هي في البداية شأن يحتاج لقاموس كلمات جديد، فكلمة العذرية لم تعد سوى حروف تصطف كي تعيدنا لمساحات مجهولة، أو ظل نريد الاحتماء به لكنه يتحرك وفق عقارب الساعة، ثم نسأل أنفسنا من "سرقها" أو وضعها في خانة ربما لا علاقة لها بالأنثى، ف"العذرية" تخلق ردود الفعل الحقيقية، أو ربما دفاع ذاتي عن "انتهاك الخصوصية" تقدمها المرأة عندما تجد ضرورة لـ"أنسنة" ما تراه أمامها....

وفي صورة أخرى سنجد أن عذريتنا سُلبت دون تماس جنسي... ودون أن تنتشر الفضيحة ويهب رجال القبيلة للثأر، فهي انتهت بموت "فورة الدم" التي تضربنا في لحظات الحروب، بينما بقيت هذه الفورة عند أي شعور بأن الآخرين يريدون المساس بـ"بديهة" امتلاكنا للحقيقية"، وبأن كل فرد فينا هو "عالم" قائم بذاته ويشكل قوانينه وفق محور يدور في رأسه أو ربما بين ساقيه...

ليس بالضرورة لمن يريد سلب العذرية أن يقوم باغتصاب جنسي، فمن يهمش الآخرين أو ربما يقفز فوق أفكارهم يمارس نفس فعل الاغتصاب، وينهي لدى الطرف الآخر "حيوية الحياة" أو الرغبة في الابتكار والإبداع، ومن يحاول إقناعنا بأننا نحاكي العصر حتى في صورة الفردية القاتلة التي تتملكنا فهو ينتهك عذرية المجتمع وربما إمكانية ظهور فكر قادر على رسمنا من جديد...

لا أعرف لماذا نتبحر في مسألة "العذرية" وكأنها معجم لفهم الأنثى، بينما يقف الذكور وكأنهم لا يملكون هذا الأمر أو محرومون منه أو حتى أعفاهم الإله من تبعية حمله أينما ذهبوا، بينما يحتاج الجميع لعملية "الأنسنة" ولأن يحملوا معهم "بكارتهم" في كل تجربة جديدة، وعندما يسلبنا البعض أحقية التجربة فإنه ينهي الدهشة فينا، أو "يفض البكارة" دون أن يقوم بفعل مناف لأخلاق القبيلة والعشيرة و......

في عالمنا الصغير يمكن أن يصعد البعض ثم يصفعوننا بقدرتهم على أن يكونوا نجوم، أو يمتلكوا القدرة في سرقة "عذرية الجميع"، ذكورا وإناثا، حتى يصنعوا أمجادهم التي تزيد الوهم الذي يحلق فوقنا، فنحن ربما لا نملك حتى اللحظة سوى وهم التواجد على "خريطة العالم" وعلى مساحة الفكر أو حتى داخل "مشهد الحياة" الذي يبدو أنه مازال في عصر التراجيدية، ولم يدخل مرحلة "الحداثة الدرامية"....

وفي عالمنا الصغير أيضا تظهر غمامة قادرة على حجب الرؤية أو إقناع الآخرين بأنهم "معدومو البصيرة"، ثم يقومون بالاستلاب وبرسم الحياة على شاكلتهم أو على حدود أهوائهم التي لم تتجاوز محطات القرون الوسطى، وفي النهاية يغتالون الدهشة والجمال بأوراق مكومة على ذاكرتنا.... فهل هناك سرقة للعذرية أكثر من ذلك...