قراءة الإستراتيجية الأمريكية تدفع للإرباك في ظل اتجاهات متعددة تحكم التصريحات السياسية، إضافة لضبابية الموقف تجاه مسألة الحرب على الإرهاب، فالصورة الإعلامية "البراقة" والخطاب الأمريكي الموجه عبر الرئيس باراك أوباما هو "يقظة" للحلم الأمريكي أكثر من كونه إستراتيجية واقعية يمكن أن تحول مسار الأزمات في العالم عموما وفي الشرق الأوسط على وجه الخصوص.

وما يبدو اليوم على أنه تناقض في السياسات لكنه يقدم أكثر من سقف للاحتمالات الخاصة بالإستراتيجية الأمريكية المتأرجحة مع الطبيعة "المختلطة" لإدارة أوباما التي لم تتبلور في اتجاهاتها الخاصة، وربما يفسر هذا الأمر عدم القدرة في التحكم بالأزمات بشكل كامل، والواضح أن أمرين لابد من ملاحظتهما في هذا الإطار:

الأول أن الإستراتيجية الأمريكية لا تملك الا النظر إلى الرهانات الواقعية، لأن هذا الأمر ربما سيشكل تراجعا واضحا لها داخل الأزمات العالمية، فهي تريد اليوم تفكيك المعادلة الداخلية لمعظم الأزمات العالمية، فقنوات الحوار المفتوحة مع الجميع يوضح أنها تريد صياغة خيارات جديدة مع تهيئة الظروف الخاصة لكل خيار.

الثاني أن التكوين العربي هو الأكثر تضررا من ارتباك هذه الإستراتيجية، ولا نعرف لماذا كلما دخلت الإستراتيجية الأمريكية في أزمة جديدة زاد التناقض العربي!!! وهذا الأمر ظهر مؤخرا مع التحرك السعودي، وزيادة التناقض العربي رغم حديث المصالحة الذي يدفع لسؤال لا يحمل فقط معرفة التوزيع العربي اليوم على مساحة الخارطة التي رسمتها الإدارة الأمريكية، بل أيضا عدم قدرة "السياسة العربية" على ممارسة دور الحليف"، بمعنى أن حلفاء الولايات المتحدة غير قادرين على تقييم أدوارهم عند كل مفصل تهتز به المنطقة،

ربما سارع عدد من الاستراتيجيين خلال حقبة بوش إلى تقسيم العالم العربي باتجاه مشروعين: الاعتدال والممانعة، لكن الواضح أن الإدارة الأمريكية تفرض تقسيما جديدا، يطرح ضرورة البحث في السنوات الأربعة الماضية لقراءة الشكل غير المنظم الذي استطاع إسقاط الإدارة الأمريكية في جملة أزمات.

فالدهشة التي ترتسم من نوعية التوجه السياسي في مقابل التصريحات أو "الخطابات" التي يطلقها الرئيس الأمريكي هي في نهاية "مرحلة التحول، التي يمكن أن تكون محبطة، حتى مع الحديث عن البحث عن حل لكل الأزمات التي تبدأ وتنتهي في واشنطن.