ليست ابتداعا ذاتيا، فنحن مغرمون بالحديث عن "الروابط الأسرية" وعن "صلة الرحم" وكأنها سمة ثقافية تخصنا فقط، بينما يغرق "الآخرون" بوحل من الافتراق والجحود ونكران الجميل، وأمام "الغرور" الخاص" الذي نمتطيه ربما لنبرر لأنفسنا قدرتنا على الثبات؛ فإن علينا فقط البحث في المجتمعات الأخرى ربما لنكتشف أن مسألة "الأسرة" هي في النهاية احتياج اجتماعي لا يخصنا، وأن العواطف البشرية لها سمات واحدة، وأن التفكك الأسري ليس نموذجا يمكن أن نسقطه فقط على الآخرين.....

لماذا نحن مغرمون بهذه المساحة الضيقة من البحث داخل أنفسنا، أو من اللعب على الثقافة التي تخصنا حتى نجعلها أكثر إبهارا لنا، بينما نعجز عن تفسير كم التناقض الذي يجتاحنا في التفاصيل الكثيرة التي تحيط عالمنا!!! ولماذا نحب النماذج الجاهزة التي تحول مجتمعنا لـ"أسرة" أو "عائلة"، في وقت أصبح الاجتماع البشري أعقد من "تجمع" عددي يمكن أن نقيس عليه مقدار "الاستقرار" الاجتماعي؟؟؟

غرورنا يشكل "نمطية" للعشق وللجنس ولحرية الأفراد التي أصبحت على مقياس العائلة التي نفكر بها وكأنها بنية ثابتة منذ العصور الوسطى، وغرورنا بـ"التقاليد العائلية" حول إبداعنا لنص تتساقط منه الحروف، وتغلف الجميع بمساحة رمادية تنتهي منها الدهشة، وتصبح مثل كل الكتب الصفراء التي تظهر على واجهات المكتبات، فنحتاج لمن يفسرها أو يشرحها لنا في حلقات خاصة، تسرق متعة المعرفة وتجعل عقولنا على قياس من رحلوا.

ربما يصعب علينا تخيل مجتمعات أخرى تملك نفس الحب والعشق والقدرة على الابتكار، أو تتواصل بشكل دائم وتملك حبا قادرا على البقاء والاستمرار، لكننا أيضا نعجز عن تفسير هذا النوع من الغرور الذي يجتاحنا فيخيل لنا أننا نملك مفاتيح خاصة في علاقاتنا الاجتماعية، وهي في الواقع بقايا من الصور التي برع بعض كتاب السيناريو في رسمها من خلال المسلسلات التي جعلتنا بالفعل نغلق على أنفسنا، أو نستفيض بالحديث عن الود الذي يربطنا.

في مدن أخرى هناك حب عارم... وعجائز يمشون بعد أكثر من ستين عاما على الزواج، وهناك علاقات أكثر من عابرة... علاقات تجعلنا نندهش لـ"صلة الرحم" التي تأخذ مساحة مختلفة عنا، لأنها صلة لا تملك سمة التسلط، أو الصدقة على الآخرين لأنهم يتواصلون رغم قسوة الحياة.... فالود الإنساني لا يملك هوية لكننا على ما يبدو نستخدمه لإثبات غرورنا ولتعميق تمسكنا بتراث أصبح مثل الخيال يلاحقنا لكننا لا نستطيع تلمسه.