هو عيد وعلينا تبادل التهاني، وهو يجرني نحو النقطة التي بدأت بها الأعياد كمكان لاستعادة اللحظة الأولى... أليس عيد الأضحى استرجاع دائم لظهور "الضحية".... لمحاولة ذبح اسماعيل الذي فداه الله... ففي النهاية تظهر الأعياد لـ"الإباحة" وترك النفس تفعل ما تريد مكافأة على الزمن الذي سبق، ففي رمضان هناك إفطار وفي الأضحى يتم كسر "الحرمة" التي سبقت الحج، وفي الفصح ينتهى التقنين والاقتصار على أكل الزيت، وفي عيدي أنا سأتكلم عما خبأته على مدار عام، أو ربما عقود طالما ان الأنثى تقتصر على البوح.
من سيضحك من كلماتي فهو حر لكنها تبقى سطور أريد أن أكتبها لأنها في النهاية تعبير عن ممارستي للعيد على شاكلتي، فهو غاب منذ زمن بشكله التقليدي، وربما لم يعد يحمل ألوان الفرح التي اعتدتها في صغري، وحتى في مراهقتي عندما كنت أشعر أنه مناسبة لرؤية الجميع وحتى لملامسة العشق عبر الاختلاط الذي لا يمل أصحاب التراث من تحذيرنا منه، وكأننا خلقنا على الأرض ممنوعات من الفرح أو حتى من انتعاش النفس ولو بحديث عابر يشعرنا أننا قادرات على مجاراة الذكور بالمرح أو حتى باللعب والمداورة في "الغزل".
ربما نجح البعض في كسر هذا الشكل من الفرح التلقائي، فانتهت عفوية اللقاءات، وأصبحت المنازل "مزنرة" بالعفة المبنية على وهم الكلمات، لذلك فعلي خلق فرحتي بشكل مختلف، وإذا استطعت المجابهة فربما أترك فراشي وانطلق مع حلمي صوب الاتجاهات الأربع لأزرع نفسي داخلها، وأكتب مجددا عن رغبتي المزدوجة في العشق وفي ترديد قصيدة نزار قباني "إلى فلسطين خذوني معكم"... هي نغمة قديمة غائبة أو مغيبة مثلها مثل الحرية والتحرر والعلمانية والعشق والنسوية، وهي حزمة لم تكن مريحة للبعض لكنها في المقابل كسرت حاجز الاستقرار أو الموت...
عندما أتحدث عن فلسطين في العيد فإنني أعيد "الخطاب الخشبي" باعتقاد البعض، ولكن أليس الزمن الفلسطيني هو الذي أحاطنا بهذا الكم من الأسماء التي خرقت حاجز المألوف، فهو الذي وضعنا أمام "ليلى خالد" و "عايشة عودة" و "مريم أبو دقة" و "فداء عبد الله"، وهذا الزمن هو الذي كسر المقولة الشهيرة "السلاح زينة الرجال"، وهو الذي وضعني أيضا على مساحة المسؤولية كنموذج يمكن أن يكون خارج إطار الحرية التقليدية...
إلى فلسطين خذوني معكم في يوم العيد لأنني أريد أن أطوف حول بياراتها لسبع مرات، وأنا أمارس السعي بين حيفا وأريحا، وأرمي الحجارة من وراء جدار العزل ثم أقف أمام غزة وأنا أرى قرابين بشرية... خذوني معكم لمساحة نستعيد فيها الأنوثة والتحرك والصراع من أجل الحياة.. من أجل بناء "الأمة"... بناء الديمقراطية أيضا... بناء الحداثة....