإن بدا اليوم على شكل مناورات تحاول الحد من مخاطره، إلا أنه أيضا له جانبه السياسي في نوعية التحرك الأمريكي الذي ترى فيه "إسرائيل" جانبا خاصا يجب أن يستكمل في "المحاصرة السياسية" لمسألة المقاومة.

صورة الشرق الأوسط الذي انكسرت فيه معادلة التوازن العسكري بشكلها التقليدي، فالمسألة بالنسبة لـ"إسرائيل" بدأت مع التواجد العسكري الكثيف للولايات المتحدة في المنطقة وانتهت بمسألة "المقاومة المبعثرة" في عربين أصبحت فيهما الجيوش عاجزة عن تحقيق "الأغراض" السياسية رغم "الحشد" السياسي الذي تم لكل من حرب لبنان 2006 وحرب غزة 2008 - 2009.

الولايات المتحدة اليوم تأتي من جديد إلى المنطقة بصورة مختلفة، فالجناح الأول هو نوعية السياسة التي تحمل "حسن نية" دون آليات واضحة، أما الثاني فطبيعة الشرق الأوسط بعد ثماني سنوات من الحروب تغير فيها مفهوم القوة، وهو ما يجعل المناورات "الإسرائيلية" استرجاعا لصور التوتر التي سادت في سبعينيات وثمانينات القرن الماضي، فهناك رغبة واضحة سياسيا وعسكريا في إعادة رسم الصراع بشكله الكلاسيكي القديم وشط عامل "المقاومة" على شاكلتها الحالية خلطت الأوراق بالنسبة للجميع.

المناورات اليوم هي تذكير سياسي بالدرجة الأولى وذلك بغض النظر عن أغراضها الأخرى، وهي أيضا محاولة لإعادة رسم "القوة العسكرية" على مساحة السلام، بحيث تكون "حصص" التسوية منسجمة مع نوعية "التفوق العسكري" المفروض.. ""إسرائيليا".