ليس هناك عنوانا لمرحلة عربية، حتى ولو جاءت التصريحات عن لم شمل عربي، أو للوقوف "صفا واحدا لتحقيق مصالحنا" حسب تعبير وزير الخارجية السعودي، فالتحرك العربي يأتي دائما على مساحة من التكوين الدولي، ومن المستبعد ان تكون الاتصالات نشأت بفعل المساحة العربية الحقيقية على الأخص أنها بدأت بالرياض ثم القاهرة، وسبقها حملة إعلامية محورها إيران ثم القاعدة في اليمن.

وبالطبع فهناك خطر حقيقي على المنطقة، وفي الأفق ملامح سياسة ربما تخلق جبهات جديدة لكن المشكلة هي في نوعية الخطر الذي يعاد تشكيله وفق سياق "القاعدة" أو "الإرهاب"، والبدء بالبحث عن نقطة انطلاق للتسوية تنطلق اليوم من هذا "الخطر الافتراضي"، أو حتى المرسوم وفق سياق "حروب الإرهاب" في اليمن، فإذا أردنا الانطلاق لفهم التحرك السعودي فربما علينا تفكيك ما جرى في اليمن حتى اللحظة، وربطه بكل المكونات الدولية التي دعت إلى مؤتمر دولي، أو خصصت مساعدات عسكرية لبعض دول الخليج إضافة لمصر، وأخيرا علينا قراءة التصرف المصري الذي استفاق فجأة على ضرورة تحريك المصالحة الفلسطينية ولو بدور سعودي.

عمليا فإن الصحف الأمريكية التي تحدثت عن اليمن قامت بمقاربة وضعها بأفغانستان، ليس فقط من ناحية انتشار القاعدة بل أيضا بأشكال "الفساد السياسي"، ووجود القاعدة في اليمن ليس جديدا فهو أمر تم عزله على امتداد سنوات الماضية وربما منذ تفجير المدمرة كول قبالة السواحل اليمنية، فالاهتمام الأمريكي كان منصبا نحو أفغانستان ثم العراق، والصحوة باتجاه اليمن هي أيضا محاولة لـ"جدولة المخاطر" من جديد، وهو ما استدعى التحرك السعودي باتجاهين:

 الأول إعادة توزيع الأدوار السياسية في الموضوع الفلسطيني في ظل الحديث عن "المصالحة العربية"، حيث تظهر مسألة "الأفكار الأمريكية" أو "الأفكار المصرية" كغطاء لهذا الأمر لكن مثل هذه الأفكار التي لم تعلن تبدو وكأنها الإجراء الأكثر ملائمة لتشتيت الجبهات وتكوين محور جديد لـ"الاعتدال" في مقابل محور آخر سيصب بشكل تلقائي نحو "الإرهاب" الذي يغزو المنطقة من اليمن.

 الثاني هو ما أسماه سعود الفيصل إزالة الشكوك في لقاءه مع السيد خالد مشعل، فهي شكوك باتجاه إيران التي تقترب من استحقاق إقليمي وليس فقط محلي في حال تم فرض مزيد من العقوبات عليها، وعزل إيران عن الموضوع الفلسطيني هو هم سعودي قديم أنتج الكثير من المواقف التي حسمت عمليا قدرة المقاومة على عملية الاختيار أو التحرك السياسي.

عملية "لم الشمل" العربي كما يتحدثون عنها تجري بنفس الآلية التي تم عبرها خلق محاور داخل الشرق الأوسط خلال مرحلة الحرب على العراق، وتثبيت "المصلحة" ربما يبدأ بـ"جدولة المخاطر" وفق عملية الاحتلال القائم وليس على قاعدة البحث عن جبهات جديدة سواء في اليمن أو السودان أو حتى الصومال....