يبدو أن عفتنا أصبحت مستوردة!!! أو هكذا على الأقل ما يعتقده عضو مجمع البحوث الإسلامية في مصر عبد المعطي بيومي الذي طالب بتطبيق حد "الحرابة" (قطع اليد والرجل من خلاف) على المستوردين، وبغض النظر عن "قضية البكارة" لكن الصورة التي ترتسم مع هذا الحرص الشديد على "العفة" و عدم انتشار "الرذيلة" تأخذ ملامح "الكوميديا السوداء" التي تدفع على الضحك من صعوبة البكاء، فـ"تحصين" الإناث هو اليوم على المحك، وهو أيضا يكتسب صورة المعاملات التجارية، فهناك شركات حريصة على "مظاهر العفة" التي تخصنا، ومستعدة لإنتاج أحدث انواع "الترقيع" القادر على خداع "أعتا الذكور"....

لا حاجة اليوم لنبش كم الفتاوى التي تصدر، أو أكداس التراث فوق "جماجمنا"، لأن العفة التي يخشون عليها، أو حتى الرذيلة لم تعد سوى صورة لـ"إعرابي" مخدوع بحريمه، بينما تغزوه القبائل من كل صوب، فـ"السادة" المنتظمون في لائحة "ذكور القرن الرابع الهجري" أصبحوا جاهلين حتى في معرفة حقيقة "الحريم" المكدس في عقولهم، وهم غير قادرين على معرفة كيف يمكن للتكنولوجيا أن تصبح صورة بهية، رغم أنهم يستخدمون كل وسائل الاتصال لمخاطبتنا، ولم يعد هناك سلاح سوى "الفتاوى" التي ستضاف إلى مساحة الفقه الذي يتسع باتجاه "الأنثى" ويضيق كلما اقترب من صورتنا الحقيقية أمام "دار الحرب" حسب تعبيرهم.

ليتم "إعدام" أو تطبيق" حد "الحرابة" على مستوردي غشاء البكارة، فهو أمر ضروري لأنه يمنع المواجهة الحقيقية مع قيمنا التي أصبحت عنوانا وحيدا لوجودنا المنتهكة عفته في زاويا أخرى، فهؤلاء الغارقون في المحيط السفلي لأجسادنا ربما سيكتشفون لاحقا أن "العفة" سهلة الاختراق عندما تصبح بحدود تفاصيل الأنثى، وأنها تصبح نوعا من الجنون لحظة نفكر بأن "الاستباحة" تحاصرنا من الجهات الأربع، وتتعايش معنا على نفس الشاشات التي يظهرون منها ليمنحونا الفتاوى والبركات، أو يحذروننا من الفتنة، وفي المشهد الثاني ننتقل إلى الثقافة التي يتم منها حذف القبلات، بينما نشاهد مساحة العلاقات المفتوحة، ودرجة التوقف عند صورتنا التي أصبحت هشة.

استيراد "العفة" يحاصر ثقافتنا، فنحن نطلبها من الأمم المتحدة، ونقدم براءة ذمة عبر وجهنا السمح الذي يوحي بـ"الاعتدال"، وننتقل بين عواصم العالم حتى نقنعهم بأننا "مريدو" سلام حتى ولو فاق عدد أسيراتنا في فلسطين كل التوقعات، ثم نتحدث عن "وسطيتنا" بينما تصبح القدس بلون واحد وبحائط مبكى يسور كل فلسطين....

عفتنا بالفعل على المحك لأنها مسبوقة بإشارة من "المحكمة الدولية" التي أصبحت مثل "المُحرم" تنتقل في علاقاتنا الداخلية، أو تكتب صك البراءة أو حتى تشهد بأن أحدا لم يقربنا من قبل، فتنطلق الزغاريد من كل صوب....

"عفتنا" بمساحة الأرض لأنها مسفوحة في "التشرد" الذي فرضته قوانين الاستباحة التي مارسناها على أنفسنا قبل أن يمارسها الآخرون من الشرق والغرب فأصبحنا محاصرين بالخوف على "عذرية" انتُهكت" لكننا مصرون على عدم "ترقيعها".....