لم يكن علي اختيار اللحظات أو اقتناص المناسبات، فأنا لم أعتد الصمت أو التوقف في الظل بانتظار لحظات البوح، وعيد العشاق ربما يتخذ الشكل النمطي الذي يجعل الجميع قادرين على التباهي بالورود الحمراء، وفي اليوم التالي يدفنون ما تبقى من أشواق داخل الحياء الذي أصبح على ما يبدو سماء تظللنا.
وإذا ما انهار "فالنتاين" أمام الدعوات لهجره أاو نسيانه، أو حتى الهروب منه لأنه قادم من ثقافة غريبة فعلينا اختيار صور تحاول مصارعة الحب العذري والعشق الصامت والقصائد التي تتسرب إلينا لتتركنا في مساحة من العزلة رغم أن القلب ينشطر من العشق، والجسد تتقاسمه الرغبة، بينما يبدأ العد التنازلي لإحراق الحب داخل العقود التي تدعي تنظيم الأسرة وتأطير الجنس بمساحة لا تتجاوز جسدين، فهل يمكن للثورة التي يشعلها الجسد أن تنطفئ على قبول ورضا من جانبين يقدما مؤسسة عريقة أو يضعان "الأسرة" على مساحة من القدسية؟!
من يعرف العشق لا يمكنه انتظار "عيد" يكتب تقاليد إضافية أمام "الهوى" وفي مواجهة أنواع الوجد والحلم والخيال التي تنطلق فجأة وتقتحم الشرايين لتشعل عرسا دائما، وفورة دم تجعل للغضب وظائف أخرى وللقلق سماء ينتقل إليها، فهل أكتب أو نكتب عن حياء الحب، والعاشق المجهول الذي يترك وردة بالباب وربما سيبقى مجهولا بحكم الكبرياء وكأن العشق حلبة مصارعة يمكن لأحد أن يردي الآخر وجدا!
عندما تنتقل اللغة من المناسبة إلى ضجيج الحياة، ومن الكلمات إلى خفق جديد يترك كل خلية تنبض وتعيش تجربتها فإننا سندخل في ابتكار "الحب" وفي رميه داخل الكون كي يكتسب التحول الدائم، فمن الكون وإلى الكون ومن الصمت إلى الومضات التي تأتي فجأة فترسم الدهشة وتزرع القلق وتنقلنا إلى تحطيم "المرآة" التي تجعل الأشياء "طبوقة"، ففي العشق لا يمكننا البحث في فيزياء الجسد لأنه يتحول إلى عالم جديد يخترق المألوف ويعيد ترتيب الأزمنة.
أنتظر "فالنتاين" لتتغير المراهقة أو ترسم ذاتها على الوجوه، فهو يوم يمر بينما يشتعل الجميع دون أن يدركوا أنهم بدؤوا زمنا مختلفا، فهل هناك مكان للصمت في العشق؟ وهل يمكن تثقيف الجسد كي يتعلم المستقبل بدلا من اكتساب خبرة اللحظة؟ وهل سيصبح الحياء سمة كونية تجعل الحب ترفا صامتا ونظرات سريعة وأياما تمضي على دفن الرغبة؟
لا أحد يستطيع تعليمنا العشق أو جعلنا طلابا في مدرسة الحب، ففي النهاية علينا كسر الحياء وممارسة الحياة بأنفسنا لنصبح عشاقا أبديين....