من طاردك حتى تلاحقني! أو حاول مزاحمتك على مساحتك حتى تحاول اقتحام عالمي، فأنا أريد التمتع بالكون وبفضاء لا تحده عمامة تنتهي الدنيا عند حدود انتصابها على الرأس، وأنا أريد حرية التمتع بـ"الاحتمالات المفتوحة" بدلا من التوقف عند تطبيق الحدود حتى على "افتراضات" العلم، وإطلاق "كبرى اليقنيات الكونية" على المعادلات الرياضية، وأريد أن أنسى الوجوه المثلثة التي تقفز في قلب أي محفل علمي أو موسيقي أو شعري كي تفرض ثقل التراث على العقول.

أحيانا أشك بأن "اليقين" الذي يغلف العمائم موجود أساسا، أو الثقة بالفكر الملتف تحت العباءة هو حقيقة وليس وهم، لأن ما يدفع أي متحصن بالتراث على لي احتمالات العلم على قواعده هو في النهاية نوع من "الشك الداخلي" أو الخوف بعد أن انتصرت فكرته منذ أكثر من ألفي عام، لكنه يرمي ضبابه على مسارات "العلم الكوني" أو يتعثر بين طرفي معادلة رياضية فيتخيل أن المنطق هو المتراس الذي سيجابهه فيقرر أن يزاحم الجميع على علمهم.

العمائم تملك حرية منابرها، وسلطة معرفتها تنتقل من جيل إلى جيل، وربما لا أشعر بخوف منها أو عليها إلا عندما تقرر أن تحتل أضيق المساحات فتصبح نوعا من الهم الذي يجعل من الكون ساحات لغزوات على طريقة "فإن قالوا قلنا.."، ويتجمع الكون على طريقة "الرواية" واختبار "سند الحديث"، فأتذكر أنني اخترت "الكون" لأنه يطلقني خارج "العلم النمطي"، أو يجعل الهموم الآنية عابرة في مواجهة رحابة الكون، لكن اللحظات القليلة التي يتم فيها "لي عنقي" بسؤال يحمل الإجابة، أو حتى بزرع افتراضات مسبقة لمسار التفكير، فيخنقني اصفرار اللحظات وأعرف أنني أمام "مصير مغلق"، لكنني أصر على الاستمرار في استعادة المساحات المفتوحة أمامي.

لا أعرف لماذا يصبح التراث "خانقا"، أو محاطا بالقصدير فلا نستطيع اختراقه، فنجابه بوجوه بشرية تظهر فجأة وتنسى أن عليها الرحيل وأن مكانتها محفوظة ولا حاجة لحضورها "البهي" في مساحات لا تنافسها ولا تحمل سوى حرية البحث في فضاءات لا علاقة لها بصراع المعتقدات على الأرض، أو تطاحن السياسات، أو حتى الجدل بالتشريعات التي تحاصرنا وربما ليس أقلها دعاوى التفريق التي ستحصل إذا افتتح "ديوان الحسبة".

دعوني فقط أستمتع بما لا يطال جمهوركم ولا حتى دائرة تفكيركم.. دعوني أرى الكون بعيني وبعقلي وليس بيقينكم الذي سأبقى أحترمه طالما أنه لا يستبيح مساحاتي... دعوني أستمتع ولو لساعة واحدة بفسحة من العلم تنقلني إلى حدود لم أكن أتوقعها، دعوني أستمتع برؤية الكون.. وشكرا للجمعية الكونية السورية....