بمجرد استعمال التأنيث فإننا سندخل في التمايز ولكننا مجبرات على رسم صورتنا وفق حالة مغايرة، وربما قادرات على التعامل مع هذا الموضوع ببراعة توازي موهبة القوانين في وضعنا داخل السلم الاجتماعي الموازي، فالتأنيث الطبيعي يتواجد حيث يبدأ القبول بالآخر أيا كان، أو حتى إذا أصبح نوعا من السير الطبيعي في العلاقات الشخصية دون أن يصح "الشيطان" جزءا من اللقاء، أو استكمالا لبروتوكول اجتماعي علينا الظهور به كي يتم استكمال المشهد الحضاري.

يمكن للتأنيث الطبيعي أن يجر معه كل أنوع الغزل الذي بقي ذكوريا حتى زمن متأخر، أو ملتفا على نفسه وكأنه ميزة الذكور في إبداع صور تزين الحياة، وكأننا غير قادرات على اكتشاف الجمال في جسد الذكر أو حضوره، أو أن الحياء أصبح متداخلا مع بيولوجيا الأنوثة، فهو القادر على استيعاب القدر الأكبر من الإطراء او التسلط، وهو يقف على الميزان الخاص بين "الهبات والعطايا" أو الثمن الخاص المكتوب في القوانين ابتداء من الإعالة وليس انتهاء ببيت الطاعة.

ربما نقف عند حدود مرسومة على الطريقة التي ندور فيها ضمن فلك أحادي لم يرسمه الذكر إنما التصور والرؤية لعالم كان أضيق بكثير مما نعرفه الآن، فلقاء الذكورة والأنوثة هو زاوية منفردة لا يتحد فيها أي صنف ثم نجد أنفسنا وفق هامش لن يجدي البحث في من أوجده، بل في طريقة استمراره عبر لغة وطريقة تفكير، وأحيانا من خلال رسم مشهد الحياة الذي يعتبر تجربة لن تتكرر، فيقف الذكور بتهذيب لحضورنا وفي المقلب الآخر هناك من هو قادر على افتراسنا أو تحميلنا "الجرم" الأخير في البشرية.

الأنوثة الطبيعية ليست امتلاك حق واحد بل ربما تصويب منهج المحادثة الذي يفترض أننا قادرات على التوقف مع أنفسنا كعناصر بشرية في الحياة وفي المضاجع، وعلى حدود الأدب أو أساليب الغزل واللذة، وحتى في شرعية القوانين التي تمنحنا بعض الحقوق وكأنها ثمن خاص لضعفنا أو لامتلاكنا مساحة خاصة لم نكن نرغب فيها لكنها أصحت جزء من التكوين الذي يعيد اناجنا جيلا بعد جيل.

نحن في الصورة النهائية منطق التأنيث الذي يضع لكل ذكر أنثاه بينما ينسى بأن الحياة في النهاية تصور فقط، وأن الحقيقة هي ما نكرسه ولا تملك أي شكل نهائي مطلق، فالتأنيث ليس بيولوجيا بقدر كونه عالما تم خلقه بشكل بطيء ثم واجهناه عندما أصبح الإنتاج يتطلب منا أن نكون جزء من صورة الحداثة.

وفي الصورة النهائية أيضا منطق آخر لن يتحقق إلا عندما يستخدم العالم خياله الجديد، ويحاول تجاوز منطق بأن الأرض مسطحه وأن النجوم مجرد شموع في السماء، عنده سندخل عالم الاحتمال حتى في الأنوثة، وربما سننتج رؤية تجعل التأنيث طبيعيا.