هو خوف مفاجئ من طبيعة الصورة التي ترتسم أمام الجميع، فأشعر أني فريسة تركض وسط "القناصة" أو محترفي "الصيد" داخل مجتمع يهوى المعاكسة... هل هو شكل الجسد؟ أو المفارقة داخل عصر يضطرنا للظهور وسط ثقافة تلاحقنا بتكوينات "دونية"...

بين الذكر والأنثى عصور متراكمة فوقنا، وأقوال تتكرر يوميا، وثقافة يعاد إنتاجها داخل مدن الإسمنت، بكل ما تحويه من "عشوائيات" تحاصرها، فيمكنني مشاهدة ملامح العصور الوسطى داخل تفاصيل الحياة، وربما أفشل في معاندة الحركة التي تجبرني في كثير من الأحيان على خجل من "نفسي" أمام سيل الواعظين الذين يعشقون الحديث عن المرأة... وتوجيه مسار الثقافة باتجاهها، حيث تنتهي الحياة عند حدود عورتها وتبدأ مع ما يسمى "الفتنة" التي تصبح ثرثرة على مساحة فارغة.

لا أعرف كيف أفكك هذا الموضوع دون أن اخترق "الخطوط الحمر" للثقافة السائدة، فما بين الذكر والأنثى أكثر من مسألة الجنس، فهناك مساحة معرفية يجب تأسيسها تنطلق من الجسد وتعود إليه، فعندما يتوقف التحريض ضد "جسد الأنثى" يمكننا أن نفكر بهدوء، أو نخرج ما بداخلنا تجاه جسد الرجل وما يمنعنا هو خط طويل يبدأ بـ"النص" الذي يكرس لغة ذكورية، ويتطور مع الفهم الخاص للمجتمع، ذكورا وإناثا، حول نوعية العلاقة التي يمكن أن تظهر في المجتمع بين الجنسين، وهي بلا شك علاقة محكومة بتصعيد واضح ضد صورة الأنثى في مظاهر متعددة:

الأولى هي أن الفصل الجنسي يطال "الأنثى" بالدرجة الأولى، وربما يكون السبب لهذا الأمر تاريخي له علاقة بالقوة البيولوجية، لكنه في الثقافة الاجتماعية يأخذ ملامح "دينية" ترتبط بالعورة التي على ما يبدو رسمت وفق "مخاوف الذكور"، ولم تتم ملاحظة "مخاوف الإناث" وكأن أجساد الرجال لا تحمل أي غواية.

الثاني طبيعة النص الذي يحكم على الأنثى بـ"حتمية الضعف"، فشهادة اثنتين بشهادة رجل، وهذا الأمر هو مؤشر داخل "النص" الذي يعيد رسم الأنثى على أنها طرف ثانوي في الحياة... وبغض النظر عن استخدام هذا "النص" حاليا داخل المحاكم أو في القوانين، لكنه داخل الثقافة الاجتماعية يشكل قاعدة يتم عبرها رسم "الصورة الذهنية للأنثى".

الثالث العبث بما يسمى حرية المرأة بشكل انتقائي، فحتى الإناث يضعن شروطا لهذه الحرية، فهناك "حجر" على حرية الجسد، وهو ما يتم التعبير عنه بمسألة الأخلاق والقيم الاجتماعية، وهو أمر لا يٌفرض على الذكر اجتماعيا رغم وجود "أصول دينية" يجب أن تضبط سلوكه، لكن القاعدة الاجتماعية لا تنظر كثيرا لممارسة الذكور، بينما تتوقف عند مساحة حرية الإناث بأجسادهن بشكل مطول.

ليست الذكورة والأنوثة مجرد ندوات يتم عقدها دوريا، أو ورشات عمل حول دور المرأة في المجتمع، ولا نحتاج للبحث مطولا في التقارير الدولية حول "الجندر" في بلادنا، لأننا قادرات، والمراقبون قادرون أيضا، على تتبع ثقافة التمييز بمجرد استخدام وسائل النقل العامة، أو تجول يوم الجمعة لسماع "الوعظ" الذي يصب في النهاية داخل الأنثى.... وحل هذه العقدة ربما لن يظهر قريبا طالما أننا لسنا قادرات على كسر حواجز ثقافية تنتمي لعصور سابقة، بينما نتباهى بقدراتنا على التعلم وحبس علمنا وحرياتنا داخل قواعد تحكم على ثقافتنا بالسكونية، وتجعلنا ضحايا جرائم الشرف و "الهجر بالمضاجع" و تعدد الزوجات و......