إنه يحاصرني مع الأسف... يحاول أن يعيد فهمي لنفسي، ويتسرب إلى الجغرافية الصفراء التي تمطرني بسيل من الأحكام الشرعية، لكنه جدار يناقض الحلم، ويكتبني في الزمن المخنث في قلب معادل التفوق بين الأجناس، أو يحمي "سيادة جسدي، وفي النهاية لن أستطيع التمييز بين ذاتي وبين الأرض، أو بين مناطق الحرام على جلدي وحساب السيادة أو الفتاوى، فأنا مشرعة للهواء والموت، ومفتوحة باتجاه حرية العيش تحت القصف أو في حمى التصريحات السياسية...

لا فرق بين الأرض المقسمة تحت قدمي والصراع على محيط جسدي وما تحت "الزنار" الذي يلف خصري، لأن ما يحدث سيبقى صفاقة أو تفاهة أو انهيار نحو الماضي، لكن التراب أسفل قدمي يضم جميع من سبقوني وربما سيكوّن من سيأتون لا حقا من الذكور والإناث، ومن الأجيال التي ترفض أن تسير في الزمن "المخنث" وفي وسطية البحث عن الحلول، لكن النهاية لن تكون قريبة، فهي ستبقى خارج الأشواك التي ظهرت على حريتي قبل أن نخسر الأرض، وقبل أن يغور فينا التاريخ فتصبح الفتاوى حدا فاصلا ما بين المستقبل والانهيار نحو الماضي...

سيفرح "القرضاوي" ومجمع الأزهر، وسيضحك أيمن الظواهري وأسامة بن لادن، وربما سيسعد جورج بوش الابن بالاحتكام القائم على الشريعة وبحرب الفتاوى التي تمتصنا فتجعلنا واقفين على "اختلاف أمتي رحمة"، لأن هذه الرحمة ربما تقلص حجم سكان غزة، أو تكسر الفرح الممتد على جانبي وطن بقي معلقا في أحلام الفقهاء، في وقت تفتك به السياسة...

على حدود الجدار الجديد ستظهر اللغة الجديدة، وسيفتح الزمن أبوابه لكل القادرين على خلق الخداع، وعلى الجري خارج زمني، لكن ما يغور في الأرض لن يقرر مصير الأحياء.. لن يقرر مصيري ولا مصير غزة... ولن يغلق النوافذ المشرعة للعشق والمقاومة والحرية التي تنطلق من عيون الناس نحو أرض تشكل بطيفها حرية فريدة رغم الحصار ورغم "الإسناد الشرعي" لحياتها ورغم الفتاوى التي ستصبح سطرا في كتاب فقه منسي...