هي آخر الهموم لكنها الأكثر حضورا، لأن من يعتقد أننا محكومين بالقوانين، ومنها قانون الأحوال الشخصية، فإنه يقفز على اعتبارات "التفاصيل" التي تسرق الجميع، وتجعل من الثقافة الاجتماعية تخط قوانينها الخاصة، ثم ترسم لنا ملامح امرأة ورجل بشكل مختلف تماما.
صراع قانون الأحوال الشخصية كان ينتقل ما بين مساحات مختلفة للتفكير، لكنه يستقر في النهاية عن بنية "الوسطية" التي على ما يبدو أنها ترسم كل انحناءات الأجساد التي تتمايل على إيقاع الماضي، وتسير بدون أحلام أو حتى أمل بأن المستقبل ربما يكون أفضل، فإذا ما غرقنا داخل كل الحكايا التي حفظناها عن ظهر قلب، تلمع في الأفق ابتسامة وربما سيف لنهد يتطاول، ويعبد قراءة الجمال من جديد، فتنحني القوانين أمامه، لكننا نبقى خائفين من الجرأة التي تدخل حياتنا.
إنها القوانين التي يصفها أحدهم بـ"الطالبانية"، ثم نغرق بعد هذا المصطلح بالبحث عن المسؤول أو اللجان السرية، وننسى أن المسألة متكاملة، وأن عدم القدرة على تقبل قوانين تضعنا في قلب المستقبل تمثل نفس العجز الذي يجعل من "الوسطية" ميزة نتباهى بها، لكنها في النهاية حالة ما بين الجمال والقبح، ووضعية "خُنثى" لا تحمل أيا من الخصب الذي يضمن وجودنا، أو يؤمن حتى أقل المعايير لفرح الحياة.
هناك مسؤولون عن خنق الفيض الذي يشتعل فينا، وعن منع رسم الرموز التي يمكن أن تظهر مجددا في حياتنا، وهناك معرفة متنقلة تحاول حسم الصراع عند كل إنسان يريد ممارسة العبادة بغض النظر عن محاصرة "الشريعة" لعلاقاته مع المجتمع، فكل واحد نراه أمامنا يستحق الحياة، ويمكن أن ينطلق في التفكير أبعد مما نظن، لكن غمامة "المعرفة" الصفراء تتسرب إليه، أو تحاول أن تجعل منه "مُريدا" لكن من يستطيع "الصدح" عبر الإعلام ليؤطر الحياة ببنود سريعة.
مسودة قانون انهارت... أو أن واضعيها أرادوا لها أن تنهار في جدل يضع أفضليات داخل الماضي، فننتقي الأقرب للممارسة المستبدة بنا... لكن رغبة الحياة تبقى أقوى حتى ولو تشابكت خطوط الأمس أمام المراهقين فاختاروا الأسهل.. اختاروا الصراع على الماضي...