ليست خصبا أو عطاء أو ربة الينبوع التي تمنح الحياة للجميع، لأنها بذاتها فقط وبإرادتها، فعندما نقدم للأنثى "الرموز" ثم نحتفل على إيقاع "الاستهلاك" الطويل لهذا الجسد فإننا نعيد تكوين الصفات كي تبيح لنا الدخول إلى "الأنثى" وإعادة تلوينها وفق ما نريد... وفي اللحظة التي يبدأ فيها الطقس الاحتفالي فإن مهرجان التكريم هو "اعتذار" عما حدث، أو استباق لما يمكن أن يحدث لهذا الجسد الذي نراه بعد أن طحنته السنوات "عنوانا" للعطاء....

ما الذي تحمله "الأمومة" إذا قررت الأنثى عدم الإنجاب؟ وكيف يمكننا تحديد شكل وظيفي لجسد لا نملك أي حق في التحكم به؟ هناك جيل كامل في أوروبا قرر التوقف عن الإنجاب، وحكمته مسيرة النظرة الوجودية، وسواء كان مخطئا أو مصيبا فإنه امتلك "قوة التأنيث" في حجب الخصب، أو في التعبير عن الحياة التي اتخذت شكلا نمطيا منذ بدء الخليقة، فهل علينا التمرد على "الأمومة" التي تتداخل مع أجسادنا لكن الآخرين يصرون على "منحنا" إياها، وكأنها مزية علينا التباهي بها، أو تحميلها معنى إلى زمن الشيخوخة وإلى الفترة التي يصبح فيها "الوهج" مقترنا بكلمات التعزية التي تقدم لنا، فنكرر الأعياد ونحاول استنزاف اللغة كي تلد كلمات مشوهة لموضوع قديم.

في الأنثى فقط هناك هذا التميز القاسي ما بين المرأة والأم، وفي أحسن الحالات توضع المترادفات وكأنها صيغة لا نهائية للحديث عن جنس آخر علينا مراعاة خصوصيته، وفي التمييز أيضا نبدأ البحث عن مسارات "معنوية" لتصبح الأنثى هي الأرض، فأين سيقع الذكر؟ وأين ستتشكل داخل هذه الميثولوجيا صورة الأنثى التي تعشق لمجرد العشق، أو تتكون داخل الأرض لهيبا لأنها تريد المغامرة؟

هل نحن محكومون بالميثولوجيا؟ أو الأمثال الشعبية التي تبدأ بالجنة تحت أقدام الأمهات ولا تنتهي بمثل (لا يربى ولد حتى يفنى جسد )، فقوة التأنيث ربما تكسر قاعدة الأمومة وتنتقل نحو الخارطة الجديدة لأنثى انطلقت دون أن تحمل معها خط الأمومة وطاعة الزوجة، وتاريخ قيان بغداد أو علم الذكور في المضاجعة والكتابة والقانون....

أمهات دون ألقاب... أو خيال لأجساد تأن تحت وطأة المصطلح الذي رسمها وأرادها متنقلة ما بين العذرية والأمومة أو "العانس"، وفي التعبير الأقسى الغانية والزانية التي ترجم حتى وهي تقف عند حدود موت الكلمات.

يحق لنا الافتخار بلقب الأمومة أو حتى التخلي عنه.... ويحق لنا أن نقف عند حدود الذكور كي نفرض المصطلح الذي يعنينا ككائنات بشرية لديها خوفها وعشقها وترددها وحتى أخطائها.. ولديها في النهاية "الخيال" الذي يجعلها تكتب الأنثى بشكل مختلف.