إذا تنحت السياسة جانبا فإنني أستطيع إعادة صياغة الكلمات من جديد لعيد لم يصبح روتينا رغم التكرار، وبقي معلقا على شريط من الذكريات ما بين الطفولة أو الحاضر، وما بين المدينة التي اعتدت عليها، وربما لم تعتد أن تبقى كما هي...
أملك الكثير من الصور التي أستطيع بها توديع البعض أو تحيتهم لكنني أبقى بعيدا لأنني مجبر على "الحديث السياسي"، وعلى التعامل مع "أجندة إعلامية" إن صح التعبير، وأتمنى خلال الأيام التي تنسحب من بين يدي أن أشتم أو أصرخ، لكنني أضطر لالتزام موضوعية ظل الأكاديميون يزرعونها في عقولنا كي نصبح "إعلاميين"، لكن على ما يبدو بقيت هذه الموضوعية في عقولنا فقط تقيد العواطف، وتتركنا هائمين لا نعرف متى نستطيع التحدث كما يحلو لنا.
وحدها الأعياد تترك لنا مساحة من البياض نصف فيه حروفنا على شاكلتنا، وعلى تفاصيل وجوهنا بعد أن تعبنا من "الحدث" وربما سئمنا من بيانات حقوق الإنسان والتصريحات الرسمية والعادية، وملامح السياسيين المجتمعين في باريس عشية العيد. فهل يُسمح لنا بإطلاق ما نريده أو التكلم بـ"صفاقة" بقيت مكبوتة داخلنا ومكبلة بـ"الموضوعية".
وحدهم الإعلاميون يعرفون أن وجوههم مزيفة وفق الحدث، وأن عواطفهم مؤجلة من أجل الموضعية، وأن لسانهم مضطر للحديث عن الشأن العام بينما شأنهم الخاص مدفون في أعماق قلوبهم... ووحدهم الإعلاميون ينتظرون الأعياد ليرتاحوا من إيقاع الحدث ويحاولون النظر لإيقاعهم الهامد بعد أن تكسرت في داخلهم عواطفهم لصالح المصدر "الرسمي" و "المضطلع" و "المقرب" وغيرها من الكلمات التي بدأت أخاطب بها حتى أطفالي.
الإعلاميون بشر مؤجلون... لأنهم شكلوا من "الأسئلة الخمس" .. بينما بقيت ذواتهم مجهولة لأن عالم الاتصال لا يسمح لغير الافتراضي بالعبور إلى الآخر... وعندما يأتي "العيد"، أيا كان هذا العيد يتمنى أن لا "يتصبح" بمشنقة يعلق عليها "رئيس مخلوع" من قوات الاحتلال... فيتحول العيد إلى نوع من الأسى وينقلب الغضب على هذا الرئيس إلى خلاف لا نستطيع التحرر منه...
كل عام والإعلاميون بخير.. والناس بخير.. والحدث الذي يلاحقنا بدلا من ان نلاحقه بخير... إنها كلمات ليست أخيرة لأن هموم الإعلام أيضا في هذه الكلمات التي تصبح في الأعياد إيقاعا نمارسه لكسر تقليد يقيدنا إلى الكومبيوتر ومواقع الإنترنيت وتجيد الصفحات وأخيرا متابعة موقع "Elxa" لنعرف انقرائية المواد التي نتعب القراء بها... وكل عام وأنتم بخير.....