اقتباس مشروع في معرض الكتاب، فهو العالم الغريب الذي يخطفني باتجاه "الفردوس المفقود"، فـ"كتاب الحب" ليس فقط ديوانا لنزار قباني لأنه محفور على قلوبنا كلما شاهدنا رغبة في الإبداع، أو الدخول في صفقة خاسرة، يتم فيها وضع "الإبداع" في طرف والتجاهل في طرف آخر، ففردوسنا المفقود في الكتاب وفي الزمن المهدور أمام كم "المشافهة" والثرثرة والتصريحات السياسية وغير السياسية.

وربما تنتابي رغبة في رسم "كتاب حب" من نوع آخر، أحاول فيه أن أضع حجم التحول الذي يصفعني كلما حاولت أن أشتري كتاب، أو أدخل إلى الإنترنت لأبحث فأواجه كما من العبثية، ثم أرمي بمشاعري تجاه القادرين على التفكير في زمن "الجدل البيزنطي"، والقادرات أيضا على قراءة مساحة حياتنا في عصر "تحقيق الكتب" وطباعة التراث، والعزف على أوتار ديباجة المدونات الصفراء، ففي معرض الكتاب خلاصة لكل "المدونات" الموجودة على "الإنترنيت" أو تلك التي يفكر أصحابها بنشرها، وهم مقتنعون أن "الثرثرة" تبقى خارج دائرة المحاسبة أو أنها تطير وتسرح في زمن يتم فيه توثيق "الهمسة".

أريد أن أعانق كل من يحاول أن يحطم جدران العزلة المفروضة علينا، أو يكتب عليها حتى تتبدل أو تنهار أو تصبح مجرد ذكرى لزمن يحاصر الجميع بقوانينه، فمن يحاول أن يكتب بشكل كلاسيكي أو على صفحات المدونات الإلكترونية هو في النهاية من "بناة العوالم"... وأقول يكتب... يحاول أن يكون تفكيرا بدلا من الثرثرة أو تقيؤ التراث أو حتى تحويل التقنيات إلى منتديات لاجترار الوقت، فالقادرون على الكتابة ينحتون الحياة من جديد، كي نبقى متشبثون بالأمل وبالقدرة على الحياة والسباحة ضد التيار بدلا من الهدوء والغرق في تهويمات الماضي.

وكلما واجهني معرض الكتاب تعرفت على الوجوه الباقية والمتكئة بين مجلدات ضخمة يعاد طباعتها، وتباع من جديد، وتبقى زينة للبيوت، فهذه الوجوه قادرة على الظهور رغم الحجم الكبير للصفحات المتوفرة من "علوم الأولين" التي تطل علينا كعادتها وكأنها نهاية التاريخ ونهاية الزمن، والإرث المفروض علينا في كل لحظة نقرر فيها ممارسة التفكير أو الحياة، أو إخصاب عالمنا بومضة جديدة.

هو "كتاب الحب" الذي يمكن أن يقفز باتجاه الجميع ليجمع العيون على الكلمة أو "الزهرة" التي تبدو مشهدا جديدا وسط القحط الفكري، والغربة في الثرثرة أو إزاحة الوقت الذي كان كسيف وأصبح سحابة عابرة.

شكرا لم يحاول... فهو يدخل رهانا جريئا يخسر فيه زمنا ويكسب عالما مختلفا عما نراه، لأن الكتابة في زمن التكرار يخلق حلما متنقلا يكسر رتابة الصورة التي تتكرر كل يوم.