الخبر المعلن عن زيارة الرئيس بشار الأسد إلى طهران يتحدث عن تهنئة للرئيس أحمدي نجاد، لكن زمن الزيارة يبدو فاقعا وبعد وصول رئيس الوزراء العراقي نور المالكي بيومين، وبعد زيارة "فريدريك هوف" لدمشق على رأس وفد "أمني" وفق عدد من المصادر، والأمرين مترابطين لأبعد الحدود مما يعطي المباحثات السورية - الإيرانية بعدا آخر يمكن قراءته في ضوء التطورات الأخيرة إقليميا وإيرانيا.

عمليا فإن الحوار الأمريكي - السوري يتشابك مع الموضوع الإيراني في ملفات أساسية، ويبدو العراق نقطة ارتكاز أولى، فإيران وسورية تتعاملان مع هذا الملف وفق سياق يحكمه التداخل الديموغرافي أحيانا، أو حتى طبيعة الجغرافية السياسية العراقية التي تؤثر مباشرة باتجاه الشرق والغرب، فالحديث عن مباحثات سورية - أمريكية بشأن الوضع في العراق لا يمكن أن تخلق افتراقا عن العلاقة السوية - الإيرانية، وهو أمر يحاول البعض رسمه بطريقة أخرى من خلال سياسة الحوافز المقدمة من واشنطن لدمشق من أجل خلق تباعد مع إيران.

في الحوار الأمريكي مع دمشق اليوم "زاوية مستحيلة"، تبدو واضحة عند البحث في الأدوار الإقليمية التي يمكن ان تضمن الاستقرار في العراق، فالمسألة ليست أمنية حتى ولو جرت مباحثات أمنية، وهي من زاوية أخرى تتطلب توازنا يضمن وحدة العراق في حال انسحاب القوات الأمريكية، وهو موضوع أساسي في العلاقات السورية - الإيرانية، لأن أي تقسيم في العراق ستنعكس نتائجه باتجاه البلدين، فالتنسيق في هذا الاتجاه يأخذ بعدا استراتيجيا تعرفه واشنطن تماما، ومن خلاله تريد "توزيع" القوى الإقليمية أكثر من كونها تريد افتراقا ما بين دمشق وطهران، فهي تريد ضبط تأثير البلدين على العراق بشكل يساعد من مهمتها في مرحلة الانسحاب.

وبالطبع فإن دمشق تعرف ان علاقتها مع طهران ستأخذ أبعادا أخرى، ولن يبقى العامل الخاص بـ"المقاومة" أو الممانعة" الوحيد الذي يحكم "تحالفهما"، لأن صورة المنطقة يمكن ان تتبدل خلال الأعوام القادمة، وهو ما يفترض قراءة نوعية التحالف الذي يضمن مسألة "الممانعة"، ولكن في نفس الوقت يضعها قي سياق "مشروع سياسي" قادر على مجابهة المستجدات التي ستظهر مع بدء انسحاب القوات الأمريكية.

الولايات المتحدة تعرف أن "الزاوية المستحيلة" مرتبطة أساسا برؤية دمشق وطهران للأمن الإقليمي، وهي الموضوع الذي يمكن أن تقف عنده مسألة إيجاد مسارين مختلفين بين سورية وإيران، فالمسألة لا تتعلق بالحدث السياسي بل بتحديد نوع المخاطر التي تهدد البلدين، على الأخص ان هناك تجربة قاسية مرت بها المنطقة بعد احتلال العراق، ومباحثات الرئيس الأسد في طهران لا يمكن ان تنفصل عن هذه الملفات، وهي في النهاية تضع صورة واضحة للعلاقات بين البلدين التي يبدو أنها ليست بحاجة لاختبارات.