هو دور يحتاج بالفعل للقراءة... فعندما تظهر الأنثى في السياسة تتبدل المعاير داخل الثقافة، وتصبح المسألة أكثر من ابتسامة يمكن توزيعها، وعندما تزور أنثى "خيمة القبيلة" ينهار الحذر، وتنطلق رائحة التفاوت في المساحة ما بين الحضارات أو السياسات أو حتى القيم الاجتماعية، فالمسألة ليست ابتسامات هيلاري كلينتون "السياسية"، بل النموذج الذي ننسحب نحوه في "الحرية السياسية" كما يتخيلها البعض أو يراها أو حتى يُنظر لها.

نموذج الأنثى في السياسة لا يحتاج لـ"التشخيص" أو لكتابته على نسق واحد، فهو يبقى التعبير الذي يظهر عبر الإحصائيات الرسمية لـ"حرية المرأة"، وهو أيضا أكثر الأمور المجربة داخل مجتمعاتنا، لأننا نقفز أحيانا فوق المعايير فتظهر الأنثى داخل الحياة السياسية وفي حمى "جرائم الشرف" في وقت واحد، وتبدو المعادلة أصعب عندما ننطلق خارج السياسة فنتلمس الجرأة الحقيقية في أدب يسمى "نسوي"، بينما نشهد خلافا حادا حول "النقاب" يتصدر الصفحات والفضائيات وكأنه "القضية" التي لا نريد إنهاءها.

لكن نموذج "هيلاري كليبنتون" يمكن عزله عن السياسة، لأننا ربما نشمئز من الضحكات عندما نتذكر أنها تغلف "علاقات عامة"، في وقت تبقى في الذاكرة صرخات "هدى غالية" بعد أكثر من ثلاث سنوات على انطلاقتها على شواطئ غزة، فمسألة كلينتون ليست سياسية فقط بل هي أيضا صورة مزدوجة لزوجة رئيس سابق، وفي نفس الوقت لأنثى تحمل معها "مصالح" متشابكة، تجعلنا نقف مذعورين من القدرة على الفصل وعلى تجريد السياسة من "أحاسيس" اعتدنا على وسم الأنثى بها.

هذه الصورة هي الباقية من جولة "هيلاري كلينتون" التي مرت بها في الشرق الأوسط، وتوقفت عند "الاستيطان" دون أن تحجب ابتسامتها وكأنها "العلامة التجارية" للسياسة الخارجية الأمريكية، في مقابل "الذهول" أو "التذاكي" الذي يغطي وجوه البعض كعلامة أيضا لطبيعة "الاعتدال" الذي نهديه للعالم، فوزيرة الخارجية الأمريكية تحاول استبدال صورة سابقتها التي كانت تظهر وسط الأزمات بملامح قاسية، وبتصور أقسى ، لكن الفارق الوحيد الذي يمكن ملاحظته بين كوندليزا رايس وهيلاري كلينتون هو في تنوع تعابير الأنثى، أما على الجانب المقابل فإن "الاعتدال" لم يختلف، والصور الباقية من "هدى غالية" أو غيرها من أطفال حصدهم الاحتلال والاستيطان، فإنها تنغرس بداخلنا رغم كل "السعادة" التي تريد إقناعنا بها "هيلاري" من خلال عدم البخل بالابتسام أو حتى بالضحك، أو حتى الحركات التي توحي بالعنفوان والحيوية.

ليست مجرد سياسة بل محاولة النظر إلى الأنثى في السياسة... لكنها تبقى "صورا نمطية" طالما أننا ننظر إليها من بعيد، بينما نلتف على "حريمنا" ضمن "أبهى" شكل لـ"الاعتدال" الذكوري.