يحتار في وصفي، ثم يقلب الأوجه الأربع للمرأة ولا يجد سوى قبلة أو يدا متعبة تلتصق على الخد، فأتذكر أن صعوبة الوصف هي في النهاية صورة لزمن مرهق، أو لمحة من تاريخ يبقى رغم كل الملامح الجميلة معلق بين السماء والأرض، فعندما أركب الحرية أعرف أن كل المسافات ستلاحقني وأن يوم المرأة عبث والبحث في تفاصيل النساء عبث واستثارة الذكور عبث.
وعندما يحاول أن يعيد كتابتي أكتشف ان الذكور لا يملكون سوى نظراتهم، فهم الغاضبون والموزعون على البحار يبحثون عن مجد هلامي، بينما تتناثر النساء وكأنهن عطايا من الله حباهن الغموض أو كتبن على جفون الرجال كي يبقى الأرق... فكيف سيصفني وأنا معلقة على وجهه!! أو يعيد تكويني وأنا أخرج من حياه!! فالأنوثة ليست "من علم ربي" كما يقول نزار قباني بل من فنون الرجال، لأنه كيف يصفها يجدها، وإلى أي اتجاه دارت سيلتفت إليها، وكلما صاحت تحرك في داخله القلق، أو حركه الحدث كي يعيد خلق "أنثاه" على شاكلته.
في يوم المرأة لا شيء سيعيدني - يعيدنا إلى الوراء، فنحن أبناء اللحظة، ومتوقفون في دائرة الوجود، فلا يستطيع وصفي إلا على إيقاع نشرة الأخبار، ثم لا يحلم إلا في اللحظة التي أتحول فيها إلى حقل ألغام، فيستمتع بالبحث بجمع الأوراق عن فكرة لجعل أنثاه على مساحة مفقودة من وطنه أو جسده، ثم يصنف الأفكار أو جسدي حسب التاريخ الذي خلقه، فاستعد لعشق جديد، وأعرف أن الزمن كلما ضغط على صدره استطاع ابتكار عشق مختلف أو نحتي على طريقة الفن الإيطالي، فأخرج وكأني صورة لآلهة تتباهى وسط الأيقونات المعلقة، ثم أدرك أنه لا يميز بين وجهي وسهول يافا، وأنه يضاجعني أو يمتطي الأرض التي يحلم بها، فهل أفرح به أم أحزن؟!! وهل أستطيع الهروب من نمطية العشق إلى مساحتنا التي تخترق الكون وتفكر بأكوان مشدودة لحزن إنساني؟!
يقولون إن العشق يتحرر من الجغرافية، وهو ممدد على جغرافية مشتعلة، فعشقه يحمل النزق الذي يميز الغضب، ويختزن فيه لون اخترعه لي أو ربما لحلمه الخاص منذ أن تعرف على زاوية خاصة في القدس، ثم ارتحل ليكتب اسمي في غزة، وأخيرا حط الرحال في دمشق، لكنه يتنقل بي، ويحاول وصفي وكأنني الغيمة التي تسير دون توقف ولا يحلو لها إلا ان تمطر في لحظة الوجد الأعلى عندما يتوحد جسدينا مع مساحة الأرض ومع القلق الذي يعتصرنا.
يوم المرأة لا يملك مكانا بيننا لأنه غريب عن الشوق الذي يشدنا باتجاه العيون المترقبة، والتلال التي مهما بدت بعيدة لكننا نعيش فيها رغم "المستوطنات" التي تنهار لحظة قرارانا بالعشق أو التحدي أو الغرق في عشق يكوننا في كل لحظة.