هي التكوين الذي يرسم "فكرا افتراضيا"، ورجالا ونساء بموجات تعبر المحيطات لكنها تبقى مثل "الطيف" أو كـ"الأثير" الذي أنهاه العلم، ورفضه بعد أن بقي قناعة راسخة لفترات طويلة، فالمساحة الافتراضية لون لم نألفه بعد، أو حتى لم نستطع اعتياد قوانينه... عشوائيته.. فوضاه التي تتلاعب بنا بينما نقف على نفس المساحة الجغرافية....

في فضاء الإنترنيت لا معنى للرقم 87 ألف لأنه يبقى دون هوية، وربما المطلوب أن يبقى دون هوية، ودون بشر يتلقفون الكلمة ويناقشونها، فهو الإعلام الحديث الذي علينا اعتياده، وعلينا المغادرة مساء وكأن الأرقام أصبحت جزء من الأرقام الكونية، فمهما كبرت تبقى دون مساحة هذا الكون ونجومه وقدرته على الاستطالة والتحدب.

ربما بعد هذا الفضاء الافتراضي سأعرف كيف استطاعت مريم الإنجاب دون أن يمسها بشر، وكيف "هزت جذع النخلة" ...في لحظة الألم والمخاض والإرهاق . فهي على ما يبدو حالة كونية ... كوانتية... حالة من الاتساع الذي يصبح فيه الإنسان بعيدا بينما تغلفه الموجات والطاقة فتسقط الكلمات وكأنها "غبار كوني" مهمل أو منسي في زحمة المجرات...

لم يمسسني بشر لكن المسيح لن يأتي... ولن أعرف سر التواجد على مساحة "الافتراض" والمدونات والقدرة على خلق "رسالة إعلامية تائهة" تبدأ وتسير ثم تضيع مني ولا أعرف كيف تملكتني الجرأة فبدأت برسالة جديدة كي أتركها تسرح من جديد، ففي انعدام النظام علي أن أعيد ترتيب عقلي ومشاعري، وعلي أيضا أن أبني الصور التي تتلاءم مع هذا النوع "الإعلامي الضائع" أو التائه، طالما لم نعتد عليه أو لم يسجل "Best seller" مهما بلغ الإقبال عليه، فنحن أمام بداية "نهاية تاريخ" من نوع خاص، يصبح فيه الكتاب أكثر من الكلمات، والقدرة على التواصل باردة وربما من نفس جنس الكون الذي يبدو لنا مظلما من الأعلى رغم كل الشموس والنجوم التي تسبح به.

عليّ... أو علينا اعتياد هذا التواصل، وربما سنستطيع بعد زمن تفسير "الغيب" الذي يجعلنا مولعين بالإنترنيت، وبرفع حجم القراءات، رغم أننا لن نستطيع الوصول لهذا القارئ الذي سيدخل إلينا بشكل عشوائي، فيخصبنا من جديد، ثم نكتشف أنه زرع فينا غربة جديدة، وجعلنا نلد حياة لا تنتمي إلينا، ولكن اللوحة الكاملة هي "إخصاب" بكل الاتجاهات... وأفكار لا تحدها الرغبات البشرية، بل تنطلق نحو الجميع وتتناثر عبر الزمن لتشكل "مدونة الغرابة"... أو "مدونة التنوع"، وسيصبح من الصعب مستقبلا وضع "التراجم" أو تحديد "الأعلام" لكل قرن... فكل الناس هم أعلام، وكل من يضع تعليقا سيدخل في سجلات التراجم، وفي النهاية تبنى المدونة الجديدة بشكل أكثر صدقا من كل مروايات التاريخ، وحتى من كل الكتب التي نعتبرها مرجعية، لأنها مدونة تحمل معها أنفاس الحرية.